صفحة جزء
المسألة السادسة من التحديد

[ مسح الرأس ] اتفق العلماء على أن مسح الرأس من فروض الوضوء ، واختلفوا في القدر المجزئ منه . فذهب مالك إلى أن الواجب مسحه كله ، وذهب الشافعي وبعض أصحاب مالك وأبو حنيفة إلى أن مسح بعضه هو الفرض ، ومن أصحاب مالك من حد هذا البعض بالثلث ، ومنهم من حده بالثلثين ، وأما أبو حنيفة فحده بالربع ، وحد مع هذا القدر من اليد الذي يكون به المسح ، فقال : إن مسحه بأقل من ثلاثة أصابع لم يجزه . وأما الشافعي فلم يحد في الماسح ولا في الممسوح حدا .

وأصل هذا الاختلاف الاشتراك الذي في الباء في كلام العرب ، وذلك أنها مرة تكون زائدة مثل قوله تعالى : ( تنبت بالدهن ) على قراءة من قرأ " تنبت " بضم التاء وكسر الباء من " أنبت " ، ومرة تدل على التبعيض مثل قول القائل : أخذت بثوبه وبعضده ، ولا معنى لإنكار هذا في كلام العرب ( أعني كون الباء مبعضة ) وهو قول الكوفيين من النحويين .

[ ص: 16 ] فمن رآها زائدة أوجب مسح الرأس كله ; ومعنى الزائدة ههنا كونها مؤكدة ، ومن رآها مبعضة أوجب مسح بعضه ، وقد احتج من رجح هذا المفهوم بحديث المغيرة " أن النبي - عليه الصلاة والسلام - توضأ فمسح بناصيته وعلى العمامة " خرجه مسلم .

وإن سلمنا أن الباء زائدة بقي ههنا أيضا احتمال آخر ، وهو هل الواجب الأخذ بأوائل الأسماء أو بأواخرها .

التالي السابق


الخدمات العلمية