الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

انسحبوا من غزة... فماذا بعد؟

انسحبوا من غزة... فماذا بعد؟

انسحبوا من غزة... فماذا بعد؟

كتب عن الانسحاب من غزة كتابات كثيرة حتى إن المرء لا يجد سبيلاً إلى التخلص من تلك الكتابات لأنها تحاصره من كل جانب. إلا أن سؤالاً يلح علينا وهو ماذا بعد الانسحاب من قطاع غزة؟ وما هي الأبعاد الحقيقية لخطة أرييل شارون التي يروج لها بإبراز ظاهر رحمتها وإخفاء عذابات باطنها وخبث نياتها؟ فخطة تتضمن الانسحاب من 4 مستعمرات في شمالي الضفة الغربية و21 مستعمرة في القطاع يسكنها 6430 مستعمراً وتشغل 33% من مساحة القطاع في حين أن السلطة الفلسطينية تمارس نظرياً سيادتها على 67%. ومساحة القطاع 364 كلم2 على شكل طولاني على البحر المتوسط. ويسكن في القطاع 1.200 مليون، منهم 900 ألفاً من اللاجئين وصلوا إلى القطاع بعد طردهم من منازلهم غداة قيام دولة "إسرائيل" 1948.

ثمن الانسحاب من غزة تعزيز المستعمرات في الضفة الغربية والجولان والقدس ومليارا دولار من الولايات المتحدة، لذلك أعلن شارون عزمه على الانسحاب من غزة من طرف واحد، فلم يُعلم الجانب الفلسطيني بخطته كاملاً. أما القدس فإن خطط تهويدها تُستكمل بلا كلل في عهود الحكومات السابقة وبمشاركة كل الأحزاب الصهيونية منذ 38 سنة.

وقد أوصت القيادة العسكرية وزير الدفاع بشن عدوان على قطاع غزة يسبق تنفيذ خطة الفصل وذلك بحجة ترتيب الوضع الأمني وحماية قوات الجيش وبقصد التحرك ضد المنظمات التي تسميها "إسرائيل" والإدارة الأميركية الحالية (إرهابية) ولكن وزير الدفاع تحفظ على هذه التوصية. فأوصت القيادة بأن تقوم وزارتا الإسكان والمالية على الإنفاق في مستعمرات غور الأردن والقدس في العام 2005 - 2006.

وقد هاجم وزير المالية خطة فك الارتباط على اعتبارها تدفع ثمناً باهظاً مقابل لا شيء. ويخشى أن تولد الخطة وقوع حرب أهلية. فقد فجرت خطة فك الارتباط أزمة عميقة متحدية ومزعزعة الكثير من الحقائق التي تشكل أيديولوجية (أرض "إسرائيل" الكبرى). ولا شك أن شارون هو مهندس وقائد هذه الأيديولوجية. وتعبير(الحرب الأهلية) يأتي لإخافة وتهديد عامة الإسرائيليين، وللحد من دعم الخطة. لا يمكن حدوث (حرب أهلية) لعدم وجود قوتين مسلحتين داخل "إسرائيل". وقد هربت وحدات من أسلحة الدبابات والمشاة والمدفعية ومن القوات الجوية، وانضمت إلى خصوم الخطة، ذلك لا يخفف من خطورة الخطة التي استطاعت الاستبدال بحركة الاستيطان في الضفة حيث يهيمن صوت الأيديولوجية الدينية. وقد تشكلت النواة الأساسية لهذه الحركة من طلاب وخريجي المدارس الدينية القومية وقد انتشرت الحركة فيما بينهم، فنشأ بذلك تيار يدعو إلى صهيونية دينية أصولية محورها الجوهري هو (أرض "إسرائيل" الكبرى)، وهو تيار قوي يؤمن بأن قيام حكومة من الجناح "اليميني" بإخلاء المستعمرات يعني انهيار عقيدة هذا التيار.

ولهذا التيار هدفان: أولهما تكتيكي يتمثل في العودة عن الخطة، والثاني استراتيجي يريد الثبات وجعل علاقة المؤيدين ضد الخطة ثابتة فهذا التيار يؤمن بالتصاق روحي أو سياسي بـ"إسرائيل" أو الجيش الإسرائيلي، وقد غضب هذا التيار من ردود فعل المستوطنين، فانساقوا معهم، بعد أن لاحظوا أن قسماً من الجيش رفض إطاعة الأوامر ولجؤوا إلى العصيان المدني، وبعد أن تأكدوا أن المجتمع الإسرائيلي ليس على شفير حرب أهلية، ولكنه يواجه نزاعات جدية خطيرة، وخشوا أن يحاول قسم من طلاب وخريجي المدارس الدينية القومية القيام بأعمال متطرفة.

ومنذ العام 1967 أقيمت على أراضي الضفة الغربية، وفيها القدس، أكثر من 225 مستعمرة. وبلغ عدد المستوطنين فيها مليوناً و11 ألفاً، وهناك مخطط إسرائيلي لبناء 13500 مستعمرة تستوعب 55 ألف مستوطن، وذلك في إطار القدس، وبناء 6391 في مستعمرات الضفة، بحيث تتوسع المستعمرات 3% في كل عام. ولم تفعل الحكومات الإسرائيلية شيئاً لتحريك مستعمرة قط من مكانها، بالعكس، ترى أن من واجبها تنفيذ المخططات كما هي. فجميع الحكومات الإسرائيلية نفذت تلك المخططات. وصرح وزير الدفاع الإسرائيلي بعد تنفيذ الخطة بأن الضفة الغربية ستتحول إلى الميدان الرئيسي لمكافحة الإرهاب.

لقد انسحبت القوات الإسرائيلية من قطاع غزة تحت ضربات المقاومة الفلسطينية. وهكذا أثبتت المقاومة جدواها وفائدتها في تحرير الأراضي المحتلة، وقضية القدس وعودة اللاجئين الفلسطينيين الذين بلغوا حتى الآن ملايين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الاتحاد الإماراتية

مواد ذات الصله

المقالات

المكتبة