صفحة جزء
المسألة الثالثة من الأركان

[ المضمضة والاستنشاق ]

اختلفوا في المضمضة والاستنشاق في الوضوء على ثلاثة أقوال : [ ص: 14 ] قول : إنهما سنتان في الوضوء ، وهو قول مالك والشافعي وأبي حنيفة ، وقول : إنهما فرض فيه ، وبه قال ابن أبي ليلى وجماعة من أصحاب داود ، وقول : إن الاستنشاق فرض والمضمضة سنة ، وبه قال أبو ثور وأبو عبيدة وجماعة من أهل الظاهر ، وسبب اختلافهم في كونها فرضا أو سنة : اختلافهم في السنن الواردة في ذلك ، هل هي زيادة تقتضي معارضة آية الوضوء أو لا تقتضي ذلك ؟ فمن رأى أن هذه الزيادة إن حملت على الوجوب اقتضت معارضة الآية ، إذ المقصود من الآية تأصيل هذا الحكم وتبيينه - أخرجها من باب الوجوب إلى باب الندب .

ومن لم ير أنها تقتضي معارضة حملها على الظاهر من الوجوب ، ومن استوت عنده هذه الأقوال والأفعال في حملها على الوجوب لم يفرق بين المضمضة والاستنشاق ، ومن كان عنده القول محمولا على الوجوب والفعل محمولا على الندب فرق بين المضمضة والاستنشاق ، وذلك أن المضمضة نقلت من فعله - عليه الصلاة والسلام - ولم تنقل من أمره . وأما الاستنشاق فمن أمره - عليه الصلاة والسلام - وفعله ، وهو قوله - عليه الصلاة والسلام - : " إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ، ثم لينثر ، ومن استجمر فليوتر " خرجه مالك في موطئه ، والبخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية