الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإنترنت.. عالم المراهق الرقمي

الإنترنت.. عالم المراهق الرقمي

الإنترنت.. عالم المراهق الرقمي

لا يختلف اثنان على أنّ الكمبيوتر والإنترنت وتوابعهما أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياتنا العصرية، ومن لا يعرف استعمالهما يعمل كل ما في وسعه لتعلّمه خصوصاً الأهل الذين لم يتعرّفوا إلى هذا الصندوق العجيب خلال مرحلة طفولتهم أو مراهقتهم.

بينما اليوم يواكب الكمبيوتر والإنترنت نمو الطفل وتطوّره، وهما متوافران لديه في كل مكان يذهب إليه سواء في المنزل أو المدرسة أو عند صديقه...

وفي المقابل يشكو الوالدان أن ابنهما لا يكترث لما يطلبان منه أثناء جلوسه إلى الكمبيوتر وكأنه غارق في عالم رقمي لا علاقة له بالعالم الإنساني.

لقد أصبحت اللغة الرقمية لغة المراهقين في ما بينهم ، فتجد مراهقاً يدردش مع صديقه ويضع أمامه وجبة طعامه، ويكتب في المدوّنة الخاصة به، وكأن كل ما يحدث حوله في العالم الواقعي مجرد ظلال لا يراها أو يسمعها أو يشعر بها.

* والسؤال إلى أي مدى يمكن السماح للتلميذ بالجلوس إلى الكمبيوتر؟ وكيف يمكن وضع الحدود؟
يرى الاختصاصيون أن شبكة الإنترنت أحضرت العالم إلى البيت وأصبح في متناول التلميذ كل أنواع المعرفة (أحداث، حضارات، تكنولوجيا). ولم يعد الطفل مجرد متلقي، بل أصبح في إمكانه إنتاج محتوى على الإنترنت والتعبير عن نفسه، أي التفاعل بالمعنى الإنتاجي للكلمة. إذ يقوم المراهقون بابتكار صفحة المدوّنة الخاصة أي الـ Blogs ليعبّروا من خلالها عن آرائهم وأفكارهم مما يعني أنهم يشاركون في إنتاج محتوى من خلال الصور والتواصل الاجتماعي أو إنشاء فريق عبر الإنترنت، وهذا لم يكن متاحاً في السابق. ولكن هذا لا ينفي وجود مساوئ لهذا النوع من التواصل نتيجة غياب رقابة الأهل.

عندما يطلب من التلميذ أن يحضّر بحثاً مدرسياً يلجأ إلى الشبكة العنكبوتية حيث يجد في الموسوعات الإلكترونية بحراً من المعلومات التي لم يكن يتوقّعها أو يفكّر فيها مما يساعده في إنجاز بحثه بالسرعة المطلوبة، ولكن يشكو بعض المعلمين أنّ التلامذة عندما ينجزون بحثهم من خلال الإنترنت إنما ينسخون المعلومات. صحيح أن إمكان نسخ المعلومة وارد، ولكن عندما يعلّم الأستاذ التلميذ المنهجية الصحيحة للحصول على المعلومة عبر الإنترنت، ويطلب منه أن يعطيه 3 أو 4 مراجع على الإنترنت وعدم الثقة بمصدر واحد، وفي الصف يناقشه في المعلومات التي وجدها، ويتأكد أنه اطلع على المعلومة الصحيحة، ويعرف كيف يعرضها، وهذه إجراءات تفاعلية، فإنه يساعده في تعلّم منهج البحث، فالهدف ليس النسخ بل مناقشة المعلومة.

لذا ليس تحت ذريعة الـ "Copy-Paste" يحرم التلميذ من أداة جديدة للتعلم توفر عليه الوقت. المشكلة ليست في الإنترنت لكن في الطريقة التي يعتمدها التلميذ في استخدامها. وهذا لا يعني أن نلغي الكتاب، ولكن إذا كان ثمّة وسيلة إضافية تساعد في تحسين المستوى الثقافي عند التلميذ فلمَ لا يستعملها. ولكن في الوقت نفسه من الضروري أن يرشد الأهل ابنهم إلى المواقع الموثوق بها، ويعلّمونه كيف يتحقق من المعلومات التي يحصل عليها.

- يبتكر مدوّنته الخاصة Blog:
أثبتت دراسة فرنسية أن 41% من المراهقين لديهم مدوّناتهم الخاصة، يعبّرون من خلالها عن آرائهم وأفكارهم مما يعني أنهم يشاركون في إنتاج محتوى من خلال الصور والتواصل الاجتماعي أو إنشاء فريق عبر الإنترنت، وهذا لم يكن متاحاً في السابق، ولكن هذا لا ينفي وجود مساوئ لهذا النوع من التواصل، نتيجة غياب رقابة الأهل. فالمراهق الحسّاس جدّاً والذي يعبّر عن مشاعره ويتحدّث عن أمور شخصية قد تعرّضه لتعليقات جارحة من الآخرين ويتأثر سلباً بها. لذا من الضروري أن يناقش الأهل أبناءهم في محتوى المدوّنات الخاصة بهم وإعلامهم بالأخطار التي يمكن أن تنتج عن ذلك.

- يمضي وقته على المواقع الاجتماعية:
تجرى العديد من الحوارات على الـ MSN والفيس بوك، واللافت أن 53 في المئة من المشاركين في هذه المواقع تراوح أعمارهم بين الثالثة عشرة والثامنة عشرة. ويشكّل هذا النوع من التواصل وسيلة جيِّدة بالنسبة إلى المراهقين الخجولين شرط ألا تكون وسيلتهم الوحيدة التي يستعملونها لتبادل الآراء. فقد تؤدي الدردشة الإلكترونية إلى أن ينسى المراهق مسألة الاحتشام، ويقبل دعوة أشخاص لا يعرف عنهم شيئاً ويصبحون أصدقاءه.

والخطورة تكمن في أن يطلب هؤلاء الأشخاص من المراهق القيام بأمور منافية للأخلاق خصوصاً إذا كان الكمبيوتر مجهزاً بـ"ويب كاميرا"، أو يطلبون منه أن يزوّدهم بمعلومات خاصة عن أفراد عائلته وغيرها من الأمور الخارجة على التقاليد الاجتماعية. لذا من الضروري أن يراقب الأهل أبناءهم أثناء قيامهم بالدردشة ويطلبون منهم عدم كتابة أي معلومات شخصية عنهم أو عن أي فرد من العائلة، فهذه المعلومات يمكن أن يراها أي شخص يستعمل الخدمة نفسها.

وكذلك يجب التشديد على عدم التحادث مع شخص يبدو عنوانه الإلكتروني مريباً، وفي المقابل عليهم مراقبة لائحة جهات الاتصال بشكل دوري للتأكد أنّ الأسماء الواردة فيها يعرفون أصحابها. فإذا كانت غامضة يمكن منعهم من الظهور أو الاختراق أثناء المحادثة.

- ألعاب المواقع الإلكترونية:
يبدو أن ألعاب المواقع الإلكترونية يزاولها معظم المراهقين الذكور، فواحد من بين اثنين يمارس هذه الألعاب، وتراوح أعمار الممارسين بين الخامسة عشرة والسابعة عشرة. ويرى الاختصاصيون أنّ المراهق الذي لديه نشاطات أخرى في حياته ويشعر بالرضى عنها فإن هذه الألعاب لا تشكل خطراً عليه من حيث وقوعه في إدمانها، بينما الخطر يكون عبر الألعاب الافتراضية التي تسمح للمراهق لاسيّما الخجول بتخطي الحدود، والتخلص من الخوف أو الخجل، لأنّه خلال اللعب يمكنه أن يتقمص شخصية أخرى مختلفة عن شخصيته الحقيقة ويتماهى معها فيحاول أن يتخطى الصعاب الواقعية عبر عالم افتراضي يستطيع فيه أن يقوم بكل ما يحلو له، وبالتالي يزداد احتمال انطوائه على نفسه وعدم التواصل مع العالم الواقعي. فرغم انه يتمكن من تنفيس كبته في هذا العالم الافتراضي، ينبه الاختصاصيون إلى أنه من الضروري أن يخرج العنف الافتراضي عبر الحوار الواقعي بين الأهل والابن، كي لا يبقى في لا وعيه ويتحوّل تدريجياً إلى فعل واقعي.

الخوف من الإدمان
ومما ينبغي التنبه إليه عدم ترك المراهق أمام النت لفترات طويلة حتى لا يتحول إلى "مدمن نت"، ولبدايات الإدمان علامات منها: التركيز على أبواب الدردشة والألعاب والتسوّق وقلة أو عدم الاهتمام بالأبواب الأخرى، فضلاً عن أنه لا يرد على الهاتف، ولا يتناول وجبة طعامه مع العائلة، وإذا انقطع الإنترنت يشعر بالغضب والملل، وغالباً ما يكون المراهق المدمن خجولا منطويا على نفسه، وأحياناً يكون مصابا بفوبيا التواصل الاجتماعي.

نصائح لأولياء الأمور
على الأهل وضع قوانين لاستعمال الكمبيوتر بصورة عامة والإنترنت بصورة خاصة، وعليهم أن يجدوا توازناً بين الجلوس إلى الكمبيوتر وساعات القيام بنشاطات أخرى، كما عليهم أن يضعوا جهاز الكمبيوتر في مكان يخضع لرقابتهم طوال الوقت مثل غرفة الجلوس، وعدم وضعه في غرفة نوم الطفل. وإذا كان الأهل يستخدمون خدمة Windows Vista يمكنهم تثبيت قانون استخدام الكمبيوتر في المنزل من خلال تحديد وقت الاستخدام عبر الاستفادة من خدمة Windows Vista parental controls. وأخيراً على الأهل أنفسهم أن يراقبوا طريقة استخدامهم للإنترنت، فإذا كانوا يجلسون مدة طويلة من الطبيعي أن يقلّدهم أبناؤهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ديانا حدارة (البلاغ)
للزيادة يمكن قراءة هذا المقال:
/ar/article/174581

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة