الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دراسة مصرية: العبارات والإيحاءات في الإعلام

دراسة مصرية: العبارات والإيحاءات في الإعلام

دراسة مصرية: العبارات والإيحاءات في الإعلام

المتتبع لحالة اللغة التي يتعامل بها الناس في الشارع المصري لابد أن يشعر بأن هناك أزمة.. ومن يحلل اللغة المستخدمة في وسائل الإعلام يصل بسهولة إلى حكم عام يشير إلى تدنى مستوى اللغة المستخدمة، بحيث لم تعد هي «المستوى الثالث» الذى طالما تحدث عنه الباحثون في مجال الدراسات الإعلامية، باعتباره مستوى وسطًا بين الفصحى والعامية، وإنما أصبحت ذات مستوى جديد يمكن أن نسميه «المستوى الرابع» باعتباره مستوى يقع بين العامية والسوقية!

كثير من الألفاظ السوقية «غير المهذبة» بدأت تشق طريقها إلى عالمنا اللغوي الحياتي والإعلامي.. كثير من الكلمات «غير اللائقة» أصبحت تتصدر قائمة الكلمات الأكثر شيوعًا في حياتنا المعاصرة.. كثير من التعبيرات التي لم نكن نسمعها إلا على استحياء أصبحنا نسمعها وكأنها مقرر يومي. ولقد أصبح استخدام هذه التعبيرات والألفاظ غير المهذبة ضرورة لكى تثبت أنك تنتمى إلى هذا المجتمع، وأنك تنتمى إلى الناس ولست غريبًا عنهم.. الألفاظ السوقية أصبحت جواز المرور لدى البعض إلى عالم «ولاد البلد» الفاهمين «المدردحين»، وأصبحت كلمة السر لدخول عالم الشباب المثقف المرتبط بالواقع في مقابل الشباب «السيس» الذى لا يجيد هذه اللغة..

هذا ما خلصت إليه الدراسة العلمية التي تناولها الدكتور سامى عبد العزيز عميد كلية الاعلام جامعه القاهرة حول ألفاظ الإعلام: الإيحاءات الجنسية والشتائم، خصوصا من المشاهير، على فيس بوك وتويتر و برامج التوك شو وأعمدة الرأى فى الصحافة..

وبحسب صحيفة المصري اليوم فقد قام الدكتور سامى عبد العزيز بدراسة هذه الظاهرة وقياس نسبة انتشار الألفاظ «غير اللائقة» في شبكات التواصل الاجتماعي، وفي وسائل الإعلام المصرية، وذلك خلال الفترة من 15 سبتمبر حتى 15 أكتوبر 2013. و كان الهدف الرئيس لهذه الدراسة هو قياس نسبة انتشار هذه الألفاظ في هذه الوسائل، وقياس اتجاهات الجمهور المصري نحوها..

وقد تم تعريف الألفاظ غير اللائقة في الدراسة على أنها «الألفاظ التي تحتوى على سباب صريح، أو على إيحاءات جنسية صريحة أو ضمنية، أو الألفاظ السوقية التي لا تتناسب مع الذوق العام»، وقد تم في هذه الدراسة تحليل 200 صفحة مشترك في الـ«فيس بوك» ممن يتراوح عدد الأصدقاء فيها بين 3000 و5000 مشترك.. كما تم تحليل 150 اشتراكًا على «تويتر»، تمثل النشطاء السياسيين، والمثقفين والفنانين، والشخصيات العامة، والشباب الذين يزيد عدد المتابعين لهم على 5000 مشترك… كما تم تحليل 150 حلقة من برامج التوك شو المسائية، موزعة على أكثر 10 برامج مشاهدة.. وكذلك تم تحليل ما يقرب من 1500 مقال وعمود في ست صحف يومية مصرية.. أما عينة الجمهور، فقد تم تطبيق الدراسة على عينة من 1000 شخص، في أربع محافظات مصرية، هي القاهرة، والإسكندرية، والغربية، وأسيوط.

نتائج الدراسة:
وقد خلصت الدراسة إلى عدة نتائج، أهمها أن انتشار الألفاظ غير اللائقة في وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي ليست ملاحظة عابرة، إنما هي واقع مستقر.. فقد بلغت نسبة انتشار واستخدام هذه الألفاظ في شبكات التواصل الاجتماعي %21 من إجمالي المشاركات، وبلغت هذه النسبة %11 في المقالات والأعمدة، وبلغت حوالى %8 في برامج التوك شو، بينما تشير نتائج الدراسة إلى أن هذه الألفاظ لم تعرف طريقها إلى الإذاعة المصرية بعد.

ومن النتائج ذات الدلالة التي كشفت عنها هذه الدراسة هي أن النشطاء السياسيين والحقوقيين هم أكثر الفئات استخدامًا للألفاظ غير اللائقة على شبكات التواصل الاجتماعي، وأن أكثر من %90 من هذه الألفاظ التى ظهرت في الدراسة كانت على صفحاتهم.. وقد وصل الأمر ببعضهم إلى أنه لا تكاد تخلو تغريدة من تغريداتهم على «تويتر» أو مشاركة لهم على الـ«فيس بوك» من لفظ مخل أو غير لائق.. وهو ما يثير التساؤل عن طبيعة الخلفيات الثقافية والتعليمية لهؤلاء النشطاء، ولطبيعة المصادر التى يستقون منها ثقافتهم وأفكارههم.

وقد أشارت نتائج الدراسة إلى أن الألفاظ غير اللائقة يتم عرضها في مضامين وسائل الإعلام، وشبكات التواصل الاجتماعي في شكل نكت وإفيهات، أو تعليق ساخر على الأحداث، أو التعبير عن مواقف واتجاهات شخصية، أو عرض صور وكاريكاتيرات تحمل أفكارًا ساخرة، أو مقاطع لأفلام ومسلسلات تحمل هذه المعاني.. ولعله من المثير للتفكير هنا ذلك الربط الدائم بين السخرية والفكاهة، واستخدام الألفاظ غير اللائقة أو الاستغراق في الإيحاءات الجنسية، وكأن الفكاهة لا تكون بغير هذه الألفاظ، والضحك لا يكون بغير تلك الإفيهات ذات المعاني الجنسية.

ومن النتائج المهمة التي أسفرت عنها دراسة الجمهور أن هناك درجة من عدم الرضا عن أداء وسائل الإعلام في الفترة الأخيرة، وعن طبيعة اللغة المستخدمة في هذه الوسائل.. فقد أشار %41 إلى رضاهم عن أداء وسائل الإعلام في مقابل %59 أشاروا إلى عدم رضاهم.. وأشار الجمهور إلى أن أهم أسباب عدم رضاهم عن هذه الوسائل يتمثل في شيوع الألفاظ والتعبيرات غير اللائقة، وتشابه القنوات وتكرارها لمضامينها، وكثرة الإعلانات والفواصل، وتكرار الضيوف وظهورهم في كل القنوات بشكل مستمر.

غير أن النتيجة التي يمكن الوقوف عندها كثيرًا هي تلك النتيجة المتعلقة بما يجب أن يكون عليه التعامل مع وسائل الإعلام التي تعرض ألفاظًا غير لائقة، إذ أشار %90 إلى أنه يجب فرض الرقابة عليها، في مقابل %7 أشاروا إلى أن كل وسيلة إعلامية حرة في أن تعرض ما تشاء، وأشار %3 إلى عدم قدرتهم على تحديد ما يجب فعله… وكأن الجمهور بهذه النتيجة يرجعنا إلى المربع صفر في حرية الإعلام مرة أخرى.. فعندما تتجاوز الوسائل الإطار المقبول الذى وضعه المجتمع لها، فقد يفضل الجمهور أن يتم فرض رقابة عليها، بعيدًا عن مفاهيم حرية الإعلام والتعبير..
ـــــــــــــــــــــــــــــ
اليوم السابع "بتصرف"

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة