صفحة جزء
الموضع الثاني

[ في صفة الولي ]

وأما النظر في الصفات الموجبة للولاية والسالبة لها ، فإنهم اتفقوا على أن من شرط الولاية : الإسلام ، والبلوغ ، والذكورة . وأن سوالبها أضداد هذه ( أعني : الكفر والصغر والأنوثة ) .

واختلفوا في ثلاثة : في العبد والفاسق والسفيه :

فأما العبد : فالأكثر على منع ولايته ، وجوزها أبو حنيفة .

وأما الرشد : فالمشهور في المذهب ( أعني : عند أكثر أصحاب مالك ) أن ذلك ليس من شرطها ( أعني : الولاية ) ، وبه قال أبو حنيفة . وقال الشافعي : ذلك من شرطها ، وقد روي عن مالك مثل قول الشافعي ، وبقول الشافعي قال أشهب ، وأبو مصعب .

وسبب الخلاف : تشبيه هذه الولاية بولاية المال . فمن رأى أنه قد يوجب الرشد في هذه الولاية مع عدمه في المال قال : ليس من شرطه أن يكون رشيدا في المال . ومن رأى أن ذلك ممتنع الوجود قال : [ ص: 402 ] لا بد من الرشد في المال ، وهما قسمان كما ترى ( أعني : أن الرشد في المال غير الرشد في اختيار الكفاءة لها ) .

وأما العدالة فإنما اختلفوا فيها من جهة أنها نظر للمعنى ( أعني : هذه الولاية ) ، فلا يؤمن مع عدم العدالة أن لا يختار لها الكفاءة . وقد يمكن أن يقال إن الحالة التي بها يختار الأولياء لمولياتهم الكفء غير حالة العدالة ، وهي خوف لحوق العار بهم ، وهذه هي موجودة بالطبع ، وتلك العدالة الأخرى مكتسبة ، ولنقص العبد يدخل الخلاف في ولايته كما يدخل في عدالته .

التالي السابق


الخدمات العلمية