الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الصرع الجزئي .. ودوره في حدوث الانفعالات والعصبية

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

ابنتي في الثالثة والعشرين من عمرها، طالبة بكلية عملية، شديدة العصبية، وأي توجيه لها تعتبره نقداً، وتعتقد أنها تفهم كل شيء، ولها قوانين خاصة بها تتعامل بها مع الناس.

ورغم أنها تؤدي الصلاة في أوقاتها، وتواظب على الأذكار وتقرأ القرآن إلا أنها تحب أن تخطط لكل شيء، وتنزعج وتغضب إذا لم يتم ما أرادت، وشديدة الغيرة ممن حولها، وترغب أن يكون عندها كل شيء، ولا تحب الاندماج مع شقيقاتها، ولا تخرج معهم، وتغضب إذا لم يشركوها معهم، وهي مخطوبة لشاب طيب وعلى خلق ويحبها، لكنه ضعيف الشخصية معها ومع والده، مما يؤدي إلى كثير من المشاكل الصغيرة.

علماً بأنها كانت مصابة بصرع جزئي، وكانت تُعالج بـ(تجريتول) منذ سن الخامسة وحتى السابعة عشرة، وقد أُوقف العلاج بمعرفة الطبيبة بعد آخر نوبة بسنتين، وعاودتها نوبة منذ أربعة أشهر، وبدأت العلاج من جديد وهو تجريتول 200 سي آر كما وصفه الطبيب.

وقد عرضتها منذ سنة على طبيبة أمراض نفسية، وقالت إنها تعاني من اضطرابات في الشخصية، ووصفت لها لاموترين وفيلوزاك، وبعد فترة أوقفت العلاج ورفضت الذهاب للطبيبة، وقالت: أنا لست مريضة، وأصبحنا نخشى عصبيتها وصوتها العالي، وأوشكت أن تفقد خطيبها، فما الحل؟

وشكراً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإن هذه الأعراض التي ذكرتها من عصبية وتوتر وانفعالات سلبية وميول للتخطيط لكل شيء .. كل هذا دليلٌ واضح أنها تعاني من قلق نفسي، والقلق النفسي كثيراً ما يكون مرتبطاً بحالات الصرع، خاصةً الصرع الذي ينشأ من الفص الصدغي، وهذا النوع من الصرع يُعرف أنه صدغي جزئي في أغلب الأحيان، فإذن العلاقة مربوطة بحالتها العضوية، ونسأل الله لها الشفاء والعافية.

دواء التيجرتول من أحسن وأفضل الأدوية التي تؤدي إلى التحكم في هذه النوبات الجزئية، وفي نفس الوقت التيجرتول هو في الأصل مثبت للمزاج، قد لا يعالج العصبية كثيراً، لكنه مثبت للمزاج، والجرعة التي تتناولها وهي 200 مليجرام CR ربما تكون ليست كافية، إنما يجب أن تكون حتى 600 مليجرام في اليوم، لذا أرجو مراجعة الطبيب في هذا الأمر.

بالنسبة للأدوية العلاجية الأخرى فلا شك أنها تحتاج إلى علاج دوائي، وربما يكون السبراليكس هو الأفضل لحالتها، والجرعة المناسبة لها هي 5 مليجرام -أي نصف حبة يومياً لمدة عشرة أيام - ثم بعد ذلك ترفعين الجرعة إلى 10 مليجرام يومياً، وتستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك تخفض الجرعة إلى 5 مليجرام يومياً لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.
ويتميز السبراليكس بأنه سليمٌ وفعال، ولا يتفاعل سلبياً مع التيجرتول، هذا فيما يخص العلاج الدوائي.

فيما يخص التعامل معها، أعتقد أنه سيكون من الأفضل لهذه الابنة أن تُنصح وتوجه بأن تعبر عن مشاعرها، ونعطيها الفرصة لأن تحاور دائماً؛ لأن الإنسان الذي يكتم حتى بالنسبة للأمور البسيطة سوف يحدث له نوع من الاحتقانات، وكما تحتقن الأنف تحتقن النفس، فأرجو أختي الكريمة أن تعطيها فرصة وحفزيها بأن تعبّر عن ذاتها، وبفضل الله تعالى هي مصلية وقارئة للقرآن، ولا شك أن ذلك سوف يكون له الأثر الإيجابي الكبير عليها.

الأمر الآخر -وهو من الضروري جداً- أن تُشعر هذه الابنة بأهميتها، فيجب أن لا تهمش، ويجب أن تستشار، ويجب أن تحس أنها تدير معكم شئون الأسرة..هذا مهم جداً، وهذا سوف يعطيها الشعور بالرضا، وبالاسترخاء، والشعور بالانتماء، وهذا لا شك أنه سوف يساعدها كثيراً.. هذه هي الأمور الرئيسية فيما يخص العلاج.

هناك أيضاً تمارين تسمى تمارين الاسترخاء، وهذه التمارين تفيد كثيراً في حالات العصبية، فيمكنها أن تدرب على ممارسة هذه التمارين عن طريق الأخصائية النفسية، وإن لم يكن ذلك ممكناً فأرجو أن تتحصل على كتيّب أو شريط أو سيدي من المكتبات الكبيرة يوضح كيفية ممارسة هذه التمارين، وهنالك طرق كثيرة جداً، من أفضلها طريقة تسمى طريقة جاكبسون.

وأما فيما يخص الزواج، فالحمد لله هذا الرجل الذي تقدم لها رجل معقول، وما دام هو إنساناً طيباً فأتمنى أن يكون صاحب خلق ودين، وأعتقد أن هذا هو المهم.
وبالنسبة لما وُصف بضعف الشخصية فليس من الضروري أن يكون ما يقوم به معها أو مع والدها ضعفاً في الشخصية، بل ربما يكون نوعاً من الحياء أو الأدب، وبعد أن يتم الزواج سوف يحدث نوع من التفاهم الأكثر فيما بينهما بإذن الله، وستستطيع هي أن تحسن من شخصيته ومن أدائه ومن تعاملاته.
وفي المقابل أيضاً هو سوف يُساهم كثيراً في تعديل سلوكها؛ لأنه يعرف أن الإنسان الهادئ الطباع يستطيع أن يؤثر على الشخص العصبي كثيراً، ويكون هذا التأثير إيجابياً، فإن شاء الله بعد أن يتم الزواج يكون هو أيضاً إنساناً فعالاً في مساعدتها لتخطي عصبيتها وسرعة استثارتها وانفعالاتها وعصبيتها.

وأرجو أن تنظري أيضاً إلى الجوانب الإيجابية في ابنتك وهي كثيرة، وحاولي أن تحفزيها وتشجعيها؛ لأن ذلك مهم جداً لتعديل السلوك.
وختاماً: نشكرك على تواصلك معنا في استشارات إسلام ويب.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً