الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إقامة الظاهر مقام المضمر

إقامة الظاهر مقام المضمر

إقامة الظاهر مقام المضمر

الأصل في الكلام والمـُحَدَّثُ عنه أن يكون ظاهراً، والأصل أنه إذا ذُكِرَ ثانياً أن يُذكر مضمراً؛ للاستغناء عنه بالظاهر السابق، كقوله تعالى: {فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين} (الشورى:40) لم يقل: إن الله لا يحب الظالمين. وقوله تعالى: {فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا} (النصر:3) لم يقل: إن ربك كان تواباً رحيماً.

هذا هو الأصل في الكلام، بيد أن الاسم الظاهر قد يقام مقام المضمر؛ لأمر يقتضي الإظهار، والمثال عليه قول سيبويه في "الكتاب":

إذا الوحشُ ضَمَّ الوحشَ في ظُلُلاتَهِا سواقطُ من حَرٍّ وقد كان أظهرا

وكان الوجه أن يقول: إذا الوحش ضمها...لكنه أظهر المضمر؛ لزيادة التقرير.

وإن كان الكلام في جملة واحدة قبح الإظهار، ولم يكد يوجد إلا في الشعر. وإن كان في جملتين حَسُنَ الإظهار والإضمار؛ لأن كل جملة تقوم بنفسها، كقولك: جاء زيد، وزيد رجل فاضل، وإن شئت قلت: وهو رجل فاضل، ومنه قوله تعالى: {قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله الله أعلم حيث يجعل رسالته} (الأنعام:124) أظهر لفظ الجلالة {الله} وقد تقدم.

وإذا اقترن بالاسم الثاني حرف استفهام بمعنى التعظيم والتعجب، صح الإظهار والإضمار، فمن الأول قوله تعالى: {الحاقة * ما الحاقة} (الحافة:1-2)، و{القارعة * ما القارعة} (القارعة:1-2)، ومن الثاني قوله سبحانه: {فأمه هاوية * وما أدراك ما هيه}.

ووقوع الاسم الظاهر الذي محله الإضمار، إنما يكون لسبب أو أكثر؛ فقد يكون لتعظيم الأمر، أو للاهتمام به، أو للاعتناء به، أو لقصد العموم، أو ليكون الكلام مستقلاً بنفسه، جارياً مجرى المثل، أو لقصد التهويل، أو لبيان علة الحكم، أو لمزيد التشنيع، أو لغير ذلك من الأسباب، التي سنذكرها في الأمثلة القرآنية.

ووقوع الاسم الظاهر الذي محله الإضمار، قد يقع بلفظه، وقد يقع بمعناه، قال السيوطي: إعادة الظاهر بمعناه أحسن من إعادته بلفظه؛ فمن الأول: قوله تعالى: {يوم ترجف الأرض والجبال وكانت الجبال كثيبا مهيلا} (المزمل:14) أعيد لفظ {الجبال} والقياس الإضمار؛ لتقدم ذكرها. ومن الثاني: قوله عز وجل: {ومنهم الذين يؤذون النبي} ثم قال: {والذين يؤذون رسول الله} (التوبة:61) فـ {رسول الله} هو {النبي} ولم يقل: يؤذونه مع ما في ذلك من التعظيم. ومنه: {ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء} (البقرة:105) فإن إنزال الخير مناسب للربوبية وأعاده بلفظ {الله} لأن تخصيص الناس بالخير دون غيرهم مناسب للإلهية؛ لأن دائرة الربوبية أوسع. ومنه أيضاً قوله عز وجل: {والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين} (الأعراف:170) فلم يقل: (إنا لا نضيع أجرهم)، ولم يعد الاسم الظاهر بلفظه، بل بمعناه {أجر المصلحين}. وكذلك قوله تعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا} (الكهف:30) يقال فيه مثل ما قيل في سابقه.

وإعادة الظاهر في جملة أخرى أحسن منه في الجملة الواحدة؛ لانفصالها، نحو قوله سبحانه: {الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون} (الأنعام:1) فأعاد الاسم الظاهر بمعناه في جملة ثانية {ثم الذين كفروا بربهم يعدلون}.

وإعادة الظاهر بعد الطول أحسن من الإضمار؛ لئلا يبقى الذهن متشاغلاً بسبب ما يعود عليه، فيفوته ما شرع فيه كقوله: {وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه} بعد قوله: {وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر}.

أمثلة من القرآن على إقامة الظاهر مقام المضمر

إقامة الظاهر مقام المضمر وقع في القرآن الكريم في مواضع كثيرة، نذكر أمثلة على ذلك، مشفوعة بعلة الإظهار، وترك الإضمار.

* قوله تعالى: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا} (البقرة:165) إظهار الاسم الجليل {كحب الله} في مقام الإضمار؛ لتربية المهابة، وتفخيم المضاف، وإبانة كمال قبح ما ارتكبوه. وأيضاً فإن {الذين ظلموا} هم الذين اتخذوا {من دون الله أندادا} فهو من الإظهار بالمعنى في مقام الإضمار؛ ليكون شاملاً لهؤلاء المشركين وغيرهم.

* قوله عز وجل: {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج} (البقرة:197) في الآية التصريح في مقام الإضمار بذكر {الحج} ثلاث مرات، المراد بأولها زمان الحج، وبالثاني الحج نفسه، المسمى بالنسك، وبالثالث ما يعم زمان أدائه ومكانه، وهو أرض الحرم وما يتبعها؛ والغرض من الإظهار هنا في مقام الإضمار؛ لإظهار كمال الاعتناء بشأنه، والإشعار بعلة الحكم؛ فإن زيارة البيت المعظم، والتقرب بها إلى الله عز وجل، من موجبات ترك الأمور المذكورة.

* قوله سبحانه: {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير} (البقرة:217) إظهار لفظ (القتال) في مقام الإضمار؛ ليكون الجواب صريحاً، حتى لا يُتوهم أن {الشهر الحرام} هو الكبير؛ وليكون الجواب على طبق السؤال في اللفظ.

* قوله تعالى: {إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون} (البقرة:243) إظهار {الناس} في مقام الإضمار؛ لمزيد التشنيع.

* قوله عز وجل: {أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى} (البقرة:282) إظهار في مقام الإضمار؛ لأن مقتضى الظاهر أن يقول فتذكرها الأخرى، قال ابن عاشور: "الذي أراه أن هذا الإظهار في مقام الإضمار لنكتة، هي قصد استقلال الجملة بمدلولها؛ كيلا تحتاج إلى كلام آخر، فيه معاد الضمير لو أضمر، وذلك يرشح الجملة لأن تجري مجرى المثل".

* قوله تبارك وتعالى: {وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به} (آل عمران:126) إظهار اسم الجلالة في مقام الإضمار؛ للتنويه بهذه العناية من الله بهم، ووجه الإظهار هنا أنه قال في الآية السابقة لهذه الآية: {هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين} (آل عمران:125) فقال هنا: {ربكم} ومقتضى الظاهر أن يقال بعدُ: (وما جعله إلا بشرى).

* قوله سبحانه: {والله أعلم بأعدائكم وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا} (النساء:45) تكرير الفعل في الجملتين {وكفى} مع إظهار اسم الجلالة {بالله} في مقام الإضمار، ولا سيما في الثاني؛ لتقوية استقلالها المناسب للاعتراض، وتأكيد كفايته عز وجل في كل من الولاية والنصرة، والإشعار بعليتهما؛ فإن الألوهية من موجباتهما لا محالة.

* قوله تعالى: {رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل} (النساء:165) الإظهار في مقام الإضمار في قوله: {بعد الرسل} دون أن يقال: (بعدهم)؛ للاهتمام بهذه القضية، واستقلالها في الدلالة على معناها، حتى تجري مجرى الأمثال.

* قوله تبارك وتعالى: {اعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم} (المائدة:98) أعاد اسم الجلالة في مقام الإضمار؛ للدلالة على أن مغفرته ورحمته ثابتان له بالأصالة.

* قوله سبحانه: {قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة} (الأنعام:40) وجه إعادة فعل {أتتكم الساعة} مع كون حرف العطف مغنياً عن إعادة الفعل، بأن يقال: {إن أتاكم عذاب الله} (أو الساعة)، هو ما يوجه به الإظهار في مقام الإضمار من إرادة الاهتمام بالمـُظْهَر، بحيث يعاد لفظه الصريح؛ لأنه أقوى استقراراً في ذهن السامع.

* قوله عز وجل: {وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين} (الأنعام:68) و(القوم الظالمون) هم الذين يخوضون في آيات الله، فهذا من الإظهار بالمعنى في مقام الإضمار؛ لزيادة فائدة وصفهم بالظلم، فيُعلم أن خوضهم في آيات الله ظلم، فيُعلم أنه خوض إنكار للحق ومكابرة للمشاهدة.

* قوله تبارك وتعالى: {ثم بعثنا من بعدهم موسى بآياتنا إلى فرعون وملئه فظلموا بها فانظر كيف كان عاقبة المفسدين} (الأعراف:103) والمراد بـ {المفسدين}: فرعون وملأه، فهو من الإظهار بالمعنى في مقام الإضمار؛ تنبيهاً على أنهم أصيبوا بسوء العاقبة؛ لكفرهم وفسادهم، والكفر أعظم الفساد، لأنه فساد.

* قوله تعالى: {قل أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا ماذا يستعجل منه المجرمون} (يونس:50) الخطاب لمشركي مكة، فوقع الإظهار {المجرمون} في مقام الإضمار، عوض أن يقال: ماذا يستعجلون منه؛ لقصد التسجيل عليهم بالإجرام، وللتنبيه على خطئهم في استعجال الوعيد؛ لأنه يأتي عليهم بالإهلاك، فيصيرون إلى الآخرة، حيث يفضون إلى العذاب الخالد.

* قوله سبحانه: {نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا} (الإسراء:47) وقع إظهار في مقام الإضمار في {إذ يقول الظالمون} دون: إذ يقولون؛ للدلالة على أن باعث قولهم ذلك هو الظلم، أي: الشرك، فإن الشرك ظلم، أي: ولولا شركهم لما مثَّل عاقل حالة النبي الكاملة بحالة المسحور.

* قوله عز وجل: {وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا} (الإسراء:78) إظهار في مقام الإضمار؛ إبانة لمزيد الاهتمام بـ {قرآن الفجر}، والمراد به صلاة الفجر.

* قوله تبارك وتعالى: {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي} (الإسراء:85) أظهر في مقام الإضمار؛ إظهاراً لكمال الاعتناء بشأنه.

* قوله عز وجل: {وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون} (المؤمنون:74) التعبير فيه بالموصول وصلته {وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة} إظهار في مقام الإضمار؛ حيث عدل عن أن يقول: (وإنهم عن الصراط لناكبون) والغرض منه ما تنبئ به الصلة من سبب تنكبهم عن الصراط المستقيم، أن سببه عدم إيمانهم بالآخرة.

* قوله تعالى: {نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء} (النور:35) أي: يهدي هداية خاصة موصلة إلى المطلوب حتماً لذلك النور المتضاعف العظيم الشأن. وإظهار (النور) في مقام الإضمار لزيادة تقريره وتأكيد فخامته الذاتية بفخامته الإضافية الناشئة من إضافته إلى ضميره عز وجل.

* قوله تبارك وتعالى: {يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا} (الفرقان:22) ذِكْرُ وصف (المجرمين) إظهار في مقام الإضمار؛ للتسجيل عليهم بأنهم مجرمون، بعد أن وُصِفُوا بالكفر والظلم واليأس من لقاء الله.

* قوله تعالى: {من جاء بالحسنة فله خير منها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الذين عملوا السيئات إلا ما كانوا يعملون} (القصص:84) كان المقام مقام الإضمار، بأن يقال: ومن جاء بالسيئة فلا يجزون إلخ، ولكنه عدل عن مقتضى الظاهر؛ لأن في التصريح بوصفهم بـ {عملوا السيئات} تكريراً لإسناد عمل السيئات إليهم؛ لقصد تهجين هذا العمل الذميم، وتبغيض السيئة إلى قلوب السامعين من المؤمنين.

* قوله سبحانه: {والله يقضي بالحق والذين يدعون من دونه لا يقضون بشيء} (غافر:20) كان مقتضى الظاهر أن يؤتى بجملة {يقضي بالحق} معطوفة بـ (الواو) على جملة {يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور} (غافر:19) الآية السابقة، فيقال: ويقضي بالحق، ولكن عدل عن ذلك لما في الاسم الجليل من الإشعار بما يقتضيه المسمى به من صفات الكمال، التي منها العدل في القضاء. ونظيره في الإظهار في مقام الإضمار قوله تعالى: {أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها والله يحكم لا معقب لحكمه} الرعد:41).

* قوله عز وجل: {قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ليجزي قوما بما كانوا يكسبون} (الجاثية:14) عدل إلى الإظهار {قوما} في مقام الإضمار؛ ليكون لفظ {قوما} مشعراً بأنهم ليسوا بمضيعة عند الله؛ فإن لفظ (قوم) مشعر بفريق له قِوامه وعزته؛ {ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا} (محمد:11).

* قوله تبارك وتعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون} (الحشر:18) ذِكْرُ {نفس} إظهار في مقام الإضمار؛ لأن مقتضى الظاهر: وانظروا ما قدمتم، فعدل عن الإظهار؛ لقصد العموم، أي: لتنظروا، وتنظر كل نفس.

* قوله تعالى: {فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا والله بما تعملون خبير} (التغابن:8) في ذكر اسم الجلالة إظهار في مقام الإضمار؛ لتكون الجملة مستقلة جارية مجرى المثل، والكلم الجوامع؛ ولأن الاسم الظاهر أقوى دلالة من الضمير؛ لاستغنائه عما يعود إليه.

* قوله سبحانه: {بل يريد الإنسان ليفجر أمامه} (القيامة:5) أُعِيد لفظ {الإنسان} إظهار في مقام الإضمار؛ لأن المقام لتقريعه والتعجيب من ضلاله.

* قوله عز وجل: {بل الذين كفروا يكذبون} (الانشقاق:22) {الذين كفروا} إظهار في مقام الإضمار؛ لأن مقتضى الظاهر أن يقال: بل هم يكذبون، فعدل إلى الموصول والصلة {الذين كفروا}؛ لما تؤذن به الصلة من ذمهم بالكفر، للإيماء إلى علة الخبر، أي: أنهم استمروا على التكذيب؛ لتأصُّل الكفر فيهم، وكونهم يُنْعَتون به.

* قوله تبارك وتعالى: {لا أقسم بهذا البلد *وأنت حل بهذا البلد} (البلد:1-2) تكرير لفظ {بهذا البلد} إظهار في مقام الإضمار؛ لقصد تجديد التعجب. ولقصد تأكيد فتح ذلك {البلد} العزيز عليه، والشديد على المشركين أن يخرج عن حوزتهم.

* قوله تعالى: {إذا زلزلت الأرض زلزالها * وأخرجت الأرض أثقالها} (الزلزلة:1-2) إعادة لفظ الأرض في قوله: {وأخرجت الأرض أثقالها} إظهار في مقام الإضمار؛ لقصد التهويل.

* قوله سبحانه: {قل أعوذ برب الناس * ملك الناس * إله الناس} (الناس:1-3) تكرير كلمة {الناس} في هذه الآيات المرتين الأوليين باعتبار معنى واحد إظهار في مقام الإضمار؛ لقصد تأكيد ربوبية الله تعالى وملكه وإلهيته للناس كلهم، كقوله تعالى: {يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب} (آل عمران:78). وأما تكريره المرة الثالثة بقوله: {في صدور الناس} فهو إظهار لأجل بعد العائد إليه.

وأما تكريره المرة الرابعة بقوله: {من الجنة والناس} فلأنه بيان لأحد صنفي {الذي يوسوس في صدور الناس}، وذلك غير ما تفيده كلمة {الناس} في المرات السابقة.

ومما تقدم يتبين أن إقامة الظاهر مقام المضمر، مع أنه خلاف الأصل، إلا أنه يُستحسن إقامته؛ لعلة تقتضي الإظهار، وتقتضي الخروج عن الأصل، الذي هو الإضمار.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة