صفحة جزء
[ ص: 394 ]

ورد ، بأن أفعاله تعالى لا تعلل ، ويجوز أن تكون الحكمة صبر المكلف عنها فيثاب ، وخلوه عن مفسدة ممنوع ، إذ هو تصرف في ملك الغير كالشاهد .


قوله : " ورد " إلى آخره . أي : رد هذا الاستدلال وأبطل بأنه مبني على أن أفعال الله سبحانه وتعالى معللة بالأغراض والعلل وذلك ممنوع ، فلا يصح قولهم : خلقها لا لحكمة عبث ، بل أفعاله سبحانه وتعالى لا تعلل ، فجاز أنه خلقها كما شاء ، وتعبدنا باجتنابها تعبدا محضا .

سلمنا أن أفعاله سبحانه وتعالى معللة ، وأن لابد لها من حكمة ظاهرة ، لكن لا نسلم انحصار الحكمة في انتفاعنا بها ، بل جاز أن تكون الحكمة في خلقها امتحان المكلف بالصبر عنها ليثاب عليه ، كما قال سبحانه وتعالى : ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم [ محمد : 31 ] ، وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا [ الإنسان : 12 ] ، أي : بما صبروا عن الشهوات وعلى الطاعات .

وأما خلو الانتفاع بها عن مفسدة فممنوع ، بل فيه مفسدتان :

إحداهما : بطلان مقصود الامتحان المذكور .

الثانية : أنه تصرف في ملك الغير بغير إذنه ، محظورا كالشاهد ، فإن الواحد منا لا يجوز له أكل طعام غيره أو شرب شرابه ، أو ركوب دابته أو لبس ثوبه بغير إذنه ، فكذلك محل النزاع .

التالي السابق


الخدمات العلمية