صفحة جزء
[ ص: 47 ] الثانية : لا يختص الإجماع بالصحابة ، بل إجماع كل عصر حجة ، خلافا لداود ، وعن أحمد مثله .

لنا : المؤمنون والمسلمون والجماعة صادق على أهل كل عصر فيحرم خلافهم ، ولأن معقول السمعي إثبات الحجة الإجماعية مدة التكليف ، وليس مختصا بعصر الصحابة .


المسألة " الثانية : لا يختص الإجماع بالصحابة ، بل إجماع كل عصر حجة ، خلافا لداود ، وعن أحمد مثله " .

قال الشيخ أبو محمد : وقد أومأ أحمد إلى نحو من قوله ، يعني قول داود .

قال الآمدي : ذهب أهل الظاهر ، وأحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه إلى أن الإجماع المحتج به مختص بالصحابة - رضي الله عنهم - ، وذهب الباقون إلى أن إجماع أهل كل عصر حجة ، وهو المختار .

قلت : المشهور من مذهب أحمد ما حكيناه أولا كقول الأكثرين .

قوله : " لنا : المؤمنون " إلى آخره ، أي : لنا على أن إجماع كل عصر حجة وجهان :

أحدهما : أن دليل السمع متناول لأهل كل عصر ، وصادق عليهم ، فيكون إجماعهم حجة .

أما الأول فلأن قوله - عز وجل - : ويتبع غير سبيل المؤمنين [ النساء : [ ص: 48 ] 115 ] ، وقوله - عليه الصلاة والسلام - : ما رآه المسلمون حسنا . . و يد الله على الجماعة " صادق على أهل كل عصر " إذ تصح تسميتهم مؤمنين ومسلمين ، وجماعة تعريفا وتنكيرا .

وأما الثاني : وهو كون إجماعهم حجة ; فلأنه إذا تناولهم لفظ المؤمنين ، وصدق عليهم ، حرم خلافهم لقوله تعالى : ويتبع غير سبيل المؤمنين الآية ، كما سبق . فثبت بهذا أن إجماع كل عصر حجة .

الوجه الثاني : أن المعقول من الدليل السمعي ، وهو قوله تعالى : ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين [ النساء : 115 ] الآية ، وأخواتها مما سبق ; هو " إثبات الحجة الإجماعية مدة التكليف " . إذ تقدير الكلام : إن سبيل المؤمنين حق ، فاتبعوه ما دمتم مكلفين . والخطاب للموجودين ، ولمن سيوجد ، وإذا كان الأمر كذلك ، فالتكليف " ليس مختصا بعصر الصحابة " بل هو دائم مستمر عصرا بعد عصر حتى تقوم الساعة ، فيجب العمل بمعقول الدليل السمعي في إثبات الإجماع في كل عصر من أعصار مدة التكليف ، وذلك إنما يكون باتفاق أهل ذلك العصر ، إذ ما قبله وبعده معدوم .

التالي السابق


الخدمات العلمية