الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الإسلام في بلاد التبت

الإسلام في بلاد التبت

الإسلام في بلاد التبت

تقع بلاد التبت في منطقة منعزلة تحاصرها الجبال في وسط القارة الآسيوية، وتحدها الصين من الشرق والتركستان الشرقية من الشمال، وكشمير من الغرب، والهند من الجنوب.

أما مساحة التبت فإنها تبلغ.00ر221ر1 كيلو متر مربع، وعدد سكانها أكثر من ثلاثة ملايين نسمة والعاصمة تسمى (لاهاسا) وعدد المسلمين في بلاد التبت أكثر من ربع مليون مسلم.

الوضع السياسي للتبت
لقد أطلق الجغرافيون العرب القدامى على البلاد اسم التبت ولقبوا حكامها بالخواقين كما ذكر ياقوت الحموي وغيره ، وأما بعض الجغرافيين الأوروبيين فقد أطلقوا عليها "قلب آسيا الميت" بعد أن ظل الغموض يحيط بها فترة طويلة من الزمن بسبب ظروفها الطبيعية وتعقيد تضاريسها ووعورة مسالكها وكونها منطقة معزولة عن العالم الخارجي، وهي معروفة حالياً باسم بلاد التبت.
وكانت بلاد التبت تخضع لحكم الصين في فترات قوتها، وتنفصل عنها في فترات ضعفها، وبعد الحرب العالمية الأولى قوي الشعور القومي عند أهل التبت، فانفصلت التبت عن الصين، وفي عام 1343هـ (1924م) استعادتها الصين ثم طردت حاكمها المسمى (الدالاي لاما) في عام 1371هـ (1951م) وأصبحت التبت ولاية صينية منذ ذلك الوقت.

وصول الإسلام إلى بلاد التبت
وصل الإسلام إلى بلاد التبت عن طريق جيرانها، وسلك إليها من التركستان الشرقية، التي تسمى الآن باسم "سنكيانج".
وذكرت الحوليات الصينية القديمة أن العرب كانوا أصدقاء لأهل التبت، وهذا دليل على أن العلاقات الإسلامية بدأت مبكرة مع سكان التبت، وليس هذا غريباً فلقد وصل الإسلام إلى الحدود الغربية لبلاد الصين في نهاية القرن الأول الهجري، عندما فتح المسلمون (كاشغر) وهي لا تبعد كثيراً عن بلاد التبت.

وفي عهد الخليفة الأموي عمر بن عبدالعزيز أرسل أهل التبت وفداً إلى (الجراح بن عبدالله) والي خراسان يلتمسون منه أن يبعث إليهم من يفقههم في الدين الإسلامي، ويقال إنه أرسل إليهم (سليط بن عبدالله الحنفي) لذلك الغرض.
وكذلك ذكرت بعض الأخبار عن وجود صلات طيبة بين الخليفة المهدي العباسي وملك التبت، وقيل أيضاً إن أحد ملوك التبت أسلم في عهد الخليفة المأمون العباسي.
وكانت تلك جهود بذلها المسلمون لبث الدعوة الإسلامية إلى بلاد التبت عن طريق وسط آسيا، وكان ذلك كله هو المحور الأول لوصول الإسلام إلى التبت.
وأما المحور الثاني في نقل الإسلام إلى أهل التبت، فتمثل في وصول الإسلام عن طريق جارتها الغربية كشمير بعد أن خضع شمال الهند للنفوذ الإسلامي.

ثم عندما سيطرت سلطة الإسلام على وسط آسيا وبلاد الهند في القرن التاسع الهجري غزا الحكام المسلمون بلاد التبت أكثر من مرة، فغزاها (القائد مير مزيد) في عهد (الأمير سعيد خان) في عام 930هـ.
ثم غزا بلاد التبت (الملك حيدر مرزا) في عام 955هـ، وتوغل في منطقتي (لداخ) و(بلتستان) عندما كان ملكاً على كشمير، حتى أصبح الإسلام منذ القرن العاشر الهجري قوة سياسية في بلاد التبت.

ولما كانت تأثيرات الإسلام أكثر قوة في غربي التبت بسبب مجاورتها لبلاد كشمير، لذا أصبحت منطقتا (لداخ وبلتستان) أكثر مناطق التبت تأثراً بالإسلام، ولم يقتصر الأمر على الغزو، فلقد وصل الدعاة المسلمون إلى التبت من بلاد كشمير وبلاد خراسان ووسط آسيا، وظل الإسلام يحرز تقدماً في بلاد التبت حتى النصف الثاني من القرن الثالث عشر الهجري.

ويوجد في ولاية (لداخ) بالتبت عدد من المولدين يطلق عليهم اسم (الأرغونيين) من أمهات تبتيات وآباء مسلمين من التجار الذين قدموا إلى هذه الولاية وتزوجوا من نساء التبت بعد إقناعهن بالإسلام، وهؤلاء جميعاً مسلمون، ولقد فعل الجيل المولد كما فعل آباؤهم فتزوجوا من نساء التبت وكونوا أسراً مسلمة، وعملوا في سبيل نشر الإسلام.
ثم شق الإسلام طريقه من بلاد التبت إلى الولايات الصينية المجاورة.

ولكن بعد الاحتلال ماذا حدث؟
وعندما استولى الشيوعيون على حكم الصين ضموا التبت إليهم، ولم يخضع المسلمون لحكمهم بسهولة، فظهرت اضطرابات عنيفة في بلاد التبت، وشارك فيها المسلمون في عام 1379هـ ومات الآلاف منهم نتيجة بطش الشيوعيين الصينيين.
وكان أول شئ فعله الصينيون إبان فترة الحكم الشيوعي السابق، هو سلب المسلمين حريتهم في ممارسة عقيدتهم الدينية، وسلبهم جميع الامتيازات والتسهيلات التجارية الحرة فأغلقت مؤسساتهم مثل المدارس والمساجد، وحتى لم يسمحوا لهم بأبسط الحقوق كدفن الموتى وفقا للتقاليد الإسلامية، وفُرض عليهم حظر السفر في البلاد، وتم تجميد ما امتلكوه من سلع، واستمر موقف الصين من المسلمين في التبت عدائيًّا، كما اشترطت السلطات الصينية على المسلمين التبت أن يتخلّوا عن ممتلكاتهم الشخصية مقابل الهجرة إلى أية بلاد إسلامية.. كما فرضت عليهم قيودًا ومقاطعات جماعية، إلى جانب منع الناس من بيع أي شئ للمسلمين فلاقى الكثير منهم حتفهم كهولا كانوا أو أطفالا بسبب المجاعة.

وفى أواخر 1959 استطاع مئات من المسلمين الهجرة إلى الهند في بلدانها الحدودية مثل: "دار جلينغ"و"كاليم بونغ" و"نمانتوغ" ومنها صاروا يتجهون إلى كشمير بين الفترة من 1961 إلى 1964. واستطاعوا فيما بعد أن يكونوا جمعية لرعاية مسلمي التبت المهاجرين؛ والتي تكونت بالفعل بمساعدة العالم الإسلامي وتم بناء 144 مسكنًا ومسجدًا واحدًا تم الانتهاء منه عام 1985، وهذه المساكن لم تكفِ حاجة المسلمين.

ولولا تلك الظروف القاسية لكان عدد المسلمين في الازدياد بين سكان بلاد التبت، ومع ذلك يقيم في مدينة (لاهاسا) العاصمة وحدها نحو أربعة آلاف أسرة مسلمة، وعدد المسلمين في بلاد التبت أكثر من ربع مليون مسلم، وهم يعبدون الله الواحد الذي لا شريك له، مخلصين له الدين ولو كره المشركون.

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة