صفحة جزء
[ ص: 182 ] فصل

ومن هذا الملمح فقه الأوصاف الباطنة كلها أو أكثرها من الكبر والحسد وحب الدنيا والجاه ، وما ينشأ عنها من آفات اللسان ، وما ذكره الغزالي في ربع المهلكات وغيره .

وعليه يدل كثير من الأحاديث ، وكذلك فقه الأوصاف الحميدة; كالعلم ، والتفكر ، والاعتبار ، واليقين ، والمحبة ، والخوف ، والرجاء ، وأشباهها مما هو نتيجة عمل ، فإن الأوصاف القلبية لا قدرة للإنسان على إثباتها ولا نفيها ، أفلا ترى أن العلم وإن كان مطلوبا ، فليس تحصيله بمقدور أصلا ، فإن الطالب إذا توجه نحو مطلوب إن كان من الضروريات ، فهو حاصل ولا يمكنه الانصراف عنه ، وإن كان غير ضروري لم يمكن تحصيله إلا بتقديم النظر ، وهو المكتسب دون نفس العلم; لأنه داخل عليه بعد النظر ضرورة ، لأن النتيجة لازمة للمقدمتين فتوجيه النظر فيه هو المكتسب ، فيكون المطلوب وحده ، وأما العلم على أثر النظر ، فسواء علينا قلنا إنه مخلوق لله تعالى كسائر المسببات مع أسبابها ، كما هو رأي المحققين ، أم لم نقل ذلك ، فالجميع متفقون على [ ص: 183 ] أنه غير داخل تحت الكسب نفسه ، وإذا حصل لم يمكن إزالته على حال .

وهكذا سائر ما يكون وصفا باطنا ، إذا اعتبرته وجدته على هذا السبيل ، وإذا كانت على هذا الترتيب; لم يصح التكليف بها أنفسها ، وإن جاء في الظاهر ما يظهر منه ذلك; فمصروف إلى غير ذلك مما يتقدمها ، أو يتأخر عنها ، أو يقارنها ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية