الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لفظ (الشريعة) في القرآن الكريم

لفظ (الشريعة) في القرآن الكريم

لفظ (الشريعة) في القرآن الكريم

من المصطلحات المهمة في القرآن الكريم مصطلح (الشريعة) بل إن من أسماء سورة الجاثية، أنها سورة (الشريعة)؛ وقد سبق أن أشرنا في مقال سابق إلى أن مصطلح (الشريعة) من المصطلحات المرادفة لمصطلح (الدين) وإذ كنا قد فصلنا القول في دلالة مصطلح (الدين) فلنعطف عليه القول ببيان معنى هذا المصطلح، مصطلح (الشريعة) فنقول:

(الشريعة) في أصل اللغة: هي مورد الشاربةُ الماءَ، ثم استعير لكل طريقة موضوعة بوضع إلهي ثابت؛ واشتق منه الشِّرْعة في الدين، والشريعة، قال تعالى: {لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا} (المائدة:48) وقال سبحانه: {ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها} (الجاثية:18) وقال الشاعر:

ولما رأت أن الشريعة همُّها وأن البياض من فرائصها دامي

ومن الباب: أشرعتُ الرمح نحوه إشراعًا؛ والإبل الشروع: التي شَرَعت ورَويت؛ ويقال: أشرعتُ طريقًا، إذا أنفذته وفتحته، وشرعت الإبل، إذا أمكنتها من الشريعة، أي: من مورد شرب الماء.

و(الشَّرِيعَة) و(الشِّرْعَة): ما سنَّ الله من الدِّين وأَمَرَ به؛ كالصوم، والصلاة، والحج، والزكاة، وسائر أَعمال البرِّ، ومنه قوله تعالى: {ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها} (الجاثية:18).

وقوله تعالى: {لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا} (المائدة:48) رُوي عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير الآية، قال: "الشرعة: ما ورد في القرآن، والمنهاج: ما ورد في السنة"، ورُوي عنه في معنى الآية أيضًا، قال: "شرعة ومنهاجًا: سبيلاً وسُنَّة:، وقال قتادة: شرعة ومنهاجًا، الدِّين واحد، والشريعة مختلفة؛ وقيل في تفسيره: (الشِّرْعَةُ): الدِّين، و(المِنهاجُ): الطريقُ؛ وقيل: (الشرعة) و(المنهاج) جميعًا: الطريق، والطريقُ ههنا: الدِّين؛ وقال بعضهم: (شِرْعَةً) معناها: ابْتِداءُ الطريق، و(المنهاج): الطريق المستقيم والواضح.

وقوله تعالى: {ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها} (الجاثية:18) قال الفراء: على دين ومِلَّة ومنهاج؛ وقال بعضهم: {على شريعة} أي: على مِثال ومَذْهَبٍ؛ ومنه يقال: شَرَعَ فلان في كذا وكذا، إِذا أَخذ فيه؛ ويقال: فلان يَشْتَرِعُ شِرْعَتَهُ، ويَفْتَطِرُ فِطْرَتَهُ، ويَمْتَلُّ مِلَّتَه، كل ذلك من شرعة الدِّين، وفطرته، ومِلَّته.

و(شَرَع) الدِّين يَشْرَعُهُ شَرْعًا: سَنَّه؛ وفي التنزيل العزيز: {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا} (الشورى:13)، قال ابن الأَعرابي: {شرع) أَي: أَظهر، وقال في تفسير قوله تعالى: {شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله} (الشورى:21)، قال: أَظهروا لهم.

وقوله تعالى في قصة أصحاب السبت: {إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا} (الأعراف:163) قيل في تفسيره: إنها الرافعة رؤوسها، ومنه قولهم: رمح شُراعيٌّ، أي: طويل.

على أن من المصطلحات القرآنية المرادفة لمصطلح الشريعة - مع فروق تُنظر في مظانها - مصطلح (الملة) وهو مصطلح قرآني آخر، يتقاطع مع مصطلح (الشريعة) في معان، ويفارقه في أخرى.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة