صفحة جزء
[ ص: 219 ] وإذا وجد سماعه بخط يثق به ، وغلب على ظنه أنه سمعه ، جاز أن يرويه ، وإن لم يذكر السماع ، وهو قول الشافعي ، خلافا لأبي حنيفة ، كالشهادة .

ولنا : أن مبنى الرواية على غلبة الظن ، وقد وجد ، ولهذا اعتمد الصحابة وغيرهم على كتب النبي صلى الله عليه وسلم ، في الصدقات وغيرها في أقطار البلاد . والقياس على الشهادة ممتنع ، ثم ممنوع .


قوله : " وإذا وجد سماعه بخط يثق به ، وغلب على ظنه أنه سمعه ، جاز أن يرويه ، وإن لم يذكر السماع " ، أي : وإن لم يذكر حالة السماع ؛ فيروي اعتمادا على وثوقه بالخط وظنه السماع ، " وهو قول الشافعي ، خلافا لأبي حنيفة " ؛ فإنه قال : لا يجوز ، قياسا على الشهادة .

" ولنا " على الجواز : " أن مبنى الرواية على غلبة الظن " ، إذ القطع ليس معتبرا في الفروع ، " وقد وجد " الظن ؛ فيجوز الاعتماد عليه في الرواية والعمل " ولهذا اعتمد الصحابة وغيرهم على كتب النبي صلى الله عليه وسلم ، في الصدقات وغيرها في أقطار البلاد " مع أنها لا تحصل إلا الظن ، وقياس الرواية على الشهادة ممتنع ، لما بينهما من الفروق والسعة والضيق . وإن سلمنا صحة قياس الرواية على الشهادة ، لكن الحكم في الشهادة ممنوع ، فإن لنا في الشاهد يجد شهادته بخطه ، أو الحاكم يجد حكمه بخطه ، متيقنا أنه خطه ، ولم يذكر حال الشهادة والحكم أقوال النفي ، والإثبات ، والثالث : إن فارق خطه حرزه ، لم يشهد ، ولم يحكم ، وإلا شهد ، وحكم ؛ فنحن نمنع الحكم في الشهادة منعا مطلقا أو مفصلا ، والله سبحانه وتعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية