صفحة جزء
بسم الله الرحمن الرحيم

الجزء الثاني . كتاب النكاح

- وأصول هذا الكتاب تنحصر في خمسة أبواب :

[ ص: 393 ] الباب الأول : في مقدمات النكاح .

الباب الثاني : في موجبات صحة النكاح .

الباب الثالث : في موجبات الخيار في النكاح .

الباب الرابع : في حقوق الزوجية .

الباب الخامس : في الأنكحة المنهي عنها والفاسدة .

الباب الأول في مقدمات النكاح .

- وفي هذا الباب أربع مسائل : في حكم النكاح ، وفي حكم خطبة النكاح ، وفي الخطبة على الخطبة ، وفي النظر إلى المخطوبة قبل التزويج .

[ المسألة الأولى ]

[ حكم النكاح ]

فأما حكم النكاح : فقال قوم : هو مندوب إليه ، وهم الجمهور . وقال أهل الظاهر : هو واجب . وقالت المتأخرة من المالكية : هو في حق بعض الناس واجب ، وفي حق بعضهم مندوب إليه ، وفي حق بعضهم مباح ، وذلك بحسب ما يخاف على نفسه من العنت .

وسبب اختلافهم : هل تحمل صيغة الأمر به في قوله تعالى : ( فانكحوا ما طاب لكم من النساء ) ; وفي قوله عليه الصلاة والسلام : " تناكحوا فإني مكاثر بكم الأمم " ; وما أشبه ذلك من الأخبار الواردة في ذلك على الوجوب أم على الندب أم على الإباحة ؟ .

فأما من قال إنه في حق بعض الناس واجب ; وفي حق بعضهم مندوب إليه ; وفي حق بعضهم مباح ; فهو التفات إلى المصلحة ، وهذا النوع من القياس هو الذي يسمى المرسل ، وهو الذي ليس له أصل معين يستند إليه ، وقد أنكره كثير من العلماء ، والظاهر من مذهب مالك القول به .

[ المسألة الثانية ]

[ خطبة النكاح ]

وأما خطبة النكاح المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال الجمهور : إنها ليست واجبة ، وقال داود : هي واجبة . وسبب الخلاف : هل يحمل فعله في ذلك عليه الصلاة والسلام على الوجوب أو على الندب ؟ .

[ المسألة الثالثة ]

[ الخطبة على الخطبة ]

فأما الخطبة على الخطبة : فإن النهي في ذلك ثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام .

واختلفوا هل يدل ذلك على فساد المنهي عنه أو لا يدل ، وإن كان يدل ففي أي حالة يدل ؟ فقال داود : يفسخ . وقال الشافعي ، وأبو حنيفة : لا يفسخ . وعن مالك القولان جميعا ، وثالث وهو أن يفسخ قبل [ ص: 394 ] الدخول ولا يفسخ بعده ، وقال ابن القاسم : إنما معنى النهي إذا خطب رجل صالح على خطبة رجل صالح ، وأما إن كان الأول غير صالح والثاني صالحا جاز .

وأما الوقت عند الأكثر فهو إذا ركن بعضهم إلى بعض لا في أول الخطبة ، بدليل حديث فاطمة بنت قيس : " حيث جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له أن أبا جهم بن حذيفة ، ومعاوية بن أبي سفيان خطباها ، فقال : أما أبو جهم فرجل لا يرفع عصاه عن النساء ، وأما معاوية فصعلوك لا مال له ، ولكن انكحي أسامة " .

[ المسألة الرابعة ]

[ النظر إلى المخطوبة ]

وأما النظر إلى المرأة عند الخطبة ، فأجاز ذلك مالك إلى الوجه والكفين فقط . وأجاز ذلك غيره إلى جميع البدن عدا السوأتين . ومنع ذلك قوم على الإطلاق . وأجاز أبو حنيفة النظر إلى القدمين مع الوجه والكفين .

والسبب في اختلافهم : أنه ورد الأمر بالنظر إليهن مطلقا ، وورد بالمنع مطلقا ، وورد مقيدا : ( أعني بالوجه والكفين ) على ما قاله كثير من العلماء في قوله تعالى : ( ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ) إنه الوجه والكفان ، وقياسا على جواز كشفهما في الحج عند الأكثر ، ومن منع تمسك بالأصل وهو تحريم النظر إلى النساء .

التالي السابق


الخدمات العلمية