صفحة جزء
[ ص: 103 ] الثاني : الآحاد ، وهو ما عدم شروط التواتر أو بعضها . وعن أحمد - رحمه الله - في حصول العلم به ، قولان :

الأظهر : لا . وهو قول الأكثرين .

والثاني : نعم . وهو قول جماعة من المحدثين . وقيل : محمول على ما نقله آحاد الأئمة المتفق على عدالتهم وثقتهم وإتقانهم من طرق متساوية ، وتلقته الأمة بالقبول ، كأخبار الشيخين : الصديق ، والفاروق ، رضي الله عنهما ، ونحوهما .


قوله : " الثاني " ، أي : القسم الثاني من قسمي الخبر : " الآحاد " .

قوله : " وهو : ما عدم شروط التواتر أو بعضها " ، هذا تعريف لخبر الواحد ، أي : هو ما فقدت فيه شروط التواتر ، بأن كان إخبارا عن غير محسوس ، أو رواية ممن يجوز الكذب عليه عادة ; لكونه واحدا في الحقيقة ، أو جماعة لا يمتنع تواطؤهم على الكذب عادة ، أو كانوا ممن يستحيل منهم الكذب عادة ، لكن في بعض طبقاته دون البعض .

والآحاد في الحقيقة جمع واحد ، وإنما قيل للخبر : آحاد ; لأنه رواية الآحاد ; فهو إما من باب حذف المضاف ، أو من باب تسمية الأثر باسم المؤثر مجازا ; لأن الرواية أثر الراوي .

قوله : " وعن أحمد في حصول العلم به " ، أي : بخبر الآحاد " قولان : الأظهر " ، أي : من القولين ، " لا يحصل به العلم " ، " وهو قول الأكثرين " ، قال الشيخ أبو محمد : والمتأخرين من أصحابنا . و " الثاني " يعني : من القولين : " يحصل به العلم " ، " وهو قول جماعة من المحدثين " ، قال الآمدي : وبعض أهل الظاهر .

[ ص: 104 ] قوله : " وقيل : محمول " ، أي : وقيل : القول بأن خبر الواحد يفيد العلم " محمول على ما نقله آحاد الأئمة المتفق على عدالتهم وثقتهم وإتقانهم ، من طرق متساوية ، وتلقته الأمة بالقبول ، كأخبار الشيخين " يعني أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ، ونحوهما ممن في عصرهما ، وبعدهما .

قلت : هذا تأويل من بعض العلماء لقول أحمد : إن خبر الواحد يفيد العلم ، والذي روي عن أحمد في هذا ، أنه قال في أخبار الرؤية : يقطع على العلم بها ; فحمله بعضهم على عموم خبر الواحد ، بشرط أن يكون كما ذكرنا ، وحمله بعضهم على أخبار مخصوصة ، كثرت رواتها ، وتلقتها الأمة بالقبول ، ودلت القرائن على صدق ناقلها ; فيكون إذا من التواتر .

فحاصل ما في المسألة أن من الناس من نفى حصول العلم بخبر الواحد ، ومنهم من أثبته ، ثم المثبتون : منهم من طرد ذلك في جميع أخبار الآحاد ، ولم يخصه بواحد معين ، كبعض أهل الظاهر . ومنهم من خصه بأخبار بعض الآحاد ، كالشيخين ونحوهما ، أو ببعض أخبار الآحاد ، كأخبار الرؤية ، والقدر ، والجهة ، والشفاعة ، ونحوها . واختار الآمدي أنه إنما يفيد العلم مع القرائن ، لا بدونها ، كما سبق .

التالي السابق


الخدمات العلمية