الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعريب العلوم

تعريب العلوم

تعريب العلوم

إن أهم ما يستوجب حدوثه في عملية التعليم هي التواصل الفعال بين المرسل والمتلقي. وتعتبر اللغة إحدى أهم وسائل التواصل، وبالتالي فمن الضروري أن تكون هناك لغة مشتركة يستطيع من خلالها الأستاذ فهم الطالب والطالب فهم الأستاذ بشكل جيد، لضمان إيصال الفكرة وحدوث الفهم. وتبقى أهم وأفضل لغة للتعليم بالجامعات العربية هي لغة الضاد أو اللغة العربية، دونما سواها.

إن أي طالب عربي جامعي لابد وأن تكون قد تبادرت إلى ذهنه هذه الأسئلة: لماذا لا أدرس العلوم بلغتي العربية بدل دراستها باللغة الفرنسية، و لماذا يصبح لزاما علي دراستها باللغة الإنجليزية ؟ هل لا أستطيع دراسة العلوم باللغة العربية؟ ولماذا تعتبر اللغة الإنجليزية لغة العلوم ؟ في الواقع، الخلل لا يكمن في اللغة العربية بحد ذاتها، فهي قبل الآن كانت تعتبر لغة العلوم والمعرفة في جميع الميادين، كما هي الإنجليزية حاليا.
إذن فالقضية القاضية تتعلق بمدى قوة وتطور الأمم، إذ إن لغة العلوم تكون لغة الأمم الأقوى والأكثر تطورا، وهذا ليس غريبا! لكن الغريب بالأمر هو الرضوخ لهذه القوة والتسليم باللغة التي تميزنا وتعنينا، وتدريس العلوم بلغة أجنبية غير لغتنا العربية، وكأن العلوم تقتصر على لغة دون الأخرى! إذ في حين تزداد الدول التي تدرس العلوم بلغتها ازدهارا؛ -اليابان مثلا-، تزداد الأمم الأخرى تخلفا وضعفا. إن الضعف والتخلف، هو نتاج عن تدني مستوى وجودة التعليم، وإن هذا المؤشر يشير إلى ضرورة تعريب العلوم، ويشكك في مدى جدوى تدريس العلوم في الجامعات العربية بلغة غير اللغة العربية أو باللغة الإنجليزية.

قال لي أحد الأصدقاء الذين تركوا الدراسة خلال السنة الجامعية الأولى: أنه لم يكن يفهم الدرس أبدا، ولا حتى ما يقول الأستاذ أثناء الشرح، لأنه يسرع، مما كان يتطلب منه، طبع الدرس وشرحه إلى اللغة العربية بواسطة القاموس لفهمه، ثم حفظه كما هو، وإعادة استرجاعه إلى الأستاذ في ورقة التحرير. إن تلقين العلوم لطلاب الجامعات العربية بلغة أجنبية في الغالب ما يؤدي إلى أحد احتمالين: إما أن يصبح الطالب ببغاء يردد أشياء لا يفهمها. وإما أن يستبدل الأستاذ اللغة بخليط لغوي لتدارك -ولو جزء من حجم -الفجوة بينه وبين الطالب. وفي كلا الاحتمالين فإن تعلم العلوم بلغة أجنبية يحول دون إعطاء المتلقي فرصة للإضافة، ويقف عائقا دون مضيه قدما.

زد على ذلك وكأبسط مثال، خلال زيارة الطبيب من أجل الكشف عن مشكلة صحية، فمن الطبيعي أن تنتظر أو تطلب منه معرفة تفاصيل عن مرضك، وبالطبع فإن حديثه لن يخلو من كلمات أجنبية لأنها اللغة التي درس بها الطب، وهي لغة أجنبية عنك، لذا إذا أردت فهم حالتك فعليك أن تحضر مترجما دارسا للطب.

إن تعريب العلوم وتدريسها باللغة العربية في البلدان العربية يمثل مطلبا ضروريا؛ لربط العلم بالحياة، ومحو المسافة الهائلة بينهما، ولكي يعم الفهم عند القطاع الأكبر من المواطنين. إذ أن نقل العلم بلغة المواطن تطوير له وللغته وزيادة في مستوى وعيه وعيشه وحياته.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة