صفحة جزء
المسألة السادسة

حيث قيل بالتخيير بين الأخذ بالعزيمة ، والأخذ بالرخصة ; فللترجيح [ ص: 497 ] بينهما مجال رحب ، وهو محل نظر ، فلنذكر جملا مما يتعلق بكل طرف من الأدلة .

فأما الأخذ بالعزيمة ; فقد يقال إنه أولى لأمور :

أحدها : أن العزيمة هي الأصل الثابت المتفق عليه المقطوع به ، وورود الرخصة عليه ، وإن كان مقطوعا به أيضا ; فلا بد أن يكون سببها مقطوعا به في الوقوع ، وهذا المقدار بالنسبة إلى كل مترخص غير متحقق إلا في القسم المتقدم ، وما سواه لا تحقق فيه ، وهو موضع اجتهاد ; فإن مقدار المشقة المباح من أجلها الترخص غير منضبط ، ألا ترى أن السفر قد اعتبر في مسافته ثلاثة أميال فأكثر كما اعتبر أيضا ثلاثة أيام بلياليهن ، وعلة القصر المشقة ، وقد اعتبر فيها أقل ما ينطلق عليه اسم المشقة ، واعتبر في المرض أيضا أقل ما ينطلق عليه الاسم ; فكان منهم من أفطر لوجع أصبعه ، كما كان منهم من قصر في ثلاثة أميال ، واعتبر آخرون ما فوق ذلك ، وكل مجال الظنون لا موضع فيه للقطع ، وتتعارض فيه الظنون ، وهو محل الترجح والاحتياط ; فكان من مقتضى هذا كله أن لا يقدم على الرخصة مع بقاء احتمال في السبب .

[ ص: 498 ] والثاني : إن العزيمة راجعة إلى أصل في التكليف كلي ; لأنه مطلق عام على الأصالة في جميع المكلفين ، والرخصة راجعة إلى جزئي بحسب بعض المكلفين ممن له عذر ، وبحسب بعض الأحوال وبعض الأوقات في أهل الأعذار لا في كل حالة ولا في كل وقت ، ولا لكل أحد ، فهو كالعارض الطارئ على الكلي ، والقاعدة المقررة في موضعها أنه إذا تعارض أمر كلي وأمر جزئي ; فالكلي مقدم لأن الجزئي يقتضي مصلحة جزئية ، والكلي يقتضي مصلحة كلية ، ولا ينخرم نظام في العالم بانخرام المصلحة الجزئية ، بخلاف ما إذا قدم اعتبار المصلحة الجزئية ; فإن المصلحة الكلية ينخرم نظام كليتها فمسألتنا كذلك ; إذ قد علم أن العزيمة بالنسبة إلى كل مكلف أمر كلي ثابت عليه ، والرخصة إنما مشروعيتها أن تكون جزئية ، وحيث يتحقق الموجب ، وما فرضنا الكلام فيه لا يتحقق في كل صورة تفرض إلا والمعارض الكلي ينازعه ; فلا ينجي من طلب الخروج عن العهدة إلا الرجوع إلى الكلي ; وهو العزيمة .

والثالث : ما جاء في الشريعة من الأمر بالوقوف مع مقتضى الأمر والنهي مجردا ، والصبر على حلوه ومره ، وإن انتهض موجب الرخصة ، وأدلة ذلك لا تكاد تنحصر ، من ذلك قوله تعالى : الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم [ آل عمران : 173 ] ; فهذا مظنة التخفيف ، فأقدموا على الصبر والرجوع إلى الله ; فكان عاقبة ذلك ما أخبر الله به .

[ ص: 499 ] وقال تعالى إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر إلى آخر القصة حيث قال : رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه [ الأحزاب : 10 - 23 ] ; فمدحهم بالصدق مع حصول الزلزال الشديد والأحوال الشاقة التي بلغت القلوب فيها الحناجر ، وقد عرض النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على أصحابه أن يعطوا الأحزاب من ثمار المدينة ; لينصرفوا عنهم فيخف عليهم الأمر ; فأبوا من ذلك ، وتعززوا بالله وبالإسلام ; فكان ذلك سببا لمدحهم والثناء عليهم .

وارتدت العرب عند وفاة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فكان الرأي من الصحابة ـ رضي الله تعالى عنهم ـ أو من بعضهم غير أبي بكر ـ استئلافهم بترك أخذ الزكاة ممن منعها منهم ; حتى يستقيم أمر الأمة ، ثم يكون ما يكون ; فأبى أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ ; [ ص: 500 ] فقال : " والله لأقاتلنهم حتى تنفرد سالفتي " ، والقصة مشهورة .

[ ص: 501 ] وأيضا ; قال الله تعالى : من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره الآية [ النحل : 106 ] ; فأباح التكلم بكلمة الكفر ، مع أن ترك ذلك أفضل عند جميع الأمة أو عند الجمهور ، وهذا جار في قاعدة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ; أن الأمر مستحب والأصل مستتب ، وإن أدى إلى الإضرار بالمال والنفس ، لكن يزول الانحتام ، ويبقى ترتب الأجر على الصبر على ذلك .

ومن الأدلة قوله عليه الصلاة والسلام : إن خيرا لأحدكم أن لا يسأل من أحد شيئا فحمله الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ على عمومه ، ولا بد أن يلحق من التزم هذا العقد مشقات كثيرة فادحة ، ولم يأخذوه إلا على عمومه حتى اقتدى [ ص: 502 ] بهم الأولياء ، منهم أبو حمزة الخراساني ; فاتفق له ما ذكره القشيري وغيره من وقوعه في البئر ، وقد كان هذا النمط مما يناسب استثناؤه من ذلك الأصل .

وقصة الثلاثة الذين خلفوا حتى أتوا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصدقوه ، ولم يعتذروا له في موطن كان مظنة للاعتذار ، فمدحوا لذلك ، وأنزل الله توبتهم ، ومدحهم في القرآن بعد ما ضاقت عليهم الأرض بما رحبت ، وضاقت عليهم أنفسهم ، ولكن ظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ، ففتح لهم باب القبول ، وسماهم صادقين ; لأخذهم بالعزيمة دون الترخص .

[ ص: 503 ] وقصة عثمان بن مظعون وغيره ممن كان في أول الإسلام لا يقدر على دخول مكة إلا بجوار ، ثم تركوا الجوار رضى بجوار الله مع ما نالهم من المكروه ، ولكن هانت عليهم أنفسهم في الله فصبروا إيمانا بقوله : إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب [ الزمر : 10 ] .

وقال تعالى : لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور [ آل عمران : 186 ] .

وقال لنبيه عليه [ الصلاة و ] السلام : لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور [ الأحقاف : 35 ] .

وقال : ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل [ الشورى : 41 ] .

ثم قال : ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور [ الشورى : 43 ] .

ولما نزلت هذه الآية وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله الآية [ البقرة : 284 ] ; شق ذلك على الصحابة فقيل لهم : قولوا : سمعنا وأطعنا . فقالوها ; فألقى الله الإيمان في قلوبهم ; [ ص: 504 ] فنزلت : آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه الآية [ البقرة : 285 ] .

وجهز النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أسامة في جيش إلى الشام قبيل موته فتوقف خروجه بمرضه عليه السلام ، ثم جاء موته ; فقال الناس لأبي بكر : احبس أسامة بجيشه تستعين به على من حاربك من المجاورين لك ، فقال : لو لعب الكلاب بخلاخيل نساء أهل المدينة ; ما رددت جيشا أنفذه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ولكن سأل [ ص: 505 ] أسامة أن يترك له عمر ; ففعل ، وخرج فبلغ الشام ، ونكأ في العدو بها ; فقالت الروم : إنهم لم يضعفوا بموت نبيهم ، وصارت تلك الحالة هيبة في قلوبهم لهم .

وأمثال هذا كثيرة مما يقتضي الوقوف مع العزائم ، وترك الترخص ; لأن القوم عرفوا أنهم مبتلون ، وهو : الوجه الرابع : وذلك أن هذه العوارض الطارئة وأشباهها مما يقع للمكلفين من أنواع المشاق ، هي مما يقصدها الشارع في أصل التشريع أعني أن المقصود في التشريع إنما هو جار على توسط مجاري العادات ، وكونه شاقا على بعض الناس أو في بعض الأحوال مما هو على غير المعتاد لا يخرجه عن أن يكون مقصودا له ; لأن الأمور الجزئية لا تخرم الأصول الكلية ، وإنما تستثنى حيث تستثنى نظرا إلى أصل الحاجيات بحسب الاجتهاد ، والبقاء على الأصل من العزيمة هو المعتمد الأول للمجتهد ، والخروج عنه لا يكون إلا بسبب قوي ، ولذلك لم يعمل العلماء مقتضى الرخصة الخاصة بالسفر في غيره ; كالصنائع الشاقة في الحضر مع وجود المشقة التي هي العلة في مشروعية الرخصة ، فإذا لا ينبغي الخروج عن حكم العزيمة مع عوارض المشقات التي لا تطرد ولا تدوم ; لأن ذلك جار أيضا في العوائد الدنيوية ، ولم يخرجها ذلك عن أن تكون عادية ، فصار عارض المشقة ـ إذا لم يكن كثيرا أو دائما ـ مع أصل عدم المشقة ، كالأمر المعتاد أيضا ; فلا يخرج عن ذلك بالأصل .

[ ص: 506 ] لا يقال : كيف يكون اجتهاديا وفيه نصوص كثيرة ; كقوله : فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه [ البقرة : 173 ] .

وقوله : فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر الآية [ البقرة : 184 ] .

و إن الله يحب أن تؤتى رخصه .

إلى غير ذلك مما تقدم وسواه مما في معناه .

لأنا نقول : حالة الاضطرار قد تبين أنه الذي يخاف معه فوت الروح ، وذلك لا يكون إلا بعد العجز عن العبادات والعادات ، وهو في نفسه عذر أيضا ; وما سوى ذلك فمحمول على تحقق المشقة التي يعجز معها عن القيام بالوظائف الدينية أو الدنيوية ، بحيث ترجع العزيمة إلى نوع من تكليف ما لا يطاق ، وهو منتف سمعا ، وما سوى ذلك من المشاق مفتقر إلى دليل يدل على دخوله تحت تلك النصوص ، وفيه تضطرب أنظار النظار كما تقدم ، فلا معارضة بين النصوص المتقدمة وبين ما نحن فيه ، وسبب ذلك ـ وهو روح هذا الدليل ـ هو أن هذه العوارض الطارئة تقع للعباد ابتلاء ، واختبارا لإيمان المؤمنين وتردد المترددين ، حتى يظهر للعيان من آمن بربه على بينة ممن هو في شك ، ولو كانت التكاليف كلها يخرم كلياتها كل مشقة عرضت لانخرمت الكليات كما تقدم ، ولم يظهر لنا شيء من ذلك ، ولم يتميز الخبيث من الطيب ، فالابتلاء في [ ص: 507 ] التكاليف واقع ، ولا يكون إلا مع بقاء أصل العزيمة ، فيبتلى المرء على قدر دينه ، قال تعالى : ليبلوكم أيكم أحسن عملا [ الملك : 2 ] .

الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم الآية [ العنكبوت : 1 - 3 ] .

لتبلون في أموالكم وأنفسكم ، ثم قال : وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور [ آل عمران : 186 ] .

ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم [ محمد : 31 ] .

وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين [ آل عمران : 141 ] .

ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين [ البقرة : 155 ] إلى آخرها .

فأثنى عليهم بأنهم صبروا لها ، ولم يخرجوا بها عن أصل ما حملوه إلى غيره ، وقوله : ولنبلونكم بشيء يدل على أن هذه البلوى قليلة الوقوع بالنسبة إلى جمهور الأحوال كما تقدم في أحوال التكليف ; فإذا كان المعلوم من الشرع في مثل هذه الأمور طلب الاصطبار عليها والتثبت فيها حتى يجري التكليف على مجراه الأصلي ، كان الترخص على الإطلاق كالمضاد لما قصده الشارع من تكميل العمل على أصالته لتكميل الأجر .

والخامس : أن الترخص إذا أخذ به في موارده على الإطلاق ، كان ذريعة إلى انحلال عزائم المكلفين في التعبد على الإطلاق ، فإذا أخذ بالعزيمة ; كان حريا بالثبات في التعبد ، والأخذ بالحزم فيه .

[ ص: 508 ] بيان الأول " أن الخير عادة والشر لجاجة " ، وهذا مشاهد محسوس لا يحتاج إلى إقامة دليل ، والمتعود لأمر يسهل عليه ذلك الأمر ما لا يسهل على غيره ; كان خفيفا في نفسه أو شديدا ، فإذا اعتاد الترخص ; صارت كل عزيمة في يده كالشاقة الحرجة ، وإذا صارت كذلك ; لم يقم بها حق قيامها ، وطلب الطريق إلى الخروج منها ، وهذا ظاهر ، وقد وقع هذا المتوقع في أصول كلية وفروع جزئية ; كمسألة الأخذ بالهوى في اختلاف أقوال العلماء ، ومسألة إطلاق القول بالجواز عند اختلافهم بالمنع والجواز ، وغير ذلك مما نبه عليه في أثناء الكتاب أو لم ينبه عليه .

وبيان الثاني ظاهر أيضا مما تقدم ; فإنه ضده .

وسبب هذا كله أن أسباب الرخص أكثر ما تكون مقدرة ومتوهمة لا محققة ، فربما عدها شديدة وهي خفيفة في نفسها ، فأدى ذلك إلى عدم صحة التعبد ، وصار عمله ضائعا وغير مبني على أصل ، وكثيرا ما يشاهد الإنسان ذلك ، فقد يتوهم الإنسان الأمور صعبة ، وليست كذلك إلا بمحض التوهم ; ألا ترى أن المتيمم لخوف لصوص أو سباع ، إذا وجد الماء في الوقت أعاد عند مالك ; لأنه عده مقصرا ; لأن هذا يعتري في أمثاله مصادمة الوهم المجرد الذي لا دليل عليه ، بخلاف ما لو رأى اللصوص أو السباع ، وقد منعته من الماء ; فلا إعادة هنا ، ولا يعد هذا مقصرا ، ولو تتبع الإنسان الوهم لرمى به في مهاو [ ص: 509 ] بعيدة ، ولأبطل عليه أعمالا كثيرة ، وهذا مطرد في العادات والعبادات وسائر التصرفات .

وقد تكون شديدة ، ولكن الإنسان مطلوب بالصبر في ذات الله والعمل على مرضاته ، وفي الصحيح : من يصبر يصبره الله ، وجاء في آية الأنفال في وقوف الواحد للاثنين بعد ما نسخ وقوفه للعشرة والله مع الصابرين [ الأنفال : 66 ] ، قال بعض الصحابة لما نزلت : " نقص من الصبر بمقدار ما نقص من العدد " هذا بمعنى الخبر ، وهو موافق للحديث والآية .

[ ص: 510 ] والسادس : إن مراسم الشريعة مضادة للهوى من كل وجه ; كما تقرر في كتاب المقاصد من هذا الكتاب ، وكثيرا ما تدخل المشقات ، وتتزايد من جهة مخالفة الهوى ، واتباع الهوى ضد اتباع الشريعة ; فالمتبع لهواه يشق عليه كل شيء ، سواء أكان في نفسه شاقا أم لم يكن ; لأنه يصده عن مراده ، ويحول بينه وبين مقصوده ، فإذا كان المكلف قد ألقى هواه ونهى نفسه عنه ، وتوجه إلى العمل بما كلف به خف عليه ، ولا يزال بحكم الاعتياد يداخله حبه ، ويحلو له مره حتى يصير ضده ثقيلا عليه ، بعد ما كان الأمر بخلاف ذلك ، فصارت المشقة وعدمها إضافية تابعة لغرض المكلف ; فرب صعب يسهل لموافقة الغرض ، وسهل يصعب لمخالفته .

فالشاق على الإطلاق في هذا المقام وهو ما لا يطيقه من حيث هو مكلف ; كان مطيقا له بحكم البشرية ، أم لا ، هذا لا كلام فيه ، إنما الكلام في غيره مما هو إضافي ، لا يقال فيه : [ إنه ] مشقة على الإطلاق ، ولا إنه ليس بمشقة على الإطلاق ، وإذا كان دائرا بين الأمرين ، وأصل العزيمة حقيقي ثابت ; فالرجوع إلى أصل العزيمة حق ، والرجوع إلى الرخصة ينظر فيه بحسب كل شخص ، وبحسب كل عارض ; فإذا لم يكن في ذلك بيان قطعي ، وكان أعلى ذلك الظن الذي لا يخلو عن معارض ; كان الوجه الرجوع إلى الأصل ، [ ص: 511 ] حتى يثبت أن المشقة المعتبرة في حق هذا الشخص حق ، ولا تكون حقا على الإطلاق ; حتى تكون بحيث لا يستطيعها ، فتلحق حينئذ بالقسم الأول الذي لا كلام فيه ، هذا إذا لم يأت دليل من خارج يدل على اعتبار الرخصة والتخفيف مطلقا ; كفطره عليه [ الصلاة و ] السلام في السفر حين أبى الناس من الفطر ، وقد شق الصوم عليهم ; فهذا ونحوه أمر آخر إلى ما تقدم من الأقسام ، وإنما الكلام في غيره .

فثبت أن الوقوف مع العزائم أولى ، والأخذ بها في محال الترخص أحرى .

فإن قيل : فهل الوقوف مع أصل العزيمة من قبيل الواجب أو المندوب على الإطلاق أم ثم انقسام ؟

فالجواب : إن ذلك يتبين بتفصيل أحوال المشقات ، وهي :

التالي السابق


الخدمات العلمية