الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحصون والقلاع عند العرب

الحصون والقلاع عند العرب

الحصون والقلاع عند العرب

القلعة لغةً الحصن الممتنع على جبل، والحصن كل موضع حصين (ممتنع) لا يوصل إلى جوفه. فالقلعة تعني الحصن من حيث المبدأ والقصد، وإن تميزت منه بخصائص ومواصفات بعينها، مع اختلاف المفسرين والمهندسين في تحديد أيهما
أكبر وأشمل. ويُلاحظ الأمر نفسه في اللغات الأخرى، واللاتينية منها على وجه الخصوص، حيث تتشابه التسميات، وتتماثل مع بعض التحريف.

لمحة تاريخية

لجأ الإنسان إلى التحصين منذ أقدم العصور لحماية نفسه من الضواري والأعداء. وكانت القبائل البدائية ـ المستوطنة منها والرُحَّل ـ تقي مضاربها من الوحوش والمغيرين بسياج يحيط بها مما يتوافر لها من جذوع الأشجار أو الأشواك أو الحجارة والتراب، وبما يناسب الشروط الطبيعية للموقع.
وقد تطورت فنون بناء الحصون مع الزمن، فتحولت من مجرد أعمال ترابية وأسيجة تفرضها الحاجة إلى منشآت خشبية أو حجرية دائمة وأبنية معقدة في مواضع ذات أهمية استراتيجية عسكرية أو اقتصادية، تختلف مناعتها وشدة تحصينها باختلاف الغاية منها وقوة العدو المحتمل وتسليحه وبراعته في القتال.

وتشير الدراسات الأثرية إلى أن أكثر مدن بلاد الشام والرافدين وآسيا الصغرى ومصر كانت مسورة ومحمية بأسوار مدعمة بأبراج وبوابات محصنة، ولها تحصينات أمامية وخنادق تنسجم مع الموانع الطبيعية التي تحميها من بعض الجهات. وكانت القلاع والمعاقل الحصينة تقام على طرق التجارة والمواصلات وعند النقاط الاستراتيجية المهمة أو على حدود البلاد ،وقد ظلت الحصون ،والقلاع والأسوار تحتل المكانة الأولى في الدفاع قروناً حتى ظهور الأسلحة النارية واختراع المدافع، وقد تبنتها أكثر شعوب العالم كاليونان والرومان والعرب والصينيين ،والأوربيين والأفارقة والفرنجة وغيرهم. ومن أشهر تلك الحصون المعسكرات الرومانية المغلقة وسور الصين وأسوار القسطنطينية وأنطاكية ومدن الثغور والعواصم، وسور دمشق، والقلاع والحصون المنتشرة في بلاد الشام والأناضول وقلاع الإقطاعيين في أوربا، والحصون التجارية عند حدود مختلف البلاد وعلى طرق التجارة.

الحصن:
هو أكبر عمائر الاستحكامات الحربية، وهو كل بناء يحيط بمساحة من الأرض ليحميها ويحصنها، ضد أي اعتداء من داخل البلاد أو من خارجها، ومن ثم فإن أسوار المدن كانت تعرف في العصور الوسطى باسم (الحصون)، مثل: أسوار بغداد والقيروان والمدينة المنورة ودمشق، والدرعية وغيرها من المدن، وإلى اليوم، فإن الكثير من المدن تحتفظ بأسوارها مثل دمشق والمدن العثمانية والعمانية، والأسوار التي تتحصن المدن بها تتميز عن غيرها بعلوّها ومتانتها، وذلك بهدف الغرض من بنائها.

القلعة:
هي استحكام حربي يبني في منطقة استراتيجية كالجبل والتل أو الروابي الصخرية أو على سواحل البحار، فهي قاصرة على المراقبة والدفاع ضد أي عدوان خارجي، فمكوناتها هي مكونات الحصن في البناء، وكلا البناءين يخدمان الغرض في مسألة الدفاع وصد أي هجوم خارجي، والقلعة بوصفها بناء حربيًا فإن كل ساكنيها عسكريون، بخلاف الحصن الذي يجلس فيه الحاكم ومن معه من رعيته، ليتحول إلى مدينة صغيرة فيها المسجد وقصر الحكم وغير ذلك من المرافق الخدمية.

القلعة وأبنيتها المساندة:
المزاغل: فتحات في جدران القلعة لرمي القاذورات والأوساخ.
الساقطات: شرفات تبرز متقدمة في وجه الجدران في الأسوار حصونًا كانت أو قلاعًا ومنها ترمى السهام والنيران وكذلك يصب الزيت الحار على المهاجمين.
المقرنصات: فن عربي في بناء الأقواس والزوايا في القلاع والمباني.
المتراس: وسيلة دفاعية يقف خلفها المدافعون عن القلعة أو الحصن.

البربقان:
عبارة عن برج كبير، يبنى على مسافة قريبة من الحصن أو القلعة، وبينه وبين الحصن قنطرة أو جسر يوصله في القلعة، وهو وسيلة من وسائل الدفاع عن القلعة.
المشربيات: شرفات خشبية بارزة على جدار البناء تلعب دور النافذة من الطوابق العليا.
الباشورة: عبارة عن مداخل متعرجة، تنعطف يمنة ويسرة عند مدخل القلعة.

أهم القلاع في ذاكرة التاريخ:
قلعة صلاح الدين: بناها في القاهرة على جبل المقطم، وذلك قبل خروجه من مصر لتحرير بيت المقدس من أيدي الصليبيين، جاء بناؤها بعد أن أنهى الحكم الفاطمي في مصر، وقد ابتدأ البناء فيها سنة (572هـ-579هـ/ 1176- 1183م).

قلعة الموت في إيران: أنشأتها، طائفة الحشاشين، ووكانت وبالا على المسلمين زمنا حتى إذن الله بدمارها .؟
قلعة مصياف: ببلاد الشام بناها الأسماعليون وكانت أيضا مناهضة لأهل السن وتخدم الباطنيين.
حصن انطاكية: الذي ساهم في تأخير الحملة الصليبية لمدة عام كامل ولولا الخيانة الداخلية ما استطاع الصليبيون دخوله.

قلعة دمشق: وهي تعد من أقدم الاستحكامات الحربية الإسلامية، فقد بناها الأمويون، وقد لحقها الخراب على يد العباسيين، وقد تعاون الفاطميون مع الصليبيين على تسليمهم دمشق، بعد القضاء على السلاجقة.
قلعة حلب: وقد بنيت قبل الإسلام، وجدد بناءها سيف الدولة الحمداني (420هـ- 1029م)، وأصابها على يد المغول ما أصاب غيرها من بلاد الشام.
ظلت الحصون والقلاع سدا منيعا أمام أعداء الأمة زمنا طويلا وساهمت مساهمة فاعلة في حماية المدن وبيضة الإسلام.
____________
عبد الكريم سمك بـــ"تصرف"

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة