صفحة جزء
الفصل الثاني

في خيار الإعسار بالصداق والنفقة

- واختلفوا في الإعسار بالصداق : فكان الشافعي يقول : تخير إذا لم يدخل بها ، وبه قال مالك . واختلف أصحابه في قدر التلوم له ; فقيل : ليس له في ذلك حد ، وقيل : سنة ، وقيل : سنتان ، وقال أبو حنيفة : هي غريم من الغرماء لا يفرق بينهما ويؤخذ بالنفقة ، ولها أن تمنع نفسها حتى يعطيها المهر .

وسبب اختلافهم : تغليب شبه النكاح في ذلك بالبيع ، أو تغليب الضرر اللاحق للمرأة في ذلك من عدم الوطء ، تشبيها بالإيلاء والعنة .

وأما الإعسار بالنفقة : فقال مالك والشافعي ، وأحمد ، وأبو ثور ، وأبو عبيد وجماعة : يفرق بينهما ، وهو مروي عن أبي هريرة ، وسعيد بن المسيب . وقال أبو حنيفة ، والثوري : لا يفرق بينهما ، وبه قال أهل الظاهر .

وسبب اختلافهم : تشبيه الضرر الواقع من ذلك بالضرر الواقع من العنة ، لأن الجمهور على القول بالتطليق على العنين ، حتى لقد قال ابن المنذر : إنه إجماع ، وربما قالوا : النفقة في مقابلة الاستمتاع ، بدليل أن الناشز لا نفقة لها عند الجمهور ، فإذا لم يجد النفقة سقط الاستمتاع ، فوجب الخيار . وأما من لا يرى القياس فإنهم قالوا قد ثبتت العصمة بالإجماع ، فلا تنحل إلا بإجماع ، أو بدليل من كتاب الله أو سنة نبيه ، فسبب اختلافهم : معارضة استصحاب الحال للقياس .

التالي السابق


الخدمات العلمية