فصل  
وللسنة هنا مدخل ; لأنها  
مبينة للكتاب     ; فلا تقع في التفسير إلا على وفقه ، وبحسب المعرفة بالتقديم والتأخير يحصل بيان الناسخ من المنسوخ في الحديث ، كما يتبين ذلك في القرآن أيضا ، ويقع في الأحاديث أشياء تقررت قبل تقرير كثير من المشروعات ; فتأتي فيها إطلاقات أو عمومات ربما أوهمت ، ففهم منها يفهم منها لو وردت بعد تقرير تلك المشروعات ; كحديث :  
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337798من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله ; دخل الجنة     .  
أو حديث :  
nindex.php?page=hadith&LINKID=10337799ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله ، وأن  محمدا   رسول الله صادقا من قلبه ; إلا حرمه الله على النار   [ ص: 259 ] وفي المعنى أحاديث كثيرة وقع من أجلها  
الخلاف بين الأمة فيمن عصى الله من أهل الشهادتين     ; فذهبت  
المرجئة   إلى القول بمقتضى هذه الظواهر على الإطلاق ، وكان ما عارضها مئولا عند هؤلاء ، وذهب أهل السنة والجماعة إلى خلاف ما قالوه ، حسبما هو مذكور في كتبهم وتأولوا هذه الظواهر .  
ومن جملة ذلك أن طائفة من السلف قالوا : إن هذه الأحاديث منزلة على الحالة الأولى للمسلمين ، وذلك قبل أن تنزل الفرائض والأمر والنهي ، ومعلوم أن من مات في ذلك الوقت ولم يصل أو لم يصم مثلا وفعل ما هو محرم في الشرع لا حرج عليه ; لأنه لم يكلف بشيء من ذلك بعد ، فلم يضيع من أمر إسلامه شيئا ، كما أن من مات والخمر في جوفه قبل أن تحرم ; فلا حرج عليه      
[ ص: 260 ] لقوله تعالى :  
ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح  الآية [ المائدة : 93 ] ، وكذلك من مات قبل أن تحول القبلة نحو  
الكعبة   لا حرج عليه في صلاته إلى  
بيت المقدس   لقوله تعالى :  
وما كان الله ليضيع إيمانكم     [ البقرة : 143 ] وإلى أشياء من هذا القبيل فيها بيان لما نحن فيه ، وتصريح بأن اعتبار الترتيب في النزول مفيد في فهم الكتاب والسنة .