الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بطيبة رسم للرسول ومعهد

بطيبة رسم للرسول ومعهد

بطيبة رسم للرسول ومعهد
بطيبة رسم للرسول ومعهد
منيرٌ وقد تعفو الرسوم وتهمدُ
ولا تنمحي الآيات من دار حرمةٍ
بها منبر الهادي الذي كان يصعد
وواضح آثارٍ وباقي معالمٍ
وربع له فيه مصلى ومسجد
بها حجراتٌ كان ينزل وسطها
من الله نور يُستضاء ويوقد
معارف لم تُطمَس على العهد آيُها
أتاها البِلى فالآي منها تَجَدَّد
عرفت بها رسمَ الرسول وعهده
وقبرا بها واراه في الترب مَلحَد
ظللت بها أبكي الرسولَ فأَسعدَت
عيونٌ ومثلاها من الجفن تسعد
يذكِّرن آلاءَ الرسول وما أرى
لها مُحصِيا نفسي فنفسي تبلَّد
مُفجَّعة قد شفَّها فقدُ أحمد
فظلت لآلاء الرسول تعدد
وما بلغت من كل أمر عُشَيْرَه
ولكن لنفسي بعد ما قد توَجِّد
أطالت وقوفا تذرف العين جَهدَها
على طلل الذي فيه أحمد
فبوركْتَ يا قبر الرسول وبوركَتْ
بلادٌ ثوى فيها الرشيد المسدد
وبورك لحد منك ضمن طيبا
عليه بناء من صفيح منضد
تهيل عليه الترب أيدٍ وأعينٌ
عليه وقد غارت بذلك أسعُد
لقد غيَّبوا حِلما وعلما ورحمة
عشية علَّوه الثرى لا يوسد
وراحوا بحزن ليس فيهم نبيهم
وقد وهنت منهم ظهور وأعضد
يُبكُّون من تبكي السماوات يومَه
ومن قد بكته الأرض فالناس أكمد
وهل عدلت يوما رزيةُ هالك
رزيةَ يوم مات فيه محمد
تقطع فيه منزلُ الوحي عنهم
وقد كان ذا نور يغور وينجد
يدل على الرحمن من يقتدي به
وينقذ من هول الخزايا ويرشد
إمامٌ لهم يهديهمُ الحق جاهدا
معلم صدق إن يطيعوه يسعدوا
عفُوٌّ عن الزلات يقبل عذرهم
وإن يحسنوا فالله بالخير أجود
وإن ناب أمر لم يقوموا بحمله
فمن عنده تيسير ما يتشدد
فبينا همُ في نعمة الله بينهم
دليل به نهج الطريقة يُقصَد
عزيز عليه أن يجوروا عن الهدى
حريص على أن يستقيموا ويهتدوا
عطوف عليهم لا يثنى جناحه
إلى كنف يحنو عليهم ويمهد
فبينا همُ في ذلك النور إذ غدا
إلى نورهم سهمٌ من الموت مُقصَد
فأصبح محمودًا إلى الله راجعا
يُبكِّيه حق المرسلات ويحمد
وأمست بلاد الحُرمِ وحْشا بقاعها
لغيبة ما كانت من الوحي تعهد
قفارًا سوى معمورة اللحد ضافها
فقيدٌ يبكِّيه بلاط وغرقد
ومسجده فالموحشات لفقده
خلاء له فيه مقامٌ ومقعد
وبالجمرة الكبرى له ثم أوحشت
ديار وعرصات وربع ومولد
فبكِّى رسول الله يا عينُ عبرةً
ولا أعرفنْك الدهر دمعك يجمد
وما لك لا تَبكِين ذا النعمة التي
على الناس منها سابغٌ يتغمد
فجودي عليه بالدموع وأعولي
لفقد الذي لا مثله الدهر يوجد
وما فقَد الماضون مثلَ محمد
ولا مثلُه حتى القيامة يفقد
أعفُّ وأوفى ذمة بعد ذمة
وأقرب منه نائلا لا ينكَّد
وأبذلُ منه للطريف وتالد
إذا ضن معطاء بما كان يتلد
وأكرمُ صيتا في البيوت إذا انتمى
وأكرمُ جدا أبطحيا يسود
وأمنع ذروات وأثبت في العلا
دعائم عز شاهقات تُشَيِّد
وأثبت فرعا في الفروع ومنبتا
وعودا غذاه المزن فالعود أغيَد
رَبَاه وليدا فاستتم تمامه
على أكرم الخيرات ربٌّ مُمَجَّد
تناهت وصاة المسلمين بكفه
فلا العلم محبوسٌ ولا الرأي يفند
أقول ولا يُلفَى لقوليَ عائبٌ
من الناس إلا عازبُ العقلِ مبعَد
وليس هواي نازعا عن ثنائه
لعلي به في جنة الخلد أخلد
مع المصطفى أرجو بذاك جوارَه
وفي نيل ذاك اليوم أسعى وأجهد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لشاعر الرسول: حسان بن ثابت

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة

لا يوجد مواد ذات صلة