الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

محمود المبحوح

محمود المبحوح

محمود المبحوح

"محمود المبحوح" القائد الشهم، والأسد الهصور.. أيها الحاضر فينا، رحلت عنا شهيداً وتركت بصماتك في كل ميدان، وبعت نفسك لله سبحانه وتعالى ونحسب أن الله قد اشترى ، فكنت كما نحسبك ولا نزكيك على الله من الصادقين الذين عاهدوه وصدقوا ما عاهدوا الله عليه، فربح البيع مجاهدنا "محمود" وأنت من كان دوماً يتمنى الشهادة في سبيل الله ويعمل من أجلها، فما أعظمك وقد بنيت لنفسك معالم المستقبل في عالم الجهاد والمقاومة والشهادة.

عذرا يا "أبا العبد"، فمهما كتبنا عنك فلن نوفيك حقك، ومهما سطرت الأقلام فلن تروي حكاية جهادك كاملة فأنت أسطورة من أساطير المقاومة والجهاد، هكذا يمضي الرجال الأبطال، هكذا يرتحلون بعد مشوار جهادي ودعوي مشرف، فحق لفلسطين أن تفخر بك يا "أبا العبد" يا قائدنا ويا حبيبنا ويا مجاهدنا البطل، فأنت من أوجعت الصهاينة المحتلين وأغظت قلوبهم، وأسرت وقتلت من جنودهم وشفيت صدور قوم مؤمنين.

الميلاد والنشأة:

في الرابع عشر من شهر شباط/ فبراير لعام 1960م، ولد "محمود عبد الرؤوف محمد المبحوح" ، وكانت فلسطين بأسرها على موعد مع انطلاق صرخات طفل في المهد ، سيكبر يوماً ويصبح شوكة في حلق الصهاينة ويقض مضاجعهم ويزلزل عروشهم، ويخطف جنودهم.

ولد المجاهد محمود المبحوح في مخيم جباليا/ بلوك تسعة، بجوار بركة أبو راشد، وفي أسرة ملتزمة ومتدينة تعود جذورها إلى قرية "بيت طيما" المحتلة عام 1948م، ترعرع ونما وعاش حياته في مخيم جباليا مخيم الثورة والصمود والشرارة الأولى للانتفاضة المباركة. كان مجاهدنا منذ صغره يكره الاحتلال، وكان يحلم بأن يكبر يوماً ليقارع جنوده وينتقم من مرتكبي المجازر بحق شعبنا، إذ كان مجاهدنا رحمه الله يمارس الرياضة باستمرار، وكان كثيراً ما يتردد على نادي خدمات جباليا ويمارس رياضة كمال الأجسام، وفي إحدى البطولات حاز على المرتبة الأولى في كمال الأجسام على مستوى قطاع غزة، وفي عام 1982م انتقل مجاهدنا رحمه الله إلى مخيم "تل الزعتر".

حياته الاجتماعية:

كان لوالد الشهيد (14) من الذكور، ومن الإناث اثنتان، وكان ترتيب مجاهدنا رحمه الله الخامس بين إخوانه، تزوج مجاهدنا رحمه الله في العام 1983م وقد رزقه الله أربعة من الأبناء، وهم على الترتيب: منى (24 سنة) عبد الرؤوف (21 سنة وهو طالب جامعي )، مجد (11 سنة)، رنيم (7 سنوات).
كما كان يشارك أهله وأولاده العمل في البيت ويغدق عليهم من حبه وحنانه ، وهم الذين افتقدوه كثيراً بسبب السفر والغياب المتكرر لمتابعة العمل. عرف عنه رحمه الله أنه كان مواظباً على قيام الليل. كما كان حريصاً على تربية أولاده على قيم الإسلام الحنيف الذي تربى عليه، فاصطحب زوجه وبناته إلى العمرة في رمضان الماضي، آملاً أن يصطحبهم إلى الحج في وقت قريب، لكن الأجل كان أسبق.

رحلته التعليمية:

درس مجاهدنا رحمه الله المرحلة الابتدائية في مدرسة الأيوبية (ج) بمخيم جباليا ثم حصل على دبلوم الميكانيكا وتفوق في هذا المجال، وكان ناجحاً في عمله فافتتح ورشة في شارع صلاح الدين، وأحبه الجميع، حتى أن الكثيرين من أهلنا في فلسطين المحتلة عام 48 كانوا يأتون إليه وقت إجازتهم لإصلاح سياراتهم عنده لحسن أخلاقه ومعاملته الطيبة مع الناس فأحبه الجميع وكل من حوله.

في صفوف حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وكتائب عز الدين القسام:

كانت بداية تعرفه على الحركة الإسلامية في عام 1978م، عندما التزم في مسجد أبو خوصة " المسجد الشرقي حالياً"، وكان رحمه الله منذ صغره يعشق المقاومة والجهاد في سبيل الله، يتدرب على السلاح، وفي العام 1986م اعتقل لمدة عام في سجن غزة المركزي بتهمة حيازة سلاح "الكلاشينكوف" ، وبعد خروجه من السجن لم يتوقف عن عمله الجهادي بل ازداد قوة، وازدادت علاقته بالشيخ المؤسس "أحمد ياسين" وبالشيخ المؤسس لكتائب عز الدين القسام "صلاح شحادة"، وكان مجاهدنا رحمه الله عضوا في المجموعة العسكرية الأولى التي أسسها القائد "محمد الشراتحة".

عمل بعد خروجه من السجن على تشكيل "الوحدة 101" التي تخصصت بخطف الجنود، بإيعاز من الشيخ صلاح شحادة القائد في حماس الذي أقدمت إسرائيل على تصفيته في العام 2002 برفقة عائلته.

أسر جنديين صهيونيين

في عام 1988م، تمكن مجاهدون تابعون لكتائب القسام بقيادة الشهيد "محمود المبحوح" من أسر رقيب صهيوني يدعى "آفي سبورتس" من داخل الكيان الصهيوني، بعد أن جردوه من سلاحه وأوراقه الرسمية، وفي وقت لاحق تم تصفيته وإخفاء جثته، وبعد نجاح المحاولة الأولى قام المجاهدون القساميون بأسر جندي آخر في 3/5/1989 يدعى "إيلان سعدون"، حيث جرى اختطافه بكامل عتاده العسكري، إلا أن المجاهدين اضطروا لقتله وإخفاء جثته؛ نظرا لصعوبة الاحتفاظ به حياً.

بعدما انكشف أمر شهدينا في 11/5/1989م، قامت قوات خاصة فجر ذلك اليوم، بتطويق بيت الشهيد وقاموا بعمليات إنزال على شرفة المنزل وسطحه ، وقاموا بإلقاء قنابل صوتية وتكسير أبواب المنزل بدون سابق إنذار واعتقلوا كل من في البيت بما فيهم أطفاله الصغار، وكانت هناك قوات خاصة في ورشة الشهيد تنتظر قدومه لقتله أو اعتقاله، وكان الجنود الصهاينة متخفين بزي عمال زراعة، وعندما توجه أخواه إلى الورشة (الكراج)، قام الصهاينة بإطلاق النار عليهما لحظة دخولهما، وأصيب أخوه "فايق" وتم اعتقاله من قبل الصهاينة، ورغم الحصار والمطاردة ذهب "أبو العبد" إلى المستشفى ليطمئن على أخويه ومن ثم غادر المكان. وفي عام 1990م قررت المحكمة الصهيونية هدم بيت الشهيد ومصادرة الأرض، وكانت التهمة الموجهة إليه خطف جنود صهاينة.

الخروج من غزة:

بعد مطاردة في غزة دامت أكثر من شهرين، تمكن الشهيد المبحوح من اجتياز الحدود هو ورفاقه. إلى مصر، ومن ثم إلى ليبيا، ومن هناك غادروا إلى سوريا حيث أكمل مشواره الجهادي.

ليلة الاستشهاد:

في طريق سفر الشهيد إلى إحدى الدول، وأثناء مروره بدبي ونزوله ليلاً في أحد الفنادق (19/1/2010) اغتالته يد الغدر فارتقى شهيدا (نحسبه كذلك والله حسيبه ولا نزكيه على الله ) ليكون منارة جديدة في طريق الجهاد والمقاومة والتحرير إن شاء الله.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة