[ شروط الهبة ]  
وأما الشروط فأشهرها القبض ( أعني : أن العلماء اختلفوا  
هل القبض شرط في صحة العقد أم لا ؟     ) فاتفق  
 nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري  ،  
 nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي  ،  
وأبو حنيفة  أن من شرط صحة الهبة القبض ، وأنه إذا لم يقبض لم يلزم الواهب . وقال  
مالك     : ينعقد بالقبول ويجبر على القبض كالبيع سواء ، فإن تأنى الموهوب له عن طلب القبض حتى أفلس الواهب أو مرض بطلت الهبة ، وله إذا باع تفصيل : إن علم فتوانى لم يكن له إلا الثمن ، وإن قام في الفور كان له الموهوب .  
فمالك     : القبض عنده في الهبة من شروط التمام لا من شروط الصحة ، وهو عند  
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي  ،  
وأبي حنيفة  من شروط الصحة . وقال  
أحمد  ،  
 nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور     : تصح الهبة بالعقد ، وليس القبض من شروطها أصلا ، لا من شرط تمام ولا من شرط صحة ، وهو قول  
أهل الظاهر      . وقد روي عن  
 nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل  أن القبض من شروطها في المكيل والموزون .   
[ ص: 664 ] فعمدة من لم يشترط القبض في الهبة تشبيهها بالبيع ، وأن الأصل في العقود أن لا قبض مشترط في صحتها حتى يقوم الدليل على اشتراط القبض .  
وعمدة من اشترط القبض أن ذلك مروي عن  
أبي بكر     - رضي الله عنه - في حديث هبته  
لعائشة  المتقدم ، وهو نص في اشتراط القبض في صحة الهبة . وما روى  
مالك  عن  
عمر  أيضا أنه قال : ما بال رجال ينحلون أبناءهم نحلا ثم يمسكونها ، فإن مات ابن أحدهم قال : مالي بيدي لم أعطه أحدا ، وإن مات قال هو لابني قد كنت أعطيته إياه ، فمن نحل نحلة فلم يحزها الذي نحلها للمنحول له وأبقاها حتى تكون إن مات لورثته فهي باطلة  ، وهو قول  
علي  ، قالوا : وهو إجماع من الصحابة ; لأنه لم ينقل عنهم في ذلك خلاف .  
وأما  
مالك  فاعتمد الأمرين جميعا : ( أعني : القياس وما روي عن الصحابة ) وجمع بينهما ، فمن حيث هي عقد من العقود لم يكن عنده شرطا من شروط صحتها القبض ، ومن حيث شرطت الصحابة فيه القبض لسد الذريعة التي ذكرها  
عمر  جعل القبض فيها من شرط التمام ، ومن حق الموهوب له ، وأنه إن تراخى حتى يفوت القبض بمرض أو إفلاس على الواهب سقط حقه .  
وجمهور فقهاء الأمصار على أن الأب يحوز لابنه الصغير الذي في ولاية نظره ، وللكبير السفيه الذي ما وهبه ، كما يحوز لهما ما وهبه غيره لهم ، وأنه يكفي في الحيازة له إشهاده بالهبة والإعلان بذلك ، وذلك كله فيما عدا الذهب والفضة وفيما لا يتعين .  
والأصل في ذلك عندهم ما رواه  
مالك  عن  
 nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب  عن  
 nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب  أن  
 nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان  قال : من نحل ابنا له صغيرا لم يبلغ أن يحوز نحلته فأعلن ذلك وأشهد عليه فهي حيازة وإن وليها  ، وقال  
مالك  وأصحابه : لا بد من الحيازة في المسكون والملبوس ، فإن كانت دارا سكن فيها خرج منها ، وكذلك الملبوس إن لبسه بطلت الهبة ، وقالوا في سائر العروض بمثل قول الفقهاء ( أعني : أنه يكفي في ذلك إعلانه وإشهاده ) ، وأما الذهب والورق فاختلفت الرواية فيه عن  
مالك  ، فروي عنه أنه لا يجوز إلا أن يخرجه الأب عن يده إلى يد غيره ، وروي عنه أنه يجوز إذا جعلها في ظرف أو إناء وختم عليها بخاتم وأشهد على ذلك الشهود .  
ولا خلاف بين أصحاب  
مالك  أن الوصي يقوم في ذلك مقام الأب . واختلفوا في الأم; فقال  
ابن القاسم     : لا تقوم مقام الأب ، ورواه عن  
مالك  ، وقال غيره من أصحابه : تقوم ، وبه قال  
أبو حنيفة  ، وقال  
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي     : الجد بمنزلة الأب ، والجدة عند  
ابن وهب     - أم الأم - تقوم مقام الأم ، والأم عنده تقوم مقام الأب .