الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عمدة الناسك في مناسك الحج والعمرة

عمدة الناسك في مناسك الحج والعمرة

عمدة الناسك في مناسك الحج والعمرة

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه من يهد الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين.
وبعد: فهذا كتيب مبسط لأعمال الحج والعمرة كتبناه بصورة مبسطة وميسرة وتسهيلاً للراغبين في أداء الحج والعمرة، كتبناها في صورة خطوات ليسهل على المؤدي لهذه المناسك أن يؤديها بصورة صحيحة، وهي بمثابة مذكرة ومفكرة يصطحبها معه في حجة أو عمرته. اخترنا لها اسم (الواضح في مناسك الحج والعمرة). نسأل الله تعالى أن يتقبل منا اليسير من أعمالنا وأن يوفقنا إلى طاعته وحسن عبادته.

من آداب السفر

1- التوبة ورد المظالم والديون: فإذا عزم على السفر تاب إلى الله توبة نصوحاً من جميع المعاصي والآثام، ورد المظالم والحقوق إلى أهلها ورد الودائع وكتب وصيته، ويوكل من يقضي عنه ديونه التي لم يتمكن من ردها.
2- إرضاء الوالدين: يجتهد في إرضاء الوالدين وكل من يتوجه عليه بره وطاعته.
3- الحرص على أن تكون نفقته حلالا خالصة من الشبهة.
4- الاستكثار من الزاد الطيب والنفقة، وذلك ليواسي منه المحتاجين.
5- ترك المساومة فيما يشتريه لأسباب سفر حجه أو عمرته وكل سفر طاعة، لأنه يؤجر على نفقته.
6- عدم المشاركة في الزاد والراحلة والنفقة، ويستحب ذلك إيثارا للسلامة من المنازعات.
7- تعلم كيفية الحج والعمرة: وهذا فرض عين؛ إذ لا تصح العبادة ممن لا يعرفها ويستحب له أن يستصحب معه كتابا واضحا في المناسك جامعاً لمقاصدها ويديم مطالعته.
8- اصطحاب الرفيق: لا بد أن يكون رفيقاً موافقا راغبا في الخير كارها للشر، إن نسي ذكره، وإن ذكر أعانه، ويحرص على رضا رفيقه في جميع طرقه، ويتحمل كل واحد صاحبه ويرى لصاحبه عليه فضلا وحرمة، ولا يرى ذلك لنفسه ويصبر على ما يقع منه أحيانا من جفاء ونحوه، ويعين كل منهم صاحبه على مكارم الأخلاق ويحثه عليها.
9- التفرغ للعبادة والإخلاص: يستحب أن يتفرغ للعبادة خاليا عن التجارة، لأنها تشغل القلب، وإن يريد بعمله وجه الله تعالى ، ولا يكون له شاغل إلا العبادة. ويحرص ويجتهد على التزود من كل أعمال الخير والطاعات ، وأن يتزود لآخرته {وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [ البقرة:197] فيستحب فراغ اليدين من مال التجارة ذاهبا وراجعا.
10- صلاة ركعتين إذا أراد الخروج من منزله: يستحب إذا أراد الخروج من منزله أن يصلي ركعتين تمنعناه من مخرج السوء.
11- الوداع: يستحب أن يودع أهله وجيرانه وأصدقاءه، وأن يودعوه ويستسمحهم، ويقول: كل واحد منهم لصاحبه أستودع الله دينك، وأمانتك ، وخواتيم عملك، زودك الله التقوى، وغفر ذنبك ويسر لك الخير حيثما كنت.
12- الدعاء عند الخروج من البيت: والسنة أن يقول إذا أراد الخروج من بيته: (اللهم أعوذ بك أن أضل أو أضل ، أو أذل أو أذل ، أو أظلم أو أظلم ، أ, أجهل أو يجهل علي ، بسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله).
13- الدعاء عند الركوب: (بسم الله) وإذا استوي على الدابة قال: (الحمد لله الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين ، وإنا إلى ربنا لمنقلبون. الحمد لله ، الحمد لله ، الحمد لله . الله أكبر الله أكبر الله أكبر، اللهم إني ظلمت نفسي فاغفر لي ، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت - ثم يضحك - اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى ، اللهم هون علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده. اللهم أنت الصاحب في السفر ، والخليفة في الأهل ، اللهم إنا نعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنظر وسوء المنقلب في المال والأهل).
14- الرفق في السفر والتقشف: أن يتجنب الشبع المفرط ، والزينة والترف والتبسط في ألوان الأطعمة. فان الحاج أشعث أغبر وينبغي أن يستعمل الرفق، وحسن الخلق مع الناس، ويتجنب المخاصمة والمخاشنة، ومزاحمة الناس في الطرق ، ويصون لسانه عن الشتم، والغيبة واللعن والطعن، وجميع الألفاظ القبيحة .
15- التكبير والتسبيح والتهليل والتقديس والإكثار من ذلك: وان يكبر إذا صعد الثنايا ويسبح إذا هبط الأودية.
16- الدعاء في السفر: يستحب الإكثار من الدعاء في جميع سفره لنفسه ولوالديه وأحباءه، وسائر المسلمين لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على الولد).
17- التزام الطهارة والصلاة: فينبغي أن يحافظ على الصلاة في أوقاتها. ويستحب له المداومة على الطهارة والنوم على الطهارة. ويستحب له أن يصلي تطوعاً وهو راكب الدابة كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم فيستقبل القبلة إن أمكن فيكبر ويصلي وهو جالس في مكانه وحيث توجهت به الدابة وهيئة الصلاة تكون إيماءً.
18- الرجوع من السفر: يستحب للمسافر إذا قضى حاجته أن يعجل الرجوع إلى أهله، وأن يقول في رجوعه: الله أكبر الله أكبر الله أكبر. لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون. صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده .
19- السنة إذا وصل منزله أن يبدأ قبل دخوله بالمسجد القريب فيصلي فيه ركعتين لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد، فركع فيه ركعتين ثم جلس.
20- ينبغي أن يكون رجوعه خيراً مما كان، وأن يكون خيره مستمراً في ازدياد.

مناسك العمرة (أعمال العمرة أربعة):

1- الإحرام: (ركن).
2- الطواف: (ركن).
3- السعي: (ركن).
4- التحلل بالحلق والتقصير.

الإحرام (وهو ركن): ومعناه الدخول في النسك (سواء كان هذا النسك حجا أو عمرة)، وخطوات الإحرام:
1- يستحب التنظيف بإزالة الوسخ من الغبار وغيره وقطع الرائحة ونتف الإبط وقص الشارب، وتقليم الأظافر وحلق العانة (وهذا البند إما أن تفعله قبل الخروج من المنزل أو في المكان الذي سوف تحرم منه).
2- يغتسل تنظفاً (لإحرامه) وهذا الغسل سنة حتى لو كانت المرأة حائض أو نفساء فيسن لها الاغتسال؛ لأن هذا الاغتسال مسنون، ويسمى غسل الإحرام.
3- يتطيب في بدنه وفي رأسه، وذلك قبل الإحرام (وهو مسنون)؛ ولكن لا يضع طيباً في ملابس الإحرام.
4- يتجرد الذكر (الرجل أو الصبي) من المخيط ، ويلبس ثوبين نظيفين (إزار ورداء ونعلين).
5- يستحب له أن يحرم عقب الصلاة: فان كان الوقت وقت الصلاة فرض فيحرم بعدها بالنسك. وان لم يكن وقت صلاة صلى ركعتين تطوعاً، ثم أحرم بعدها.
6- يلبي من ميقات الإحرام (لبيك اللهم بعمرة) والأصل أنه ينوي بقلبه الإحرام، ثم يلبي بلسانه، فإن لبى بقلبه ولم يلب بلسانه انعقد الإحرام.
7- يكثر من التلبية: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك).
8- ويستحب رفع الصوت للرجال، أما النساء فتسمع فقط رفيقاتها. ويكثر من التلبية سواء كان راكباً أو ماشياً قائماً أو مضطجعاً أو قاعداً حتى لو كانت المرأة حائضاً أو نفساء حتى لو كان الملبي على جنابة فإنها لا تمنع التلبية.
• فإذا أحرم وقال: (لبيك اللهم بعمرة) كانت هناك محظورات يجب عليه أن لا يفعلها طالما لم ينته من النسك الذي أهل به، فيحرم عليه الأشياء الآتية:
1- لبس المخيط للرجل دون المرأة (والمخيط هو المفصل على قدر الأعضاء).
2- تغطية الرأس للرجل دون المرأة. وتغطية الوجه (للمرأة دون الرجل) إلا أمام الرجال الأجانب فتسدل، ولكن لا تتنقب.
3- استعمال الطيب أو قصد شم الطيب (أو شم الطيب عمداً).
4- إزالة الشعر من أي جزء في البدن، وكذلك تقليم الأظفار.
5- عقد النكاح أو الخطبة (فيحرم على المحرم أن يتزوج أو يزوج أو يخطب).
6- الجماع ومقدماته (من تقبيل أو لمس بشهوة) فإن أمذى نتيجة ذلك وجب عليه الفدية، أما الوطء في الفرج فإنه يفسد به النسك -سواء كان حج أو عمرة-.
7- صيد البر دون صيد البحر.

الطواف (وهو ركن): يظل المحرم يلبي حتى إذا دخل إلى المسجد ليبدأ الطواف توقف عن التلبية، وذلك عند استلام الحجر ليبدأ أعمال الطواف.
1- إذا دخل المسجد الحرام قدم رجله اليمنى وقال: (بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم افتح لي أبواب رحمتك، أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم) .
2- إذا رأى البيت فله أن يرفع يديه إن شاء ويستحضر الخشوع والتذلل والانكسار والخضوع والمهابة والإجلال لله رب العالمين. ويدعو بما تيسر له، أو يدعو ويقول: (اللهم أنت السلام ومنك السلام فحينا ربنا بالسلام).
ويلزم الطائف أن يكون على طهارة كاملة من الحدثين الأكبر -الجنابة، الحيض، النفاس- والأصغر.
فينوي بقلبه طواف العمرة ويضطبع (وهو أن يدخل الرداء من تحت الإبط الأيمن ويرد طرفه على يساره ويبدي منكبه الأيمن ويغطي الأيسر) وهذا الاضطباع للرجال دون النساء ولا يتم إلا عند بداية الطواف لا قبله (ويكون في أول طواف فقط طواف العمرة، طواف القدوم للحج) ويرمل -وهو إسراع الخطى- في الأشواط الثلاثة الأولى ويمشى في الأربعة الباقية (ويكون للرجل دون المرأة).
3- استلام الحجر الأسود: ويكون هذا الاستلام أن يستقبل الحجر الأسود بوجهه ويدنو منه بشرط أن لا يؤذي أحداً بالمزاحمة فيستلمه ثم يقبله من غير صوت يظهر في القبلة ويضع الجبهة عليه. فإن لم يستطع فباللمس سواء باليد أو بأي شيء يقبل هذا الملموس، فإن لم يستطع فيشير إليه بيده دون تقبيل. فيقف على الخط الممتد في اتجاه الحجر الأسود مستقبلا هذا الحجر بصدره ووجهه ويشير إليه بيده ويكبر ويقول: (بسم الله والله أكبر) ويبدأ في الطواف.
4- يجعل البيت على يساره في طوافه.
5- يرمل (يسرع في الخطى) في الأشواط الثلاثة الأول، هذا يختص بالرجال دون النساء، وهذا الرمل في أول طواف بالبيت (طواف عمرة أو طواف قدوم للحج) أما أي طواف بعد ذلك فليس فيه رمل. فإن لم يستطع أن يرمل نتيجة للزحام، فالأولى أن يترك ذلك، إن كان في تنفيذه إيذاء للناس.
6- يستكمل باقي الأشواط الأربعة الباقية دون رمل (يمشي فقط) ليكمل الأشواط السبعة.
7- يبدأ كل شوط باستقبال الحجر ويقول: بسم الله والله أكبر.
8- لا بد أن يوالي بين الأشواط دون أن يكون قطع لهذه الأشواط إلا لعذر كالصلاة، فيصلي في مكانه الذي أقيم فيه الصلاة حتى إذا انتهى من الصلاة استكمل باقي الأشواط (أما إن احدث في طوافه قبل استكمال الأشواط فانه يتوضأ ثم يبدأ الطواف من جديد).
9- إذا نسي عدد الأشواط التي فعلها (كم طاف حول الكعبة) فعليه أن يبني على الأقل بمعنى هل طاف أربعة أشواط أم خمسة، بنى على أنه طاف أربعة أشواط، ويستكمل باقي السبعة.
10- إذا أتى على الركن اليماني يستلمه بيده (يلمس هذا الركن بيده ولا يقبلها). فإن لم يستطع أن يستلم الركن اليماني فلا يشير إليه، ولا يرفع يده إشارة له. ويستحب أن يقوا إذا مر بالركن اليماني: (وهو الدعاء بين الركن الأسود واليماني) {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار}.
11- ليس هناك دعاء مأثور حال الطواف. وللطائف أن يدعو بما شاء، وأن يكثر من الذكر والدعاء وقراءة القرآن. ومن السنة: أن يكون الدعاء والذكر بخشوع وبحضور قلب، وأن يكون سراً؛ لأنه أجمع للخشوع.
12- الدنو أو القرب من البيت (للرجل) لشرفه ولكونه مقصود إل إن كان هناك مزاحمة من الناس فالأفضل أن يبتعد عن المزاحمة حتى لا يتعدى بالإيذاء إلى الناس.
فإذا انتهى من الطواف واستكمل الأشواط السبعة يزل الاضطباع فيغطي كتفه الأيمن بمجرد الانتهاء من الشوط السابع، وقبل صلاة ركعتي الطواف، ثم يصلي ركعتين خلف مقام إبراهيم، ويستحب له إذا انطلق إلى مقام إبراهيم عليه السلام أن يقرأ بصوت مسموع {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة:125] ثم يجعل المقام بينه وبين البيت ثم يصلي ركعتين يقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة: {قل يا أيها الكافرون} وفي الركعة الثانية بعد الفاتحة {قل هو الله أحد}، وإن لم يتمكن من الصلاة خلف المقام للازدحام جاز له أن يصلي الركعتين في أي موضع من المسجد.

السعي وهو (ركن): هذا الركن لابد أن يكون بعد طواف صحيح: وهو استغراق المسافة التي بين الصفا والمروة.
1- يبدأ باستلام الحجر الأسود (وهذه سنة) ثم يخرج من باب الصفا إلى المسعى.
2- يتجه إلى الصفا فإذا دنا من الصفا قرأ قول الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} [البقرة:158] ثم يقول (أبدأ بما بدأ الله به).
3- يرقى-يصعد- على الصفا ويستقبل البيت -أي يتجه بوجهه ناحية الكعبة- ثم يقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك ، وله الحمد، يحيى ويميت وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أنجز وعده ، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ثم يدعو بما شاء من أمري الدنيا والآخرة ويكثر من الدعاء ولا يمل ويكرر هذا البند ثلاثاً. (يقول الذكر ثم يدعو بعده) يفعل ذلك ثلاثاً.
4- ثم يمشي متجهاً إلى المروة ويكثر من الذكر والدعاء ويدعو في السعي بقوله: (رب اغفر وارحم إنك أنت الأعز الأكرم) (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار). وهناك الميلان الأخضران بين الصفا والمروة وفيها يهرول الرجال دون النساء إلا إن كنت الهرولة سوف تسبب إيذاء للناس فتترك عند ذلك الهرولة.
5- إذا وصل إلى المروة فانه يفعل ما فعله عند الصفا-فيرقى على المروة ويستقبل البيت بوجهه ويكبر ويهلل ويدعوا كما فعل على الصفا.
6- يستكمل الأشواط السبعة ولا بد في كل شوط أن يستغرق ما بين الصفا والمروة، ويحسب الشوط باستغراق المسافة بين الصفا والمروة. فمن الصفا إلى المروة يحسب شوط ثم من المروة إلى الصفا شوط، هكذا حتى تنتهي الأشواط عند المروة.
7- لا بد أن يتابع ويوالي بين الأشواط فلا تقطع إلا لعذر كالصلاة فيصلي في مكانه الذي أقيمت فيه الصلاة فإذا انتهت الصلاة استكمل الأشواط ولا يشترط للسعي الطهارة، سواء من الحدث الأكبر ـحيض نفاس جنابةـ أو أصغر فلو أحدث في أثناء السعي فإنه يستكمل السعي ولا يلزم الوضوء لكن يستحب السعي على طهارة فإنه أكمل.
8- في حالة إذا نسي كم عدد الأشواط التي أداها فإنه يبني على الأقل ويستكمل عليها حتى تصل الأشواط إلى سبعة أشواط. ويستحب أن يتحرى زمن الخلوة لسعيه وطوافه وإذا كثرت المزاحمة ينبغي أن يتحفظ من إيذاء الناس وليعلم أن ترك هيئة السعي أهون من إيذاء المسلم. فإن كان إسراع الخطى بين الميلين الأخضرين (وهذا للرجال دون النساء) سوف يؤذي المسلم فالواجب ترك إيذاء المسلم حتى لو كان في ذلك ترك هذه السنة.

التحلل بالحلق أو التقصير: وهذا العمل هو آخر أعمال العمرة، فيتحلل المحرم من إحرامه في نهاية العمرة، وبعد أداء مناسك العمرة بحلق رأسه أو تقصير شعر رأسه. فإن كان سوف يؤدي الحج بعد هذه العمرة فله أن يقصر شعر رأسه ويترك حلق شعر رأسه للحج وذلك إن كانت المدة بين أداء العمرة والحج قصيرة. ويكون التقصير أن يأخذ من كل شعر رأسه وليس من جزء من الرأس. أما المرأة فإنها تأخذ من ضفائرها بقدر أنملة. فيتم بذلك التحلل ويحل له كل شيء كان محظوراً عليه حين أحرم بالعمرة ويرفع عنه الحظر وتكون العمرة كاملة.
• ولا يجب للعمرة طواف وداع، ولكنه يستحب ليكون آخر عهده بالبيت عند إرادة السفر من مكة .
• وكذلك يستحب أن يشرب من ماء زمزم، وأن يكثر منه، وأن يتضلع منه. وقال النبي صلى الله عليه وسلم عن ماء زمزم (إنها مباركة، إنها طعام طعم وشفاء سقم) وقال صلى الله عليه وسلم: (ماء زمزم لما شرب له) فيستحب أن يشربه لمطلوباته من أمور الدنيا والآخرة.

مناسك الحج (والحج له حالات ثلاث):

1- حج الإفراد: وهو أن يحرم بالحج وحده من الميقات (لبيك اللهم بحجة) ثم لا يعتمر حتى يفرغ من حجه. ويظل على إحرامه من لحظة الإحرام حتى يقوم بأداء أعمال يوم النحر التي يتحلل من إحرامه بأدائها كما هو مبين في موضعه.
2- حج القران: وهو أن يهل بالحج والعمرة معاً ، من الميقات (لبيك اللهم بحجة وعمرة) ولا يتحلل من إحرامه إلا بعد القيام بأعمال النحر التي يتحلل من إحرامه بأدائها كما هو مبين في موضعه.
3-حج التمتع: وهو أن يؤدي العمرة في أشهر الحج ثم يتحلل منها بعد أداء مناسك العمرة ثم يظل بمكة ليؤدي مناسك الحج. فهو يحرم أولا بالعمرة من الميقات (لبيك اللهم بعمرة) ويمكث في مكة حتى يهل بالحج في يوم التروية (وهو اليوم الثامن من ذي الحجة) ويقول: (لبيك اللهم بحجة).

ما يفعل الحاج من بداية يوم التروية (وهو اليوم الثامن من ذي الحجة) حتى انتهاء آخر مناسك الحج:
• أولاً: أفعال تختص فقط بالمتمتع: وهو من أدى العمرة في أشهر الحج ثم تحلل منها، وظل بمكة ليؤدي مناسك الحج.
1- بعد صلاة فجر اليوم الثامن من ذي الحجة (يوم التروية) وبعد طلوع الشمس يبدأ الإحرام وذلك للإهلال بالحج.
2- يغتسل بنية الإحرام كما فعل في عمرته، ويتطيب في بدنه دون ملابسه.
3- يلبس ملابس الإحرام بعدما يتجرد من المخيط فيحرم (في إزار ورداء ونعلين).
4- يستحب أن يحرم عقيب صلاة. فيصلي تطوعاً (إن لم يكن وقت فريضة) ثم يحرم بعدها (لبيك اللهم بحجة) ويكون من مكانه.
5- يكثر من التلبية والتهليل والتكبير لله عز وجل .(لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك).
ويظل يلبي ويرفع صوته بالتلبية (للرجال) والنساء لا يرفعن صوتهن، ولا تنتهي هذه التلبية إلا مع رمي جمرة العقبة في يوم النحر.
6- يحرم عليه بمجرد الإهلال الحج المحظورات التي سبق ذكرها .
• ثانياً: أعمال الحج في يوم التروية لكل من (المفرد، القارن، المتمتع).
1- يخرج الى منى (يوم التروية) ويبيت بها ليلة التاسع ولا يخرج من منى إلا بعد طلوع شمس اليوم التاسع (حيث يتجه إلى عرفات).
2- يؤدي بمنى خمس صلوات قصراً كل صلاة في وقتها دون جمع. فيصلي الظهر (ظهر اليوم الثامن) قصراً في وقته (ركعتين). ويصلي العصر قصراً في وقته (ركعتين). ويصلي المغرب في وقته ثلاث ركعات. ويصلي العشاء قصراً في وقته (ركعتين). ثم يصلي الفجر اليوم التاسع من ذي الحجة ويظل بمنى حتى طلوع شمس اليوم بالتاسع حيث يخرج من منى متجها إلى عرفات .
• يوم عرفة (اليوم التاسع من ذي الحجة):
1- ينطلق الحاج إلى عرفات في اليوم التاسع مكثراً من التلبية والتكبير وذلك بعد طلوع الشمس .
2- يصلي مع الإمام بمسجد نمرة إذا زالت الشمس فيستمع إلى خطبة الإمام ويصلي معه الظهر والعصر قصراً وجمعاً. وإن لم يدرك الصلاة مع الإمام صلاها قصراً وجمعاً.
3- يظل واقفا بعرفات مستقبل القبلة ذاكراً داعياً حتى غروب الشمس. (وليس معنى الوقوف بعرفات هو الوقوف على الأقدام قائماً، ولكن المعنى أن يمكث هذه الفترة بعرفات) فيظل واقفاً في عرفات إلى أن تغرب الشمس وتذهب الصفرة ليجمع بين الليل والنهار في وقوفه.
4- يكثر من التضرع والخشوع والتذلل والخضوع والانكسار والتمسكن لله تعالى وإظهار الضعف والافتقار إلى الله تعالى. ويكثر من التسبيح والتكبير والتقديس والتلبية. وليس لعرفة ذكر مخصوص، ولكن يدعو بما شاء. وأفضل ما يقال يوم عرفة. (لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) وعلى الحاج أن يلح في الدعاء فلم يرى الشيطان في موضع أصغر، ولا أحقر مما يرى عليه في يوم عرفه مما يرى من الرحمات التي تتنزل من الله تعالى على العباد في ذلك اليوم .
5- أن يكون هذا الدعاء سراً لا جهراً، ولا على صورة مجموعات فأولى بنا أن نتبع هدى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
6- يدفع إلى المزدلفة بعد غروب الشمس حيث يصلي بالمزدلفة المغرب والعشاء قصراً وجمعاً .
7- المبيت بمزدلفة (وهذا واجب من تركه كان عليه دم) ويبقى بها حتى يصلي فجر اليوم العاشر من ذي الحجة. ثم يقف بالمشعر الحرام بعد صلاة الفجر مستقبل الكعبة ويدعو بما شاء، ويقف حتى يسفر جداً (قبيل طلوع الشمس) حيث يدفع إلى منى لرمي جمرة العقبة.
8- الإسراع فى وادي محسر (وهو واد فاصل بين مزدلفة ومنى)، وهو الوادي الذي نزل فيه العذاب على أصحاب الفيل القاصدين هدم البيت .
9- يلتقط من مزدلفة سبع حصيات التي يرمي بها جمرة العقبة في يوم النحر. وإن التقط باقي الحصيات التي يرمي بها في أيام منى فلا حرج ، وتكون بقدر حصى الخذف.
• يوم النحر(اليوم العاشر من ذي الحجة): فبعدما صلى فجر يوم النحر (اليوم العاشر) في المزدلفة، وظل يدعو ويكبر ويهلل ويلبي حتى يسفر جدًّا (قبيل طلوع الشمس) فيدفع إلى منى قبل طلوع الشمس حيث يرمي جمرة العقبة (الجمرة الكبرى).
• أعمال يوم النحر:
1- رمي جمرة العقبة (الجمرة الكبرى).
2- الذبح لمن كان عليه الهدي.
3- الخلق أو التقصير.
4- طواف الإفاضة.
5- السعي بين الصفا والمروة لمن كان عليه السعي.
فيرمي جمرة العقبة -الجمرة الكبرى- بعد طلوع الشمس، ويرمي فيها بسبع حصيات يرفع يده بكل حصاة ويكبر (الله أكبر). ولا تحسب الرمية إلا إذا وقعت في المرمى. وتنتهي التلبية مع رمي جمرة العقبة.
• ولا يكون هناك حرج في تقديم أي فعل من أعمال يوم النحر على فعل آخر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما سئل عن أمر في هذا اليوم إلا قال: افعل ولا حرج. ولكن الترتيب في تنفيذ أعمال يوم النحر -سنة- كمل فعلها النبي صلى الله عليه وسلم فلو حلق قبل الذبح فلا حرج. وإن طاف قبل الحلق فلا حرج، وإن قبل الرمي فلا حرج، وهكذا في تقديم فعل على فعل من أعمال يوم النحر.
• التحلل من الإحرام ورفع الحظر: ويتم بفعل أمرين من ثلاثة :
1- رمي الجمرة الكبرى (جمرة العقبة).
2- الحلق والتقصير.
3- طواف الإفاضة.
فإن فعل أي فعلين من الثلاثة، فإنه يتحلل التحلل الأول (التحلل الأصغر) فيحل له كل شيء كان محظوراً عليه فعله إلا النساء. فإذا فعل الثالثة حلت له حتى النساء (وهذا هو التحلل الأكبر، أو ما يسمى التحلل الثاني)، ويجوز للإنسان أن يؤخر طواف الإفاضة والسعي بين الصفا والمروة حتى نهاية أيام التشريق.
• يوم الحادي عشر من ذي الحجة (أول أيام التشريق):
1- يبيت في منى ويؤدي كل صلاة في وقتها قصراً.
2- يلتقط الحصيات التي يرمي بها (كل يوم يلتقط إحدى وعشرين حصاة) وذلك إن لم يكن قد التقط هذه الحصيات من المزدلفة.
3- إذا زالت الشمس فإنه يبدأ بذلك بداية توقيت رمى الجمار الثلاث.
4- يرمى كل جمره بسبع حصيات .
5- فيبدأ برمي الجمرة الصغرى بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة (الله أكبر)
6- إذا انتهى من رمي الجمرة الصغرى (وهى الأقرب إلى مسجد الخيف) فانه يبتعد عن المرمى ويستقبل القبلة، ويدعو الله عز وجل رافعاً يديه (ولا يمل من الدعاء، بل عليه أن يطيل في الدعاء).
7- يتجه إلى الجمرة الوسطى. فيفعل كمل فعل في الجمرة الصغرى مع الدعاء بعد الرمي .
8- ثم يتجه إلى الجمرة الكبرى، فيفعل كما فعل في الجمرتين (الصغرى والوسطى) غير أنه ينصرف بعد رمي الجمرة الكبرى، ولا يقف للدعاء بعد الرمي.
9- يتجه بعد الرمي إلى مكانه بمنى حيث يبيت استعدادا للرمي في اليوم التالي مؤدياً الصلوات كل صلاة في وقتها قصراً. وعليه أن يكثر من ذكر الله تعالى في أيام التشريق خصوصاً الاستغفار والتكبير والدعاء ويكثر من قول (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار).
• اليوم الثاني عشر من ذي الحجة (ثاني أيام التشريق): يفعل في هذا اليوم ما فعله في أول أيام التشريق.
1- وبعد رمي هذا اليوم فإنه مخير بين أن ينزل إلى مكة وتنتهي بذلك مناسك الحج بالنسبة له، ولكن ينبغي أن يغادر منى قبل غروب ذلك اليوم، وإلا وجب عليه المبيت ورمي الجمار اليوم الثالث طالما غربت عليه الشمس وهو بمنى.
2- الأفضل أن يبيت بمنى حتى يتمكن من رمي الجمار في ثالث أيام التشريق (اليوم الثالث عشر من ذي الحجة) وهو آخر أيام مناسك الحج.
3- وذلك لقول الله تعالى: {وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [البقرة:203].
• طواف الوداع: فإذا فرغ الحاج من المناسك وأراد الخروج من مكة، طاف بالبيت للوداع ثم يصلي ركعتي الطواف حتى يكون آخر عهده بالبيت ولا يمكث بعده في مكة. وهذا الطواف واجب من تركه كان عليه دم، ولكنه يسقط عن المرأة الحائض والنفساء إن أرادت الخروج من مكة قبل أن تطهر. تقبل الله منا ومنكم وجعله سبحانه حجاً مبروراً، وسعيا مشكوراً، وذنباً مغفوراً. اللهم آمين.
أيها الحبيب: ننصحك أن تصطحب معك كتاباً من كتب الأدعية المعتمدة. صحيح الكلم الطيب (ابن تيمية رحمه الله - بتحقيق الشيخ الألباني رحمه الله). مختصر النصيحة في الأذكار والأدعية الصحيحة (للشيخ محمد إسماعيل حفظه الله) أو غيرها من كتب الأذكار الموافقة للكتاب والسنة.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة