صفحة جزء
[ ص: 205 ]

الرابعة : الكفار مخاطبون بفروع الإسلام في أصح القولين ، وهو قول الشافعي ، والثاني : لا يخاطبون منها بغير النواهي ، وهو قول أصحاب الرأي ، والمشهور عنهم عدم تكليفهم مطلقا . وحرف المسألة : أن حصول الشرط الشرعي ، ليس شرطا في التكليف عندنا ، دونهم .


قوله : " الرابعة " أي : المسألة الرابعة من مسائل شروط المكلف ، " الكفار مخاطبون بفروع الإسلام في أصح القولين ، وهو قول الشافعي . والثاني " أي : القول الثاني عندنا " لا يخاطبون منها بغير النواهي ، وهو قول أصحاب الرأي " يعني أكثرهم كما نقل الشيخ أبو محمد ، " والمشهور عنهم " يعني : أصحاب الرأي " عدم تكليفهم مطلقا " يعني : بالأوامر والنواهي .

قال الآمدي : تكليفهم بفروع الإسلام جائز عند أكثر أصحابنا وأكثر المعتزلة ، وواقع شرعا ، خلافا لأكثر أصحاب الرأي وأبي حامد الإسفراييني من أصحابنا .

وقال القرافي : أجمعت الأمة على أنهم مخاطبون بالإيمان ، واختلفوا في خطابهم بالفروع .

قال الباجي : وظاهر مذهب مالك خطابهم بها ، خلافا لجمهور الحنفية وأبي حامد الإسفراييني .

قلت : والحاصل من الأقوال في المسألة ، ثلاثة ، ثالثها : الفرق بين النواهي والأوامر ، وهذه الثلاثة في " المختصر " . [ ص: 206 ]

وثم قول رابع ، حكاه القاضي عبد الوهاب عن بعض العلماء ، وهو الفرق بين المرتد وغيره ، فيخاطب المرتد دون الأصلي .

قلت : الفرق بينهما واضح ، وهو مؤاخذته بسابقة التزامه حكم الإسلام ، ولهذا قلنا : يلزمه قضاء ما فاته في الردة من العبادات .

عدنا إلى توجيه أدلة المسألة على ما في " المختصر " .

قوله : " وحرف المسألة أن حصول الشرط الشرعي ليس شرطا في التكلف عندنا دونهم " .

هذا ، مأخذ المسألة مختصر نبه عليه ابن الحاجب ، وهو أن حصول الشرط الشرعي - وهو الإيمان هاهنا - ليس شرطا في صحة التكليف عندنا ، فلا يتوقف التكليف عليه ، إذ ليس شرطا ، فيكلفون بالفروع ، بشرط تقديم الإيمان ، وإن لم يكن الإيمان موجودا حال تكليفهم ، وإنما الإيمان شرط في صحة أداء الفروع منهم ، لا في حصة التكليف ، فيكون الإيمان شرطا في صحة التكليف بالفروع ، فيتوقف على وجوده توقف المشروط على شرطه ، وبيان عدم توقفه ، يظهر بما يأتي في أثناء المسألة إن شاء الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية