صفحة جزء
الباب الرابع في أحكام لحوم الضحايا .

واتفقوا على أن المضحي مأمور أن يأكل من لحم أضحيته ويتصدق ، لقوله تعالى : ( فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ) . وقوله تعالى : ( وأطعموا القانع والمعتر ) ولقوله صلى الله عليه وسلم في الضحايا : " كلوا وتصدقوا وادخروا " .

واختلف مذهب مالك هل يؤمر بالأكل والصدقة معا ، أم هو مخير بين أن يفعل أحد الأمرين ؟ ( أعني : أن يأكل الكل أو يتصدق بالكل ) ؟ وقال ابن المواز : له أن يفعل أحد الأمرين . واستحب كثير من العلماء أن يقسمها أثلاثا : ثلثا للادخار ، وثلثا للصدقة ، وثلثا للأكل ، لقوله عليه الصلاة والسلام : " فكلوا وتصدقوا وادخروا " . وقال عبد الوهاب في الأكل إنه ليس بواجب في المذاهب خلافا لقوم أوجبوا ذلك ، وأظن أهل الظاهر يوجبون تجزئة لحوم الضحايا إلى الأقسام الثلاثة التي يتضمنها الحديث .

والعلماء متفقون فيما علمت أنه لا يجوز بيع لحمها ، واختلفوا في جلدها وشعرها وما عدا ذلك مما ينتفع به منها ، فقال الجمهور : لا يجوز بيعه . وقال أبو حنيفة : يجوز بيعه بغير الدراهم والدنانير ( أي بالعروض ) . وقال عطاء : يجوز بكل شيء دراهم ودنانير وغير ذلك .

وإنما فرق أبو حنيفة بين الدراهم وغيرها ، لأنه رأى أن المعاوضة بالعروض هي من باب الانتفاع ، لإجماعهم على أنه يجوز أن ينتفع به .

وهذا القدر كاف في قواعد هذا الكتاب والحمد لله .

التالي السابق


الخدمات العلمية