صفحة جزء
المسألة الثالثة

وأما هذه الأوقات : ( أعني أوقات الضرورة ) ، فاتفقوا على أنها لأربع : [ ص: 87 ] 1 - للحائض تطهر في هذه الأوقات أو تحيض في هذه الأوقات وهي لم تصلي . 2 - والمسافر يذكر الصلاة في هذه الأوقات وهو حاضر ، أو الحاضر يذكرها فيها وهو مسافر . 3 - والصبي يبلغ فيها . 4 - والكافر يسلم .

واختلفوا في المغمى عليه فقال مالك والشافعي : هو كالحائض من أهل هذه الأوقات ; لأنه لا يقضي عندهم الصلاة التي ذهب وقتها .

وعند أبي حنيفة أنه يقضي الصلاة فيما دون الخمس ، فإذا أفاق عنده من إغمائه متى ما أفاق قضى الصلاة .

وعند الآخر أنه إذا أفاق في أوقات الضرورة لزمته الصلاة التي أفاق في وقتها ، وإذا لم يفق فيها لم تلزمه الصلاة ، وستأتي مسألة المغمى عليه فيما بعد ، واتفقوا على أن المرأة إذا طهرت في هذه الأوقات إنما تجب عليها الصلاة التي طهرت في وقتها ، فإن طهرت عند مالك وقد بقي من النهار أربع ركعات لغروب الشمس إلى ركعة فالعصر فقط لازمة لها وإن بقي خمس ركعات فالصلاتان معا .

وعند الشافعي إن بقي ركعة للغروب ، فالصلاتان معا كما قلنا ، أو تكبيرة على القول الثاني له ، وكذلك الأمر عند مالك في المسافر الناسي يحضر في هذه الأوقات ، أو الحاضر يسافر ، وكذلك الكافر يسلم في هذه الأوقات : ( أعني أنه تلزمهم الصلاة ) وكذلك الصبي يبلغ ، والسبب في أن جعل مالك الركعة جزءا لآخر الوقت ، وجعل الشافعي جزء الركعة حدا مثل التكبيرة منها أن قوله - عليه الصلاة والسلام - " من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر " ، وهو عند مالك من باب التنبيه بالأقل على الأكثر ، وعند الشافعي من باب التنبيه بالأكثر على الأقل ، وأيد هذا بما روي " من أدرك سجدة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر " فإنه فهم من السجدة ههنا جزءا من الركعة ، وذلك على قوله الذي قال فيه : من أدرك منهم تكبيرة قبل الغروب أو الطلوع فقد أدرك الوقت .

ومالك يرى أن الحائض إنما تعتد بهذا الوقت بعد الفراغ من طهرها ، وكذلك الصبي يبلغ ، وأما الكافر يسلم فيعتد له بوقت الإسلام دون الفراغ من الطهر ، وفيه خلاف .

والمغمى عليه عند مالك كالحائض ، وعند عبد الملك كالكافر يسلم ، ومالك يرى أن الحائض إذا حاضت في هذه الأوقات ، وهي لم تصلي بعد أن القضاء ساقط عنها ، والشافعي يرى أن القضاء واجب عليها ، وهو لازم لمن يرى أن الصلاة تجب بدخول أول الوقت ; لأنها إذا حاضت وقد مضى من الوقت ما يمكن أن تقع فيه الصلاة فقد وجبت عليها الصلاة ، إلا أن يقال إن الصلاة إنما تجب بآخر الوقت ، وهو مذهب أبي حنيفة لا مذهب مالك ، فهذا كما ترى لازم لقول أبي حنيفة ( أعني : جاريا على أصوله لا على أصول قول مالك ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية