صفحة جزء
فصل

ويتبين بهذا أمور ، منها أن كل حكم شرعي ليس بخال عن حق الله تعالى ، وهو جهة التعبد ; فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ، وعبادته امتثال أوامره واجتناب نواهيه بإطلاق ، فإن جاء ما ظاهره أنه حق للعبد مجردا ; فليس كذلك بإطلاق ، بل جاء على تغليب حق العبد في الأحكام الدنيوية .

كما أن كل حكم شرعي ; ففيه حق للعباد إما عاجلا وإما آجلا ، بناء على أن الشريعة إنما وضعت لمصالح العباد ، ولذلك قال في الحديث : حق العباد على الله إذا عبدوه ولم يشركوا به شيئا ألا يعذبهم ، وعادتهم في تفسير " حق [ ص: 539 ] الله " ; أنه ما فهم من الشرع أنه لا خيرة فيه للمكلف ، كان له معنى معقول أو غير معقول ، " وحق العبد " ما كان راجعا إلى مصالحه في الدنيا ، فإن كان من المصالح الأخروية ; فهو من جملة ما يطلق عليه أنه حق لله ، ومعنى " التعبد " عندهم أنه ما لا يعقل معناه على الخصوص ، وأصل العبادات راجعة إلى حق الله ، وأصل العادات راجعة إلى حقوق العباد .

التالي السابق


الخدمات العلمية