صفحة جزء
[ ص: 14 ] وهو حجة قاطعة خلافا للنظام في آخرين .

لنا : وجهان .

الأول : ويتبع غير سبيل المؤمنين يوجب اتباع سبيلهم ، وهو دوري جعلناكم أمة وسطا أي : عدولا كنتم خير أمة والعدل لا سيما بتعديل المعصوم لا يصدر عنه إلا حق ، فالإجماع حق .

الثاني : ما تواتر التواتر المعنوي من نحو : أمتي لا تجتمع على ضلالة ، ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن حتى صار كشجاعة علي وجود حاتم .

ويرد على الأول أنها ظواهر ، وعلى الثاني منع التواتر بدعوى الفرق بينه وبين ما شبه به ، ثم الاستدلال بعمومه وهو ظني إذ يحتمل : لا تجتمع على ضلالة الكفر ، والأجود أنه مقدم على القاطع إجماعا ، فلو لم يكن قاطعا لتعارض الإجماعان ، أعني الإجماع على تقديمه ، والإجماع على أن لا يقدم على القاطع غيره ، وللنظام منع الأولى .


قوله : " وهو حجة قاطعة ، خلافا للنظام في آخرين " يعني : الإجماع حجة قاطعة ، يجب العمل به عند الجمهور ، خلافا للنظام بتشديد الظاء والشيعة والخوارج ، قالوا : ليس بحجة .

قال النظام : الإجماع كل قول قامت حجته ، ونسب في ذلك إلى أنه يدفع به شناعة قوله : إن الإجماع ليس بحجة .

[ ص: 15 ] قوله : " لنا " أي : على أن الإجماع حجة " وجهان " أي : طريقان أو مسلكان : " الأول " : من وجوه :

أحدها : قوله تعالى : ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا [ النساء : 115 ] ، وجه الاستدلال بها أنه سبحانه توعد بالنار من اتبع غير سبيل المؤمنين ، وذلك " يوجب اتباع سبيلهم " وإذا أجمعوا على أمر ، كان سبيلا لهم ، فيكون اتباعه واجبا على كل واحد ، منهم ومن غيرهم ، وهو المراد بكون الإجماع حجة .

قوله : " وهو دوري " أي : الاستدلال بهذه الآية وغيرها من ظواهر الشرع ، على أن الإجماع حجة دوري ، أي : يلزم منه الدور ، لأن هذه النصوص ليست قاطعة في الدلالة على ذلك ، وإنما دلالتها ظاهرة ، لكن الظواهر إنما ثبت كونها حجة بالإجماع ، فلو أثبتنا كون الإجماع حجة بالظواهر ، لزم الدور .

قلت : يمكن منع لزوم الدور هاهنا بأن يقال : لا نسلم أن الظواهر إنما كانت حجة بالإجماع ، بل بالوضع والعرف اللغوي ، فإن العرب كانت تستعمل الظواهر في كلامها ، وتتفاهم بها مقاصدها ، ولم يكن هناك إجماع ، ثم وردت أدلة الشرع من الكتاب والسنة على لسان العرب ، فسلكنا في الاحتجاج بظواهرها نهجهم في ذلك وحينئذ لا يلزم الدور المذكور .

الوجه الثاني : قوله تعالى : وكذلك جعلناكم أمة وسطا [ البقرة : 143 ]

[ ص: 16 ] " أي : عدولا " خيارا ، كذلك قال أئمة أهل اللغة والتفسير :

قال الجوهري : الوسط من كل شيء : أعدله ، وقال تعالى : جعلناكم أمة وسطا أي : عدلا ، ويقال أيضا : شيء وسط ، أي : بين الجيد والرديء وروى عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة في قوله : أمة وسطا قال : عدولا .

قال أهل المعاني : قيل للعدل : وسط ، لتوسطه بين طرفي الإفراط والتفريط في أخلاقه .

وقيل : شبه بوسط الشيء ، لأنه محفوظ مما يلحق الأطراف من الآفات ، والدليل على أن المراد بالوسط العدول ، قوله تعالى : لتكونوا شهداء على الناس [ البقرة : 143 ] أي : لتشهدوا يوم القيامة على الأمم أن أنبياءهم بلغوهم أمر الله تعالى بالتوحيد وأحكامه ، فدل على أن المراد بالوسط من تقبل شهادته ، خصوصا في ذلك اليوم ، على ذلك الخلق العظيم : وهو العدل وإذا ثبت أن الوسط في الآية الكريمة هو العدل ، فالاستدلال بها من وجهين :

أحدهما : أن وصفهم بالعدالة في سياق المدح ، وإنما يحسن المدح إذا كانوا على الصواب في أقوالهم وأفعالهم ، وذلك يوجب أن ما اتفقوا عليه يكون صوابا .

الوجه الثاني : أن الوصف بالعدالة ، إما لكل واحد منهم أو [ ص: 17 ] لمجموعهم ، والأول باطل قطعا ، لوجود آحاد الفساق فيهم كثيرا ، فتعين الثاني ، وهو أن الوصف بالعدالة لمجموعهم ، وذلك يقتضي أن ما يقولونه مجتمعين عليه حق وصواب ، لأن قائل غير الحق والصواب يكون كاذبا ، والكاذب لا يكون عدلا .

ويرد على الوجهين : أن الصواب والحق ؛ تارة يكون عن إخبار ، فهو الذي يلزم وجوده في الأمة الموصوفة بالعدالة ، ويدل عليه سياق الآية الشريفة ، وهو كونهم جعلوا وسطا ليشهدوا على الناس ، والشهادة إخبار ، وتارة يكون الصواب والحق عن نظر واجتهاد ، وليس بلازم من الوصف بالعدالة ، والكلام هاهنا في الصواب النظري ، لا في الصواب الإخباري .

الوجه الثالث : قوله تعالى : كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر [ آل عمران : 110 ] ، والاستدلال بها من وجهين :

أحدهما : ما سبق من أن هذا مدح لهم ، وإنما يحسن المدح إذا كانوا على الصواب ، والصواب يجب اتباعه . ويرد عليه ما سبق ، من أن الصواب النظري لا يلزم من ذلك .

الوجه الثاني : أنه تعالى أخبر أنهم يأمرون بالمعروف ، وينهون عن المنكر ، واللام فيهما للاستغراق والعموم ، أي : يأمرون بكل معروف ، وينهون عن كل منكر ، وذلك يقتضي أن لا يفوتهم حق ولا صواب ، لا يأمرون به ، ولا يفوتهم باطل ولا خطأ ، لا ينهون عنه ، وهو يدل على أن كل ما اتفقوا [ ص: 18 ] عليه ، وتآمروا به حق وصواب ، وكل ما اتفقوا على نفيه ، وتناهوا عنه باطل وخطأ ، وذلك يفيد أن الحق والصواب من لوازم إجماعهم ، وهو المطلوب ويرد على هذا أن قوله تعالى : ( تأمرون ) و ( تنهون ) مطلق لا عموم له ، فيصدق بالأمر والنهي مرة واحدة ، وأن اللام في المعروف والمنكر لتعريف الماهية ، أو لبعض الجنس ، لاستحالة نهيهم عن كل منكر في الوجود بالضرورة ، وأنها ليست للاستغراق ، فلا يلزم ما ذكر .

قوله : " والعدل " إلى آخره هذا بيان كيفية الاستدلال بقوله تعالى :

جعلناكم أمة وسطا [ البقرة : 143 ] وتقريره : أنه - سبحانه وتعالى - أخبر أن الأمة عدول ، و " العدل " لا يصدر عنه إلا حق فالإجماع حق " لأنه صادر عنهم " لا سيما " إذا كان العدل عدلا " بتعديل المعصوم " فيكون الحق لازما له ، لا ينفك عن تصرفه . وقد بينا ما يرد عليه من أن الحق النظري لا يلزم ضرورة عن العدل ، بل الحق الإخباري هو المترتب على العدالة .

الثاني : من المسلكين في أن الإجماع حجة : " ما تواتر التواتر المعنوي من نحو : أمتي لا تجتمع على ضلالة إلى آخره .

وتقريره : أن الإجماع صادر عن مجموع الأمة ، والأمة معصومة والمعصوم لا يصدر عنه إلا الصواب .

[ ص: 19 ] أما أن الإجماع صادر عن مجموع الأمة ، فلما سبق في حده ، ولأن الفرض ذلك ، ونعني بمجموع الأمة مجموع مجتهديها ، لأنهم قائمون مقام جميع الأمة ، إذ إليهم إبرام أمورهم ونقضها ، وحلها وعقدها ، وسيأتي الدليل إن شاء الله تعالى على أن غير المجتهد لا يعتبر في الإجماع ، وإن شاح الخصم في ذلك ؛ التزمنا قول القاضي أبي بكر في اعتبار مجموع الأمة المجتهدين وغيرهم ، ولا يضرنا ذلك ، ويلزم الخصم كون الإجماع حجة .

وأما أن الأمة معصومة ، فلأن الأخبار النبوية في عصمتها بلغت حد التواتر المعنوي ، لاختلاف ألفاظها ، واشتراكها في الدلالة على أمر واحد ، وهو نفي الخطأ عنها ، كقوله - صلى الله عليه وسلم - : أمتي لا تجتمع على الضلالة لم يكن الله بالذي يجمع أمتي على الضلالة وفي لفظ : " على الخطأ " و سألت الله أن لا يجمع أمتي على الضلالة ، فأعطانيها ، أي : أعطاني تلك الخصلة المطلوبة . ما رآه المسلمون حسنا ، فهو عند الله حسن . يد الله على الجماعة ، ولا

[ ص: 20 ] يبالي بشذوذ من شذ ، من سره بحبوحة الجنة ، فليلزم الجماعة ،


[ ص: 21 ] لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى يظهر أمر الله ، من خرج عن الجماعة قيد شبر ، فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه ، من فارق الجماعة ومات ، فميتته جاهلية عليكم بالسواد الأعظم ، فإنه من شذ ، شذ في النار في أحاديث كثيرة من هذا الباب ، تناقلها الأئمة ، وتداولوها ، متلقين لها بالقبول ، غير منكرين لشيء منها ، حتى صارت لتواترها المعنوي كشجاعة علي ، وسخاء حاتم ، وذلك يقتضي عصمة الأمة من الخطأ .

وأما أن المعصوم لا يصدر عنه إلا الصواب ، فلأن ذلك شأن المعصوم ومفهومه في عرف الشرع ، فثبت بذلك أن الإجماع الصادر عن الأمة المعصومة صواب ، والصواب يجب اتباعه ، وهو المراد بكونه حجة .

قوله : " ويرد على الأول " إلى آخره ، هذا اعتراض على المسلكين المستدل بهما على أن الإجماع حجة .

أما الأول : وهو الاستدلال بالآيات الثلاث ، فيرد عليه " أنها ظواهر " لا قواطع في الدلالة ، فلا يثبت بها الإجماع القاطع ، لأن الضعيف لا يصلح [ ص: 22 ] مستندا للقوي ، وهذا عين السؤال الدوري الذي سبق إيراده وجوابه .

وأما الثاني : وهو الاستدلال بالأخبار الدالة على عصمة الأمة ، فيرد عليه منع تواترها التواتر المعنوي بدعوى الفرق بينها وبين ما شبهت به ، من شجاعة علي ، وسخاء حاتم ، وذلك لأنا إذا عرضنا على عقولنا الأخبار المدعى أنها تدل على عصمة الأمة ، والأخبار الدالة على شجاعة علي - رضي الله عنه - وسخاء حاتم ، وجدناها يعني العقول لا تصدق بالأول كتصديقها بالثاني ، بل تصديقها بالثاني أقوى بكثير جدا ، ولو كانت متواترة ، لساوت أخبار علي وحاتم في قوة التصديق بها ، لأن التواتر يفيد العلم كما سبق ، والإدراك العلمي لا يتفاوت بالقوة والضعف ، ألا ترى أن العقل جازم بوجود مكة شرفها الله تعالى ، ومصر ، وبغداد ، والبصرة ، وغيرها من الأماكن المتواترة جزما متساويا ، لتواترها ، بخلاف البصرة وضيعة من ضياع العراق ، يقال لها : صرصرا ، وغيرها من الضياع ، فإن الجزم بهما غير متساو ، لعدم تساويهما في التواتر ، فإن صرصرا ، لم يقع الجزم بها إلا عند من عاينها ، أو قرب منها ، فتواترت عنده ، بخلاف البصرة; فإنه يصدق بها من قرب ومن بعد ، فإن وجدت في نفسك تفاوتا بين التصديق بمكة وغيرها من البلاد; وأنه بمكة أشد تصديقا; فليس ذلك راجعا إلى حقيقة الجزم بها وبغيرها ، وإنما هو راجع إلى طرق الإخبار بمكة ، في كل عام ، على لسان [ ص: 23 ] من يقصدها من وفود الحاج; أما الجزم ، فحقيقته لا تتغير ، ولا تتفاوت .

وإذا ثبت هذا ، ووجدنا الفرق بين أخبار علي وحاتم ، والأخبار المذكورة في عصمة الأمة ; دل على أنها ليست متواترة ، لأن أخبار علي وحاتم متواترة وهذه الأخبار دونها في جزم العقل بموجبها ، وما دون المتواتر لا يكون متواترا .

سلمنا أن الأخبار المذكورة متواترة ، لكن الاستدلال بعمومها وهو يعني العموم ظني لا قاطع ، فيحتمل أن المراد منها : لا تجتمع أمتي على ضلالة الكفر ، ولا يلزم من ذلك عصمتها من الخطأ في الاجتهاد ، لأن الكفر أخص من الخطأ ، ولا يلزم من انتفاء الأخص انتفاء الأعم ، مع أنه إذا اتجه حمل الضلالة على الكفر ، حمل عليه لفظ الخطأ في قوله : لا تجتمع أمتي على الخطأ وجعل الكفر مبينا له . وقوله : ما رآه المسلمون حسنا ، فهو عند الله حسن حديث ليس في دواوين السنة المعتمد عليها ، وإنما يروى . وبقية الأحاديث إنما تدل على لزوم الجماعة ، لا لأن الصواب الاجتهادي لازم لها ، بل لأن ذلك أوقع للهيبة في نفس عدو الإسلام ، وأجدر باجتماع الكلمة ، والاحتراز من كيد الشيطان ، ولهذا جاء في حديث آخر : عليكم بالجماعة ، فإن الذئب يأكل القاصية شبه الشيطان بالذئب ، والمنفرد عن الجماعة بالشاة المتخلفة عن [ ص: 24 ] جماعة الغنم ، فيحكم الشيطان على المنفرد حكم الذئب على القاصية .

ولهذا حكي عن بعض السلف أنه قال : لولا مخافتي من الوسواس ، لسكنت بلادا لا أنيس بها ، وهل يهلك الناس إلا الناس . وبتقدير صحة هذه الأحاديث ودلالتها على عصمة الأمة ، فهي معارضة بما يناقضها ، مما حاله في الصحة والشهرة مثل حالها ، وهو ما روى أبو هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : تفرقت اليهود على إحدى وسبعين أو اثنتين وسبعين فرقة ، والنصارى مثل ذلك ، وتتفرق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي ، وقال : حديث حسن صحيح ، وله من حديث عبد الله بن عمرو : أن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة ، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة ، كلهم في النار إلا ملة واحدة قالوا : من هي يا رسول الله ؟ قال : ما أنا عليه وأصحابي قال الترمذي : حديث غريب . فقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أمته تفترق على ثلاث وسبعين فرقة ، كلهم في النار إلا واحدة ، فالأحاديث الأول لو دلت على عصمة الأمة ، لكانت إما أن تدل على عصمة جميعها ، أو على عصمة بعضها .

والأول باطل ، لأن هذا الحديث قد دل على خطأ أكثرها ، وهو ثنتان وسبعون من ثلاث وسبعين فرقة في النار ، ومن يستحق النار لا يكون معصوما ، بل لا يكون صالحا ، فضلا عن معصوم .

[ ص: 25 ] والثاني أيضا باطل ، لأن مجتهدي ذلك البعض ليسوا جميع مجتهدي الأمة ; بل هم مجتهدو جزء قليل من الأمة ، إذ كل فرقة من الثنتين وسبعين فرقة فيها مجتهدون ، فدل الحديث على أن جميع الفرق من الأمة . وحينئذ يصير تقدير أحاديثكم : لا يجتمع مجتهدو فرقة من ثلاث وسبعين فرقة من أمتي على الخطأ ، وهو خبط عظيم ، وصرف للفظ عن أكثر مضمونه . فتبين بهذا أن المسلكين المذكورين لا ينهضان بالدلالة على أن الإجماع حجة .

قوله : " والأجود أنه مقدم على القاطع " إلى آخره . أي : والأجود في الاستدلال على أن الإجماع حجة هذا المسلك .

وتقريره : أن الإجماع مقدم في الاستدلال على النص القاطع ، من الكتاب والسنة بالإجماع . ولا يقدم على القاطع غيره بالإجماع ، فلو لم يكن الإجماع حجة قاطعة " لتعارض الإجماعان أعني الإجماع على " تقديم الإجماع على النص القاطع " والإجماع على أن لا يقدم على القاطع غيره " وتعارض الإجماعين محال .

قوله : " وللنظام منع الأولى " أي : منع المقدمة الأولى ، وهي قوله : الإجماع مقدم على النص إجماعا ، لأنه هو يخالف في ذلك ، فلا يثبت الإجماع بدونه ، إذ النزاع معه . وقد سبق تقرير تفسيره الإجماع بكل قول [ ص: 26 ] قامت حجته ، فإذا قامت حجة النص ، كان مقدما عنده على الإجماع الاتفاقي ، إذ ليس حجة عنده .

وحينئذ إذا لم يثبت أن الإجماع مقدم على القاطع ، لم يلزم من عدم كون الإجماع حجة تعارض الإجماعين ، ثم استحالة تعارض الإجماعين مبني على أن الإجماع حجة قاطعة ، وهو محل النزاع ، فيكون دورا ومصادرة على المطلوب .

التالي السابق


الخدمات العلمية