صفحة جزء
بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما

كتاب الحرابة

والأصل في هذا الكتاب قوله تعالى : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ) الآية . وذلك أن هذه الآية عند الجمهور هي في المحاربين . وقال بعض الناس : إنها نزلت في النفر الذين ارتدوا في زمان النبي - عليه الصلاة والسلام - واستاقوا الإبل ، فأمر بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقطعت أيديهم وأرجلهم وسملت أعينهم .

والصحيح أنها في المحاربين لقوله تعالى : ( إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم ) وليس عدم القدرة عليهم مشترطة في توبة الكفار فبقي أنها في المحاربين .

والنظر في أصول هذا الكتاب ينحصر في خمسة أبواب :

أحدها : النظر في الحرابة .

والثاني : النظر في المحارب .

والثالث : فيما يجب على المحارب .

والرابع : في مسقط الواجب عنه وهي التوبة .

والخامس : بماذا تثبت هذه الجناية .

الباب الأول

في النظر في الحرابة

فأما الحرابة ، فاتفقوا على أنها إشهار السلاح وقطع السبيل خارج المصر ، واختلفوا فيمن حارب داخل المصر ، فقال مالك : داخل المصر وخارجه سواء ، واشترط الشافعي الشوكة ، وإن كان لم يشترط العدد ، وإنما معنى الشوكة عنده قوة المغالبة ، ولذلك يشترط فيها البعد عن العمران ; لأن المغالبة إنما تتأتى بالبعد عن العمران ، وكذلك يقول الشافعي : أنه إذا ضعف السلطان ووجدت المغالبة في المصر كانت محاربة ، [ ص: 764 ] وأما غير ذلك فهو عنده اختلاس ، وقال أبو حنيفة : لا تكون المحاربة في المصر .

التالي السابق


الخدمات العلمية