الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أثر الحرمان من الأمومة في الأبناء

  • الكاتب:
  • التصنيف:أب .. وأم

أثر الحرمان من الأمومة في الأبناء

يقول الحق تبارك وتعالى:"فرددنه إلى إمه كى تقر عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون" سورة القصص-آية 13.
هذا الخبر عن أم موسى حين ذهب ولدها موسى عليه السلام، عندما قامت أخته بالقاءه في البحر، فأصبح فؤاد أمه فارغاً، أي من كل شئ من أمور الدنيا، إلا إبنها صغيرها، لولا أن ثبتها الله وصبرها، وقد وعد الله تعالى برده إلى أمه وجعله من المرسلين.
والواقع أن قلب الأم وحنانها هو النبع الصافى الذي ينهل منه الصغار الحنان والرعاية، فالأم وعاء عند الحمل وسقاء عند الإرضاع ورعاء طوال عمرها لابنائها.
إن الحديث عن الحرمان من الأمومة..هو الحديث عن مشاكل حيوية تحدث بين الصغار، حيث الحديث عن أخطار الحرمان من الأمومة، هو حديث عن مشاكل حيوية تحدث للكثير من الصغار، الذين يفقدون أمهاتهم في مرحلة الطفولة، وتتلقفهم أيادٍ لاترحم، وقد يناصر الآباء زوجاتهم الجديدات، إرضاء لهن، وقد يرجع ذلك إلى إخماد عاطفة الأب نتيجة لحماقات زوجته، وغيرتها التي لا تنطفئ خاصة إذا رزقها الله من زوجها بنين وبنات تجد فيهم ما يقرّب الأب منها ومنهم، ومن ثم يباعد بينه وبين أبنائه من زوجته الأولى.
وعلينا أن نعلم أن خبرات الطفولة المبكرة، تؤثر في سلوك الفرد خلال مراحل حياته، وبما أن بيئة الطفل في حياته المبكرة، لا تخرج عن محيط البيت والأسرة، أي .. الأب والأم والإخوة والأخوات، فقد يتأثر الصغار..ذكوراً أو إناثاً، من بيئة الحرمان والذل والهوان، وقد يكون الأب في عمل دائب خارج البيت، ويأتي إلى منزله بعد أن ينام الصغار، فلا يتابع ما يجري من أمور، وقد تحاول زوجته أن تزين له كل السبل التي من خلالها يعتقد أن أبناءه جميعاً، يتمتعون بحياتهم متاعاً حسناً، وواقع الأمر، قد يخالف ذلك، فصغارها يتمتعون بالملبس والمأكل ويستجاب لمطالبهم، بينما أبناء زوجها يعانون الحرمان، وقد يحرمون شهي الطعام، ويلبسون الرخيص من الثياب، وينامون كل ليل طويل وهم مسهدو الجفون.
إن شخصية الطفل، تتحدد وتتشكل في مرحلة الطفولة، وتكوّن اتجاهاتها نحو الآخرين ونحو الأشياء العامة في البيئة وفي الحياة العامة، طبيعة العلاقات الأسرية والاجتماعية من الأبوين والإخوة والأخوات والجيران والأقارب.
ورغم أن شخصية الفرد تخضع بعد ذلك - خلال مراحل الحياة - المتتابعة لمؤثرات مختلفة، حيث تتسع العلاقات الاجتماعية، وتزداد الخبرات عند مواجهة مواقف الحياة الإيجابية والسلبية، إلا أنه يجب أن يؤخذ في الاعتبار، أن خبرات الطفولة، تؤثر- دوماً- في بنية الشخصية، بل إنها تظل محركا رئيسياً في بنية الشخصية في الأعمار المتقدمة، فالطفولة.. صانعة المستقبل.
وفي الطفولة المبكرة.. من أقدر أفراد الأسرة، على رعاية الطفل وإشباعه عاطفياً ونفسياً، غير الأم..؟! أليست الأم وعاء عند الحمل.. وسقاء عند الإرضاع.. ورعاء طوال عمرها مع فلذة كبدها؟
إن علاقة الطفل بأمه حال ولادته وفي سني المهد، حتى يستقل عنها ويعتمد على نفسه، ويخاطبها ويستجيب لها،ويتحرك ويمشي، لها آثار كبيرة في إشباع حاجاته الجسمية والنفسية والعقلية.
والطفل الذي يحرم من حنان الأم وعاطفتها، قد يتأخر نموه الجسمي والعقلي واللغوي والاجتماعي، بل إنه بنيته الشخصية لا تكون سوية.
وفاقد الشيء لا يعطيه، ولأنه قد يستشعر النبذ وأنه غير مرغوب فيه، فقد يؤثر الصمت وينطوي على نفسه ويظهر الاكتئاب على سلوكه وقد لا يستجيب لمداعبات أو ابتسامات الآخرين، إذ يبدو عليه البؤس والتعاسة. وآثار هذا انحرافات واضطرابات أو نوبات من الانفعالات الحادة، أو سلوك غير سوي لا يقبله أقرب الناس إليه.
وهناك فروق فردية بين الصغار عند ابتعاد أمهاتهم عنهم، فإذا لم تتجاوز مدة ابتعاد الطفل عن أمة ثلاثة شهور، فإنه قد يسترد بسرعة القدرة على مبادلتها العواطف، ويعود بذلك إلى النمو الطبيعي دون معوقات، بينما إذا امتد الحرمان العاطفي من الأمومة لستة شهور، فإن النمو العاطفي للطفل يتخلف بشكل ملحوظ عن النمو العاطفي لمن هم في مثل عمره.
إن الأطفال الذين يفتقدون أمهاتهم نتيجة لوفاة الأم أو طلاقها، وتصميم الأب على حضانة الأبناء ، أو لأي ظروف أخرى مثل أطفال الملاجئ هؤلاء الأطفال رغم فقدانهم عاطفة الأمومة، قد يجدون العوض عند وجود بدائل الأمهات، اللائي يقمن بمثل وظائف الأمهات ويبادلن الصغار الحب والعطف، وقد لوحظ أن هؤلاء الأطفال ينمون بصورة طبيعية من ناحية النمو الطبيعي بالنسبة للأطفال العاديين الذين يعيشون في كنف ورعاية أمهاتهم، وأيضاً نموهم طبيعي عند مقارنتهم بحياة الأطفال الذين لايجدون بدائل الأمهات، أو يعيشون مع زوجات آبائهم ذوات القلوب القاسية، إن حديثي للآباء والأمهات على حد سواء، حيث نسأل الله أن تمتلئ القلوب بالرحمة لأبنائنا أو أبناء من نقوم برعايتهم، عندما يفتقدون السند العاطفي وخاصة وهم صغار.
إن تقوى الله هي الموجه السليم لأمور حياتنا وأذكر بقول الله تعالى قول الحق: (وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافاً خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولاً سديداً) ( سورة النساء :آية 9.)

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة