بسم الله، والصلاة على رسول الله، أما بعد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بدأت القصة حينما قال لي أحد أصدقائي إن طريقة سير (مشيتي) سيئة، لم أهتم له، إلا أنه قالها لي مرات ومرات، فبدأت أنظر إلى طريقة سيري، فأصبحت أسير أسوأ من السابق، كنت أمد رجلي وبطني إلى الأمام، وأرجع ظهري للخلف، وأثبت جسمي، إلا أن الناس أخذوا يضحكون مني ويستهزئون بي، ثم بعد ذلك استطعت أن أعدل طريقة سيري، فكنت أثبت جسمي ثم بعد ذلك بدأت أحرك جسمي، ولكن كنت أثبت كتفي، أما الآن فأحرك كتفي ولكني أثبت رأسي ولا أستطيع أن أفك تثبيت رأسي، بل يزداد إلى درجة أن ابنة عمتي قالت لي إن رأسك يبدو كالتمثال حينما تسير، ثم أصبح رأسي مثبتاً في كل مكان، ولكن حينما أفكر في هذا الموضوع يسبب لي قلقاً، إذ أنني لا أحب الآن أن أسير كثيراً أمام الناس، وهذا يحد كثيراً من قدراتي في التفكير في أشياء أخرى، بل يحد من قدراتي في المذاكرة، وأهدافي التي أريد بها أن أخدم أمة الإسلام.

أرجو منكم الإفادة سريعاً، شكراً لكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ شريف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإذا كانت طريقة السير التي تسيرها والتي لفتك إليها صديقك، ثم ما ذكرته ابنة عمتك حولها هي مشيتك الطبيعية منذ البداية، فهذا أمر يجب أن لا تهتم به وتجاهله تمامًا، أما إذا كنت تحس بعدم ارتياح في المفاصل أو في العضلات، أو أن مستوى انحناء الظهر ليس بالطبيعي، فهنا يجب أن تذهب إلى طبيب العظام والذي سوف يقوم بتقييمك، ليكشف عليك كشفًا كاملاً على العظام والعضلات والأربطة والمفاصل، وإذا وجد كل شيء على ما يرام فهذه طريقتك وطبيعتك في المشي، وليس لأحد الحق أن ينتقدك فيها أبدًا.

أنا حينما تصلني مثل هذه الاستشارات دائمًا تأتيني فكرة أن الموضوع كله ربما يكون قلقًا، أو مفاهيم خاطئة، أو مجرد نوع من الوساوس.

إذاً اذهب للمختص -لطبيب العظام- وسوف يقوم بفحصك، وإذا لم يجد أي شيء فيجب أن تقتنع أن مشيتك طبيعية والفوارق بين الناس موجودة في كل شيء، في طريقة المشي، في طريقة الكلام، في طريقة الحركة، التعبير عن الذات، ويجب أن لا نهتم لما يقوله الآخرون في هذا السياق.

الأمر الآخر الذي أنصح به هو ممارسة الرياضة ومحاولة المشي لمسافات طويلة، وبنوع من الحركة العسكرية، فهذا يحسن كثيرًا من طريقة مشي الناس، أو يمكنك أن تتصل بأحد الرياضيين فلديهم فكرة كبيرة جدًّا، خاصة الذين يمارسون رياضة الجري أو المشي، فقد يستطيع أن يعطيك النصيحة المطلوبة ويستطيع أن يقيمك بصورة أفضل.

المهم أيضًا أن تحاول أن تكون على طبيعتك وسليقتك، نحن لا نقرر الطريقة التي نمشي بها، هي تعتمد على العضلات ووضعها وقوتها، وكذلك على العظام والأربطة والأعصاب التي تحركها، وفي بعض الحالات نوع وطبيعة القدم أيضًا تلعب دورًا في الطريقة التي يمشي بها الإنسان، فهنالك قدم مسطحة وهنالك قدم بها انحناءات، وتعتمد العملية كلها على أمشاط القدم.

أنا لا أرى أنك فعلاً تعاني من علة حقيقية، أعتقد أن الأمر كله مرتبط بالوساوس والقلق والمفاهيم الخاطئة والملاحظات السلبية التي ذكرت لك، ويظهر أنك حساس حيال هذا الأمر، لكن ما ذكرته لك من الذهاب إلى المختص والاستفادة من خبرة الرياضيين في طريقة المشي الصحيح، أعتقد أن ذلك سوف يكون كافيًا.

نصيحتي لك أيضًا هي أن توجه طاقاتك واهتماماتك لأمور أخرى، فالقلق يشغل الناس بأمور تصرفهم عما هو أهم، ولذا أحد وسائل العلاج هي أن توجه الطاقات النفسية والجسدية لما يفيد الإنسان، أمامك فرصة طيبة لأن تجتهد في دراستك، أن تكثر من القراءة والاطلاع في الكتب الغير مدرسية، أن تشاهد البرامج التلفزيونية الجيدة، أن تبدأ في حفظ القرآن وتدارسه، هنالك أشياء كثيرة جدًّا، فأنت في عمر يكون فيه استيعابك في أفضل حالاته، وطاقاتك النفسية والجسدية والفكرية كما ذكرنا لك جيدة جدًّا، فأرجو أن تستفيد من وقتك فيما هو أنفع، هذا يبعد عنك التفكير في طريقة مشيتك التي أرى أنها قد سببت لك الكثير من القلق.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.