الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مقاصد سورة الزخرف

مقاصد سورة الزخرف

مقاصد سورة الزخرف

سورة الزخرف هي السورة الثالثة والأربعون بحسب ترتيب المصحف العثماني، وهي السورة الثانية والستون بحسب ترتيب نزول السور، نزلت بعد سورة فصلت، وقبل سورة الدخان. وعدد آياتها تسع وثمانون آية، وهي سورة مكية.

تسميتها

سميت في المصاحف سورة الزخرف، وبذلك ترجم لها الترمذي في كتاب التفسير من "جامعه" وسميت كذلك في كتب التفسير. وسماها البخاري في كتاب التفسير من "صحيحه" سورة حم الزخرف بإضافة كلمة {حم} إلى الزخرف على نحو سورة حم المؤمن. ووجه التسمية أن كلمة {وزخرفا} (الزخرف:35) وقعت فيها، ولم تقع في غيرها من سور القرآن، فعرَّفوها بهذه الكلمة.

مقاصدها

يمكن القول: إن الحواميم السبع -وسورة الزخرف منها- ذات خط واحد، هو خط الحديث عن القرآن، وموقف الكافرين منه إبان التنزيل. فسورة الزخرف تدور حول مجادلة مشركي مكة إبان تنزيلها، ودحض مواقفهم الكفرية من كثير من قضايا الدين الكبرى ومفهوماته. وتسفه الأساطير الوثنية والانحرافات الاعتقادية التي كانوا يعتقدونها، وتقرر القيم الصحيحة التي ينبغي التزامها والإيمان بها. وتعرض جانباً مما كانت الدعوة الإسلامية تلاقيه من مصاعب وعقبات ومن جدال واعتراضات.

والمقاصد التي تضمنتها السورة تتلخص في التالي:

- بيان أن القرآن المجيد يشتمل على ما يدل على أنه منزَّل من رب العالمين، فهو مؤهل لأن يُقْسِم الله به؛ لاشتماله على معاني كلماته الجليلة، ولعجز الخلائق منفردين ومجتمعين عن أن يأتوا بمثله. والتحدي بإعجاز القرآن؛ لأنه آية صدق الرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به.

- إنذار المشركين بالقرآن بأنهم بسبب كفرهم يُعرِّضون أنفسهم لعذاب أليم، وإهلاك مستَأصَل، مشابه لما حصل للمهلَكين السابقين من كفار الأمم السابقة.

- عرض جدلي وإقناعي حول ربوبية الله، التي لا يشاركه فيها سواه. والتعجب من حال المشركين؛ إذ جمعوا بين الاعتراف بأن الله خالقهم والمنعم عليهم وخالق المخلوقات كلها وبين اتخاذهم آلهة يعبدونها شركاء لله، حتى إذا انتقض أساس عنادهم اتضح لهم ولغيرهم باطلهم.

- تشبيه لبعث الموتى يوم القيامة بإنبات الزروع، وإحياء الأرض الميتة بماء ينزله الله من السماء، مع بيان أن الله هو الذي خلق الأزواج كلها.

- إبطال عبادة كل ما دون الله على تفاوت درجات المعبودين في الشرف، فإنهم سواء في كونهم مخلوقين، لا يملكون لأنفسهم ضرًّا ولا نفعاً، ولا يملكون موتاً ولا حياة ولا نشوراً.

- امتنان من الله عز وجل على الناس بأنه خلق لهم ما يركبون في البر والبر، مقترن بتوجيههم أن يذكروا نعمة ربهم عليه.

- الرد على المشركين بشأن تعللهم لتسويغ عباداتهم الشركية بتقدير الله وقضائه الجبري، وإبطال هذا التعليل. ودحض فكرتهم بأنهم ليس لديهم حجة عقلية في عبادتهم شركاءهم، وليس لديهم كتاب من ربهم يأذن لهم فيه بأن يعبدوا آلهة غيره، وإنما هم يقلدون آباءهم تقليداً أعمى بعصبية مقيتة.

- بيان تبرؤ إبراهيم عليه السلام مما كان يعبد أبوه ومشركو قومه من دون الله. وبيان حقيقة ملة إبراهيم، وأنها ملة التوحيد الخالص، وأن كلمة التوحيد باقية في عقبه، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد جاءهم بها، ولكن المشركين استقبلوها واستقبلوه بغير ما كان ينبغي من ذرية إبراهيم.

- مجادلة مشركي مكة إبان التنزيل بشأن كفرهم بالقرآن، وادعائهم أنه نوع من السحر، واعتراضهم على تنزيل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم دون أن ينزل على رجل عظيم من مكة.

- بيان أن الغنى المالي الذي يجعل صاحبه عظيماً بين الناس ليس في الحقيقة دليلاً على أن صاحبه عظيم مؤهل لأن يُنْزل الله عليه كتاباً لهداية الناس.

- بيان أن من يكف بصر بصيرته عن تدبر آيات الله، يهيئ الله له قريناً من الشياطين، يصده عن سبيل الله، ويكون حين لقائه ربه يوم الدين نادماً.

- التيئيس من استجابة الصم، والعمي، الذين أثبتت التجارب المتكررة أنهم غير مطموع بإيمانهم وإسلامهم عن طريق إرادتهم الحرة.

- تكليف الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم أن يستمسك بما أوحى الله إليه، مع بيان أنه على صراط مستقيم.

- بيان الله سبحانه بأن القرآن شرف للرسول صلى الله عليه وسلم ولقومه؛ إذ أنزله قرآناً عربيًّا بلسانهم من غير الأمم.

- إنذار مشركي قريش ومن نحا نحوهم ممن بعدهم بأنهم يعرضون أنفسهم لانتقام الله منهم؛ إذا أصروا على عنادهم وكفرهم، وتكذيبهم رسول ربهم.

- الرد على من قال: إن عيسى ابن الله -تعالى الله عن ذلك- وإثبات أن عيسى عبد من عباد الله، أنعم عليه بالرسالة والنبوة. وبيان ما يقال لمن يجادل بشأن عيسى عليه السلام.

- الرد على من زعم أن الملائكة بنات الله، وبيان أنه كان من الممكن أن يجعل الله الملائكة يسكنون الأرض بدل الناس فيها، وليس جعلهم سكان السماوات مغيراً لكونهم عباداً لله.

- بيان أن عيسى عليه السلام عَلَمٌ من علامات الساعة.

- بيان واقع حال من لم يستجيبوا لنداء الحق، وإعلامهم بأن كل ما يبرمونه من أمر معلوم لله سبحانه، وأن الله يبرم ضدهم ما يعاقبهم به، إذا أصروا على عنادهم وكفرهم وتكذيبهم رسول ربهم إليهم.

- توجيه من الله سبحانه لرسوله -ولمن بعده من الدعاة- بأن يصفح عن سيئات المشركين والمعرضين، وأن ينهي الكلام معهم بكلمة {سلام} (الزخرف:89) وبأن ينذرهم بأنهم سوف يعلمون جزاءهم يوم الدين، وما يذوقونه من الجحيم.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة