صفحة جزء
المسألة الثانية

[ أجزاء الميتة ]

وكما اختلفوا في أنواع الميتات كذلك اختلفوا في أجزاء ما اتفقوا عليه أنه ميتة ، وذلك أنهم اتفقوا على أن اللحم من أجزاء الميتة ميتة .

واختلفوا في العظام والشعر ، فذهب الشافعي إلى أن العظم والشعر ميتة ، وذهب أبو حنيفة إلى أنهما ليسا بميتة ، وذهب مالك للفرق بين الشعر والعظم فقال : إن العظم ميتة وليس الشعر ميتة .

وسبب اختلافهم : هو اختلافهم فيما ينطلق عليه اسم الحياة من أفعال الأعضاء . فمن رأى أن النمو والتغذي هو من أفعال الحياة قال : إن الشعر والعظام إذا فقدت النمو والتغذي فهي ميتة .

ومن رأى أنه لا ينطلق اسم الحياة إلا على الحس قال : إن الشعر والعظام ليست بميتة ; لأنها لا حس لها .

[ ص: 69 ] ومن فرق بينهما أوجب للعظام الحس ولم يوجب للشعر .

وفي حس العظام اختلاف ، والأمر مختلف فيه بين الأطباء ، ومما يدل على أن التغذي والنمو ليسا هما الحياة التي يطلق على عدمها اسم الميتة ، أن الجميع قد اتفقوا على أن ما قطع من البهيمة وهي حية أنه ميتة لورود ذلك في الحديث وهو قوله - عليه الصلاة والسلام - : " ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميتة " ، واتفقوا على أن الشعر إذا قطع من الحي أنه طاهر ، ولو انطلق اسم الميتة على من فقد التغذي والنمو لقيل في النبات المقلوع إنه ميتة ، وذلك أن النبات فيه التغذي والنمو ، وللشافعي أن يقول إن التغذي الذي ينطلق على عدمه اسم الموت هو التغذي الموجود في الحساس .

التالي السابق


الخدمات العلمية