الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شباب يتزوجون بالوشم ·· ويُطلّقون بماء النار!!

شباب يتزوجون بالوشم ·· ويُطلّقون بماء النار!!

ابتكر بعض شباب هذا الجيل طريقة غريبة للزواج غير تلك التي ألفناها أو تعود عليها آباؤنا وأجدادنا، حيث يقوم الشباب بكتابة عقد الزواج بالوشم على الجسد، ولا أكاد أشك في أن هذا هو النتاج الطبيعي لحالة الفراغ الفكري والثقافي الذي يعاني منه جيل بأكمله إلا قليلا·
علماء الدين أكدوا أن هذه الطريقة لا يترتب عليها ما يترتب على عقد الزواج الشرعي، بل تصل إلى الزنا إذا دخل الشاب بالفتاة 00وطالبوا بوقف هذه المهزلة فورا00وتساءلوا في استنكار : إذا كان الزواج بالوشم فكيف سيتم الطلاق؟··!! هل سيكون بماء النار؟
وفي التحقيق التالي نتعرف إلى المزيد من آرائهم:
بداية يقول الدكتور عبد الصبور شاهين الأستاذ بجامعة القاهرة: إن الوشم حرام في ذاته فكيف يكون الحرام وسيلة أداه لتحقيق الحلال، وحذر من خطورة هذه العمليات وهروب أصحابها من رقابة أولياء أمورهم، وقال: إن هذا نوع من العبث، فإن كان الزواج بالوشم فكيف يمكن أن يطلِّق الرجل زوجته، لاشيء سوى ماء النار، فيمكن لهم اللجوء لأي نوع من أنواع التعاقد المشهود عليها وبموافقة ولي الأمر ولا داعي لهذا الوشم الذي يشوهون به أجسادهم لأنه حرام ولا يمكن اعتباره سوى زنا·
ويضيف الدكتور محمد رأفت عثمان أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، أن كل هذه الأعمال تدل على سخف في التصرفات وعبث في السلوك، فهي ممارسات زنا لا يربطها بالعقد الشرعي للزواج أي رباط، فالزواج في الإسلام عقد لابد من توافر أركانه وشروطه حتى تتحقق شرعيته، ومن ضمن أركانه موافقة ولي أمر المرأة، بمعنى أنه بتولى هو عقد الزواج، ولا يصح أن تقول المرأة للرجل زوجتك نفسي لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ثبت عنه قوله "لا نكاح إلا بولي" ، وقوله " أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل" ·
ويكمل الدكتور رأفت حديثه قائلا: يشترط أيضا أن يكون العقد متضمنا للإيجاب بقول ولي أمرها للرجل الذي يرغب في الزواج فيها " زوجتك ابنتي "، والقبول من الرجل فيقول قبلت هذا الزواج، أما الشروط فمتعددة كحضور شاهدين على الأقل ليشهدا حدوث العقد، وكذلك ألا تكون محرمة عليه بأي لون من ألوان التحريم·
**صلات غير شرعية***
ويؤكد الدكتور رأفت أن ما يحدث من هؤلاء الشباب نوع من العبث بالأحكام الشرعية ، ويجب على الدولة أن تضرب على أيدي هؤلاء الذين يريدون إشاعة الفاحشة في المجتمع·
وحول وجود قانون يعاقب على هذه الأفعال يوضح الدكتور رأفت عثمان، أن القانون المصري لا يعاقب على جريمة الزنا مادامت برضا الطرفين وكانت المرأة بالغة عاقلة وليست متزوجة، كما أعطى الحق للزوج أن يسقط العقوبة القانونية عن زوجته التي ارتكبت جريمة الزنا لأن القانون يعتبر أن الحق في هذا المجال هو حق للزوج، لكنه في الحقيقة حق المجتمع كله·
**بدعة خطيرة***
ويرى الدكتور الحسنين الشافعي أستاذ التفسير في كلية أصول الدين جامعة الأزهر أن الزواج بالوشم ظاهرة غريبة وبدعة جديدة وخطيرة للغاية ومصدر خطورتها إنها متعلقة بالشريعة والحلال والحرام، وأيضا تعلقها بالأعراض، ويجب أن نقف وقفة ضد هذه البدعة الخطيرة من جهات عدة كالبحث عن أسباب ظهورها وطرق مواجهتها ومكافحتها، ومن وجهة نظري الأسباب كثيرة ومتعددة ويمكن حصرها في أمور عدة منها ارتفاع سن الزواج مع كون الرغبة الجنسية من الأمور الملحة والضرورية، فلا يجد الجنسان من سبيل إزاء ارتفاع تكاليف الزواج الباهظة ما يروي به هذه الرغبة فيندفع إلى هذه التيارات والأفكار المريضة، وبخاصة في ظل وجود دعوات صريحة وغيرها في وسائل متعددة للجنس ومنها أفلام الفيديو والمجلات الخليعة، و الإنترنت، والأفيشات المتعددة على الجدران لأفلام سينمائية ومناظر الجنس في الأفلام التليفزيونية، جميعها توحي إلى الشباب وتقوي فيهم الرغبة الموجودة أصلا، فلا يجد سبيلاً إلا الوقوع في مثل هذا الانحراف لإشباع هذه الرغبة، مع غياب دور المسجد والمدرسة والمنزل، ومع وجود دور سلبي لوسائل الإعلام، وإن من أكبر الأسباب لظهور مثل هذه الانحرافات هو الاختلاط بين الجنسين في أمور الحياة بعامة، ولا سيما التعليم بمراحله المختلفة وبخاصة الجامعة والثانوية، بالإضافة إلى كون الآباء والأمهات قد تساهلوا لدرجة الإفراط والإسراف في منح الحرية لأولادهم في مسألة اللبس والصداقات واللقاءات بحجة المذاكرة وغيره من التسهيلات تقليداً للغرب ، وقد بدأ الغرب في الانتهاء عن ما تحدثت عنه، فياليت قومي يعلمون أهمية الرجوع إلى منهج الإسلام القويم ونتيجة ذلك الخيرة النافعة لهم·
**الحلول***
ويضيف الدكتور الشافعي، أن الحل في أن نجعل كليات خاصة بالبنات وأخرى خاصة بالرجال فصلا بينهم خاصة وأن ظهور مشكلة الزواج بالدم أو الوشم كانت الجامعة المصدر الأول لها، وأشار إلى كلام الرئيس الأميركي بوش الذي شجع فيه على فتح دور التعليم التي تفصل بين الجنسين ويكافئ على ذلك، ولعل هذا أهم ما يميز الأزهر بمراحله التعليمية عموما، إضافة إلى أن نربي أولادنا على الخلق والتفاخر بالشرف والطهر والنقاء كمعانٍ غالية، ونبتعد عن التباهي بالمادة والمؤهل والجمال·
**انحراف فكري***
ويضيف الدكتور نبيل السمالوطي، عميد كلية الدراسات الإنسانية أن وراء ظهور مثل هذه الانحرافات مثل ما يطلق عليه الزواج بالوشم، هو انحراف فكري وسلوك طارئ لدى الشباب، والسبب في ذلك يرجع لعوامل عدة ولا يمكن إرجاعه لعامل واحد، فمثل هذه الظاهرة المعقدة يمكن إرجاعها للأمية الدينية المصاب بها شباب مصر وشباب العالم العربي هذه الأيام، والمقصود بالأمية الدينية هو الفهم الخاطئ للكثير من المفاهيم الدينية وعدم معرفة ما هو معلوم من الدين بالضرورة أو أبجديات الفكر الديني حتى لدى خريجي الجامعات والمتعلمين والمثقفين لأنهم مصابون بأمية دينية، فهناك شباب لا يفهم معنى الزواج وشروطه ومقدماته وأحكامه ولا يوجد من يوعي هؤلاء الشباب بهذه الأمور، إضافة إلى افتقارهم لدور الإعلام والمساجد والمدارس والجامعات وقلة وجود من يقوم بتقديم التوعية في هذه المؤسسات للشباب الذي يفتقد الكثير من المفاهيم الشرعية في فقه الزواج·
**البطالة***
ويؤكد الدكتور السمالوطي أن العامل الاقتصادي، وشيوع البطالة وضيق ذات اليد، وعدم وجود الإمكانات لدى بعض الشباب، مما لا يدفعهم للسير في الطرق الشرعية للزواج عن طريق أولياء الأمور، لأن هذا يحتاج لمصاريف ضخمة وتكاليف باهظة، وبعض الشباب اليوم عاجز عن الإقدام في مثل هذا لأنه لا يملك المال الذي يعينه على الزواج الشرعي فيستسهل البدع التي شاعت في الآونة الأخيرة، مثل الزواج بالوشم أو الدم، ومن هنا فإن إيجاد فرص عمل للشباب تيسر لهم الحياة الكريمة سوف يصحح مسارهم واتجاهاتهم في مسألة الزواج، وهناك أيضاً عوامل تتصل بالعوامل الاجتماعية، كعدم انخراط الشباب في مؤسسات المجتمع المدني الذي لها دور مهم جداً في استثمار طاقة الشباب، وتوجيههم توجيهاً اجتماعياً صحيحاً، ويقصد بهذه المؤسسات، النقابات المهنية والعمالية والجمعيات الأهلية والمصانع والشركات الخاصة والأحزاب السياسية، فوظيفة هذه المؤسسات هي استيعاب طاقة الشباب وإشباع رغباتهم سواء المادية أو النفسية أو الاجتماعية، بالإضافة إلى السماوات المفتوحة والدش والقنوات التي تبث المناظر الجنسية التي تثير لدى الشباب النزعة إلى التسيب، وتطلعهم على نماذج لا تتفق مع قيمنا وأخلاقنا كالارتباط بالفتاة خارج المؤسسات الأسرية، ويطرح بهذا الشكل الأفكار المسمومة التي تجعل الأمور طبيعية وعادية، وأيضا تصل لتكون موضة هذا الصيف مثلا، ويجب أن يرفض الشباب هذه الأفكار تماماً، ولكن أريد أن أقول: إن العالم الإسلامي مستهدف من جهات عدة، ويبدأون بإفساد الشباب وإفساد البنات لأن الشباب ليس لديه الحصانة الثقافية التي تجعله يميز بين الفضيلة والرذيلة، بين الحق والباطل·
عن مجلة الوعي الإسلامي بتصرف

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة