الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خصائِص وصِفات الملائكة

خصائِص وصِفات الملائكة

خصائِص وصِفات الملائكة

الملائكة خَلْقٌ مِنْ مخلوقات الله تعالى، مُكْرَمون خَلْقاً وخُلُقاً، برَرَة صفة وفِعلا، خلقهم الله عز وجل من نور، وهم رسُل الله تعالى وجنده في تنفيذ أمره الذي يُوحِيه إليهم، وسُفَراؤه إلى أنبيائه ورسله، قال الله تعالى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ}(الحج: 75). والإيمان بالملائكة أحد أركان الإيمان الستة التي جاءت في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه حين سُئِل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان فقال: (أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره). وللملائكة الكِرام خَصائص وصفات كثيرة تُميِّزهم عن سائر المخلوقات، ومن ذلك:

1 ـ الملائكة مخلوقة مِن نور: المادة التي خَلق الله عز وجل الملائكة منها هي النور. عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خُلِقت الملائكة من نور) رواه مسلم. ولم يبين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أي نور هذا الذي خُلِقوا منه، ولذلك فإننا لا نستطيع أن نخوض في هذا الأمر لأنه غيب لم يرِد فيه ما يوضحه أكثر من هذا الحديث.
2 ـ الملائكة في عبادة دائمة لله عز وجل، فلا فتور ولا سَأم، وأنهم يُطِيعون الله تعالى ولا يعصونه، قال الله تعالى: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ * يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ}(الأنبياء:20:19)، قال ابن كثير: "يعني: الملائكة، {لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ} أي: لا يستنكفون عنها.. وقوله: {وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ} أي: لا يتعبون ولا يملون. {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ} فهم دائبون في العمل ليلا ونهارا، مطيعون قصدا وعملا قادرون عليه، كما قال تعالى: {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}(التحريم:6)". وقال الله تعالى: {فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ}(فصلت:38).
3 ـ الملائكة ليسوا بناتاً لله عز وجل ولا أولادا، ولا شركاء معه ولا أندادا، تعالى الله عما يقول الظالمون والمُلْحِدون علوا كبيرا، قال الله تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ}(الْأَنْبِيَاءِ:26). قال ابن كثير: "يقول تعالى ردا على من زعم أن له ـ تعالى وتقدَّس ـ ولداً من الملائكة، كمَن قال ذلك من العرب: إن الملائكة بنات الله، فقال: {سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} أي: الملائكة عباد الله مكرمون عنده، في منازل عالية ومقامات سامية، وهم له في غاية الطاعة قولا وفعلا". وقال تعالى: {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ}(الزُّخْرُف:19). قال السعدي: "يخبر تعالى عن شناعة قول المشركين.. ومنها: أنهم يزعمون أن الملائكة بنات الله".
4 ـ خلق الله تعالى الملائكة على صور جميلة كريمة، قال الله تعالى عن جبريل: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى}(النجم:6:5) قال ابن عباس: {ذُو مِرَّةٍ}: ذو منظر حسن". وقال السعدي: "{ذُو مِرَّةٍ} أي: قوة، وخلق حسن، وجمال ظاهر وباطن".
5 ـ الملائكة لا يأكلون ولا يشربون، قال الله تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ * فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ * فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلا تَأْكُلُونَ * فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ}(الذاريات:28:24). قال ابن كثير: " الملائكة لا همة لهم إلى الطعام ولا يشتهونه ولا يأكلونه". وقال ابن تيمية: "وهم لا يأكلون ولا يشربون". ونقل السيوطي عن الفخر الرازي: "اتفقوا على أن الملائكة لا يأكلون ولا يشربون ولا ينكحون، يسبحون الليل والنهار لا يفترون".
6 ـ الملائكة لها أجنحة، وتتفاوت في الخَلق والمقدار: بعض الملائكة له جناحان، وبعضهم له ثلاثة، أو أربعة، ومنهم مَنْ له أكثر من ذلك، وجبريل له ستمائة جناح، وللملائكة عند ربهم مقامات متفاوتة، قال الله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}(فاطر:1). قال ابن كثير: "أي: منهم مَنْ له جناحان، ومنهم من له ثلاثة، ومنهم من له أربعة، ومنهم من له أكثر من ذلك، كما جاء في الحديث: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى جبريل ليلة الإسراء وله ستمائة جناح).. ولهذا قال: {يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاء إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}. قال السدي: يزيد في الأجنحة وخلقهم ما يشاء". وعن رفاعة بن رافع رضي الله عنه: أن جبريل جاء للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: (ما تعدّون أهل بدر فيكم؟ قال: من أفضل المسلمين، أو كلمة نحوها، قال: وكذلك مَن شهد بدراً من الملائكة) رواه البخاري.
7 ـ الملائكة عددهم كثير، لا يعلم عددهم إلا الله عز وجل، قال الله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ}(المدثر:31). قال السعدي: "والواجب أن يتلقى ما أخبر الله به ورسوله بالتسليم، فإنه لا يعلم جنود ربك من الملائكة وغيرهم {إلا هُوَ}". وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (البيتُ المعمُور في السماء السابعة، يدخُلُه كلَّ يومٍ سبعون ألْف ملَك، ثمَّ لا يَعودُون إليه حتى تقومَ الساعة) رواه أحمد. وعن أبى ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنِّي أرَى ما لا ترَونَ وأسمعُ ما لا تسمَعون، أَطَتْ السماءُ (أصدَرَت صوتًا) وحق لها أن تَئِطَّ، ما فيها موضِعُ أربعِ أصابِع إلا ومَلَكٌ واضِعٌ جبهَتَهُ لله ساجدًا) رواه الترمذي.
8 ـ الملائكة يموتون كما يموت غيرهم من الأحياء، قال الله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}(القصص:88). وقال تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ}(الزمر:68). قال ابن كثير: "هذه النفخة هي الثانية، وهي نفخة الصعق، وهي التي يموت بها الأحياء من أهل السماوات والأرض، إلا مَن شاء الله، كما هو مُصَرَّح به مفسرًا في حديث الصور المشهور، ثم يقبض أرواح الباقين حتى يكون آخر مَن يموت مَلَك الموت، وينفرد الحي القيوم الذي كان أولا وهو الباقي آخرا بالديمومة والبقاء.. ثم يحيي أول من يحيي إسرافيل، ويأمره أن ينفخ في الصور أخرى، وهي النفخة الثالثة نفخة البعث، قال تعالى: {ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} أي: أحياء بعدما كانوا عظامًا ورفاتًا، صاروا ينظرون إلى أهوال يوم القيامة". قال الحليمي في كتابه "المنهاج": "والإيمان بالملائكة ينتظم معاني: ..إنزالهم منازلهم، وإثبات أنهم عباد الله وخلقه، كالإنس والجن، مأمورون مكلفون، لا يقدرون إلا على ما يقدرهم الله تعالى عليه، والموت جائز عليهم، ولكن الله تعالى جعل لهم أمداً بعيداً، فلا يتوفاهم حتى يبلغوه". وقال المناوي في "فيض القدير: "وأما الملائكة فيموتون بالنص والإجماع".

فوائد:

1 ـ أَهل السنة والجماعة يؤمنون بأن الملائكة عباد مخلوقون، خلقهم الله من نور، وليسوا أُمورا معنوية، ولا قوى خفية، وهم خَلْق مِنْ خَلق الله، ولا يوصفون بالذكورة والأنوثة، ولا يأكلون ولا يشربون، ولا يتناكحون، ولا يتناسلون، ويتصفون بالحُسْن، والجمال، والحياء.. وهم مجبولون على طاعة الله وعبادته، قال الله تعالى عنهم: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ}(الأنبياء:28:26). قال السعدي: "يخبر تعالى عن سفاهة المشركين المكذبين للرسول، وأنهم زعموا - قبحهم الله - أن الله اتخذ ولدا فقالوا: الملائكة بنات الله، تعالى الله عن قولهم، وأخبر عن وصف الملائكة، بأنهم عبيد مربوبون، ليس لهم من الأمر شيء، وإنما هم مكرمون عند الله، قد أكرمهم الله.. وذلك لما خصهم به من الفضائل والتطهير عن الرذائل، وأنهم في غاية الأدب مع الله، والامتثال لأوامره".
2 ـ الملائكة يصحبون بني آدم مِنْ لحظة تكوينهم في بطون أمهاتهم حتى نزْع أرواحهم من أجسادهم يوم موتهم، بل ويصحبونهم في قبورهم بعد موتهم.
3 ـ رأى النبي صلى الله عليه وسلم جبريل على صورته التي خلقه الله عليها مرتين، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى}(النجم:14:13). قال البغوي: "يعني رأى جبريل في صورته التي خلق عليه نازلا من السماء نزلة أخرى، وذلك أنه رآه في صورته مرتين، مرة في الأرض ومرة في السماء عند سدرة المنتهى".. ولا يمكن لأحدٍ أن يدَّعي أنه رأى الملائكة على صورتها الحقيقية إلا أن يكون نبيّاً يُصدَّق قوله، وأما أن يراهم متشكلين على هيئات أحدٍ من البشر فيمكن هذا لعامة الناس وخاصتهم لحكمة أرادها الله عز وجل.. والمذكور والوارد في رؤية بعض الصحابة وبعض مَن كان قبلهم من الأمم السابقة للملائكة عُلِمَ بالوحي، وأما ما بعد النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لا يمكن التأكد مِنْ كون المرئي ملَكا لعدم وجود ما يصدق ذلك. قال الشيخ ابن عثيمين: "ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى جبريل وله ستمائة جناح قد سد الأفق، ولكن مع هذا له قدرة بإذن الله عز وجل أن يكون على صورة إنسان، كما جاء جبريل إلى النبي عليه الصلاة والسلام على صورة رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه أحد من الصحابة.. وكما جاء إليه بصورة دِحية الكَلْبي، وكما أخبرنا النبي عليه الصلاة والسلام في قصة الثلاثة من بني إسرائيل الأبرص والأقرع والأعمى، وأن الملَك جاء إلى كل واحد منهم وسأله عن أحب ما يكون إليه.. والقصة معروفة مشهورة". وقال الشيخ ابن باز: "هذا (نزول الملائكة) قد يقع في وقت الأنبياء، أما بعد ذهاب الأنبياء، وموت الأنبياء فهذا وإن كان قد يقع - يعني ينزلون - لكن كونه يُحْكَم بأن هذا مَلك وهذا غير مَلك يحتاج إلى دليل، وإلا فهم ينزلون، يتعاقب فينا ملائكة بالليل والنهار، ويجتمعون في صلاة الصبح، وصلاة العصر، ثم يعودون إلى الله - جل وعلا - هذا واقع بينه النبي عليه الصلاة والسلام، لكن كون فلانًا يعرفهم، أو يقف عليهم، أو يسلمون عليه، أو كذا يحتاج إلى دليل". ومن ثم فلا يستطيع أحدٌ الجزم بأن ما يراه من الأشخاص أنه من الملائكة، فإن إثبات أنهم ملائكة متوقف على وحي من الله عز وجل، وأنَّى ذلك بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!
4 ـ الملائكة بالنسبة إلى ما هيأهم الله تعالى له ووَكلهم به على أقسام، وقد ورد في الكتاب والسنة أسماء بعضهم، والأمور الموكلة إليهم، ومِن ذلك: من الملائكة ما هو مُوَكل بالوحي من الله تعالى إلى رسله عليهم الصلاة والسلام، وهو الروح الأمين جبريل عليه السلام ومنهم الْمُوَكَّلُ بِالْقَطْرِ (المطر) وَتَصَارِيفِهِ إلى حيث أمره الله عز وجل، وهو ميكائيل عليه السلام، ومنهم الْمُوَكَّلُ بِالصُّورِ، وَهُوَ إِسْرَافِيل عليه السلام، ومنهم الْمُوَكَّلُ بِقَبْضِ الْأَرْوَاحِ وَهُوَ مَلَكُ الْمَوْت، ومنهم الموكل بكتابة أعمال العباد من خير أو شر، ومِنْهُمُ الْمُوَكَّلُونَ بِفِتْنَةِ الْقَبْرِ، وَهُمْ مُنْكَرٌ وَنَكِير، ومنهم ما هو مُوكل بالجنة، ومنهم المُوكَل بالنار، ومِنْهُمُ الْمُوَكَّلُونَ بِالنُّطْفَةِ فِي الرَّحِم، ومنهم حَمَلَة الْعَرْشِ وهم أفضل الملائكة عليهم السلام، قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ}(غَافِرٍ:7). قال السعدي: "{الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ} أي: عرش الرحمن.. وهؤلاء الملائكة، قد وكلهم الله تعالى بحمل عرشه العظيم.. واختيار الله لهم لحمل عرشه، وتقديمهم في الذِكْر، وقربهم منه، يدل على أنهم أفضل أجناس الملائكة عليهم السلام".
5 ـ الملائكة لهم أحوال كثيرة مع المؤمنين، منها: حبهم ودفاعهم عنهم، والدعاء والاستغفار لهم، وتبليغهم النبي صلى الله عليه وسلم صلاتهم عليه، وحضورهم الصلوات الخمس والجمعة معهم، ومَنْ وافق تأمينه تأمين الملائكة في الصلاة غفر الله له.. إلى غير ذلك من أحوال الملائكة مع المؤمنين والثابت من خلال الأحاديث النبوية الصحيحة.
6 ـ من ثمرات الإيمان بالملائكة: الإيمان بعظَمة الله تعالى، وكمال قدرته وحكمته في خَلق الملائكة على هذه الخِلقة الكريمة الحسَنة، وهذه الثمرة من أعظم الثمار، لأن عظمة المخلوق تدل على عظمة الخالق سبحانه، وأنه على كل شيء قدير.. قال الشيخ ابن عثيمين: "ومن ثمرات الإيمان بالملائكة: أولاً: العلم بعظمة خالقهم تبارك وتعالى وقوته وسلطانه. ثانيا: شكره تعالى على عنايته بعباده، حيث وكل بهم من هؤلاء الملائكة من يقوم بحفظهم وكتابة أعمالهم، وغير ذلك من مصالحهم. ثالثا: محبة الملائكة على ما قاموا به من عبادة الله تعالى على الوجه الأكمل، واستغفارهم للمؤمنين".

الإيمان بالملائكة هو الركن الثاني من أركان الإيمان، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الإيمان أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره).. ولا عِلْم لنا بعالَم وصفات وأحوال الملائكة إلا في حدود ما أخبرنا الله عز وجل عنه في قرآنه الكريم، أو مِن خلال أحاديث نبينا صلى الله عليه وسلم الصحيحة، وليس علينا إلا الإيمان والتسليم بما أتانا به الخبر من القرآن الكريم أو الأحاديث النبوية الصحيحة فيما يتعلق بالملائكة وبالأمور الغيبية كلها. نقل السيوطي عن البيهقي في كتابه "شُعب الإيمان": "الإيمان بالملائكة ينتظم في معانٍ: أحدهما: التصديق بوجودهم. الثاني: إنزالهم منازلهم، وإثبات أنهم عباد الله وخَلقه، كالإنس والجن مأمورون مكلفون، لا يقدرون إلا على ما أقدرهم الله عليه، والموت عليهم جائز، ولكنّ الله تعالى جعل لهم أمداً بعيداً، فلا يتوفاهم حتى يبلغوه، ولا يوصفون بشيء يؤدي وصفهم به إلى إشراكهم بالله تعالى، ولا يدعون آلهة كما دعتهم الأوائل". والإيمان بالملائكة يوجب محبتهم، فهم عباد مُكْرَمون، خَلْقاً وخُلُقاً، برَرَة صفة وفعلا، مَجبُولون على طاعة الله تعالى {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}(التحريم:6).

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة