صفحة جزء
المسألة الثالثة

[ المضمضة والاستنشاق ]

اختلفوا في المضمضة والاستنشاق في هذه الطهارة أيضا كاختلافهم فيهما في الوضوء ( أعني : هل هما واجبان فيها أم لا ؟ ) فذهب قوم إلى أنهما غير واجبين فيها ، وذهب قوم إلى وجوبهما ; وممن ذهب إلى عدم وجوبهما مالك والشافعي ، وممن ذهب إلى وجوبهما أبو حنيفة وأصحابه .

وسبب اختلافهم : معارضة ظاهر حديث أم سلمة للأحاديث التي نقلت من صفة وضوئه - عليه الصلاة والسلام - في طهره ، وذلك أن الأحاديث التي نقلت من صفة وضوئه في الطهر فيها المضمضة ، والاستنشاق ، وحديث أم سلمة ليس فيه أمر لا بمضمضة ولا باستنشاق ، فمن جعل حديث عائشة ، وميمونة مفسرا لمجمل حديث أم سلمة ، ولقوله تعالى : ( وإن كنتم جنبا فاطهروا ) أوجب المضمضة والاستنشاق ، ومن جعله معارضا جمع بينهما بأن حمل حديثي عائشة وميمونة على الندب ، وحديث أم سلمة على الوجوب ، ولهذا السبب بعينه اختلفوا في تخليل الرأس هل هو واجب في هذه الطهارة أم لا ؟ ومذهب مالك أنه مستحب ، ومذهب غيره أنه واجب ، وقد عضد مذهبه من أوجب التخليل بما روي عنه - عليه الصلاة والسلام - أنه قال : " تحت كل شعرة جنابة فأنقوا البشرة وبلوا الشعر " .

التالي السابق


الخدمات العلمية