صفحة جزء
الباب الثالث

في أحكام هذين الحدثين ( أعني الجنابة والحيض )

أما أحكام الحدث الذي هو الجنابة ، ففيه ثلاث مسائل :

[ ص: 45 ] المسألة الأولى

[ دخول المسجد ]

اختلف العلماء في دخول المسجد للجنب على ثلاثة أقوال : فقوم منعوا ذلك بإطلاق ، وهو مذهب مالك وأصحابه ; وقوم منعوا ذلك إلا لعابر فيه لا مقيم ، ومنهم الشافعي ; وقوم أباحوا ذلك للجميع ، ومنهم داود وأصحابه فيما أحسب .

وسبب اختلاف الشافعي وأهل الظاهر : هو تردد قوله - تبارك وتعالى - : ( ياأيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى ) الآية ، بين أن يكون في الآية مجاز حتى يكون هنالك محذوف مقدر ، وهو موضع الصلاة : أي لا تقربوا موضع الصلاة ، ويكون عابر السبيل استثناء من النهي عن قرب موضع الصلاة ، وبين أن لا يكون هنالك محذوف أصلا ، وتكون الآية على حقيقتها ، ويكون عابر السبيل هو المسافر الذي عدم الماء ، وهو جنب ، فمن رأى أن في الآية محذوفا أجاز المرور للجنب في المسجد ، ومن لم ير ذلك لم يكن عنده في الآية دليل على منع الجنب الإقامة في المسجد .

وأما من منع العبور في المسجد فلا أعلم له دليلا إلا ظاهر ما روي عنه - عليه الصلاة والسلام - أنه قال : " لا أحل المسجد لجنب ، ولا حائض " وهو حديث غير ثابت عند أهل الحديث .

واختلافهم في الحائض في هذا المعنى هو اختلافهم في الجنب .

التالي السابق


الخدمات العلمية