الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتغلب على الخجل والرهاب وأنا مقبل على كشف للكلية الحربية؟

السؤال

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.

في البداية أحب أن أشكركم على هذا الموقع المفيد، فجزاكم الله كل خير.

أنا شاب عمري (19) عاماً، أعاني من الخجل من الناس والاضطراب عند الحديث مع أحد لست معتاداً عليه، أو الاتصال بالتليفون، وأعاني من توتر شديد عندما أقدم علي شيء مهم في حياتي قد يؤدي إلى فشلي في مهمتي، لدرجة أني لم أعد أحس أني شخص طبيعي.

لدي كشف هيئة للكلية البحرية، وهو آخر الكشوفات، وشخصيتي يظهر علي الاضطراب والخجل، خصوصاً في مثل هذه المواقف، ولا أدري ماذا أفعل، آمل أن تدلوني على الحل لأستطيع أن أمارس حياتي بحرية وأجتاز هذا الكشف، وشكراً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فلا أعتقد أنك تعاني من علة نفسية أساسية، فحسب ما ورد في رسالتك من وصف فأنت تعاني من قلق نفسي بسيط يحدث لك عند المواجهات، ولديك أيضًا انطباعات سلبية حول شخصيتك، وأعتقد أن هذا أحد الأشياء التي جعلتك تكون عرضة للشعور بالقلق والتوتر وانخفاض المقدرات النفسية في المواقف التي تتطلب المواجهة.

أولاً: هنالك حقيقة مهمة جدًّا أريدك أن تستدركها، وهي أن القلق كطاقة نفسية مطلوب، فالإنسان لا ينجح ولا يكون إيجابيًا ولا يُنجز إذا لم يقلق، ومن الطبيعي جدًّا حين يُقدم الإنسان على عمل ما يتطلب التفاعل مع الآخرين أن يحس بشيء من القلق، هذا القلق نسميه بقلق الأداء، قلق الفعالية، قلق الإنتاجية، وهو مهم جدًّا وإيجابي جدًّا.

الإنسان مثلاً حين يذهب إلى قاعة الامتحانات لابد أن يحس بشيء من القلق، وهذا النوع من القلق والخوف نعتبره أمرًا إيجابيًا يحضّر الإنسان لأن يؤدي الامتحان بصورة جيدة، وذلك بالرغم من اعتقاد الشخص الذي يصاب بمثل هذه الحالات أن التركيز لديه قد ذهب وأنه لا يستطيع أداء الامتحان، لكن بعد أن يبدأ في الإجابة يجد الأمور سهلة جدًّا.

إذن الانفعالات الرهابية هذه – إذا جاز التعبير – نشاهدها دائمًا في بدايات المواقف، في بداية النشاطات الاجتماعية التي تتطلب المواجهة، أرجو أن يكون هذا الشرح واضحًا جدًّا، لأنه سيكون جزءاً كبيراً من العلاج.

ثانيًا: ما يُهيأ لك من أنك مضطرب أمام الآخرين هذه فكرة نفسية خاطئة، أنا أؤكد لك أنك لا تتلعثم أمام الناس كما تعتقد، لا يظهر عليك التخوف كما تظن، ولا يلحظ الناس أي نوع من الاضطراب عليك.

أجرى أحد العلماء تجربة بسيطة جدًّا، وهي أنه قام بتصوير بعض الناس الذين يعانون من الرهاب الاجتماعي عن طريق الفيديو حين كانوا في مواجهات اجتماعية مع الآخرين، وتم هذا التصوير دون علم منهم، هؤلاء كلهم كانوا يشتكون من الخوف الاجتماعي، وبعد أن عُرضت عليهم صور الفيديو ثبت تمامًا أن تصوراتهم حول أنفسهم كانت خاطئة، فهنالك من كان يشتكي من التلعثم، وهنالك كان من يشتكي أنه سوف يغمى عليه، وهنالك من كان يظن أنه مراقب من قبل الآخرين.

فإذن التصورات التي تأتيك والمشاعر الفسيولوجية التي تثير عندك هذا الخوف هو أمر خاص بك وداخل في الحيز النفسي لديك فقط، والآخرين لا يطلعون عليه ولا يلاحظونه، هذه حقيقة يجب أن تستوعبها تمامًا.

ثالثًا: الإنسان حين يقوم بالمواجهات هذه مع الناس والتفاعل مع الآخرين لابد أن يتذكر أن البشر هم البشر، كلنا سواسية، مهما كان منصب الشخص الآخر الذي سوف تقابله، مهما كان وضعه، فهو بشر في نهاية الأمر، يأكل ويشرب وينام ويذهب إلى الحمام ويمرض ويموت، وهكذا، إذن أنت يجب أن تنزل الناس مقامهم البشري الإنساني، هذا لا يعني أن لا نقدر الآخرين، بل يجب أن نقدرهم ويجب أن تكون علاقتنا دائمًا معهم فيها الذوق والاحترام، لكن أريدك أن تتغير فكريًا، لأن هذا سوف يساعدك كثيرًا.

رابعًا: وجد أن هنالك أنشطة اجتماعية مفيدة للناس خاصة في مثل عمرك للتخلص من القلق الاجتماعي، من هذه الأنشطة ممارسة الرياضة مع مجموعة من الشباب، خاصة الرياضة الجماعية مثل كرة القدم.

خامسًا: المواظبة على صلاة الجماعة في الصف الأول، هذه ذات عائد اجتماعي نفسي سلوكي إيجابي جدًّا، كذلك حضور حلقات تلاوة القرآن، الانخراط في الأعمال الاجتماعية والخيرية، هذا علاج نفسي اجتماعي يقضي على القلق والرهاب تمامًا، فحاول أن تجعل لنفسك نصيبًا من هذا.

سادسًا: الخطوة الأخيرة في العلاج والعلاجات الدوائية، وهي كثيرة جدًّا، فهنالك أدوية مضادة للخوف الاجتماعي، وأنا أنصحك بتناول أحد هذه الأدوية لفترة بسيطة، من أفضلها عقار يعرف تجاريًا باسم لسترال، أو يعرف تجاريًا باسم زولفت، ويسمى علميًا باسم سيرترالين، يمكن أن تتناوله بجرعة حبة واحدة ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة ليلاً لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء، وهذا الدواء مضاد للخوف الاجتماعي.

أما إذا كنت لا تريد هذا النوع من الأدوية الذي يتطلب الاستمرارية وتريد فقط دواءً مؤقتاً يساعدك في موضوع المعاينة، فهنالك دواء يعرف تجاريًا باسم إندرال، يمكنك أن تتناوله قبل هذه المعاينة بيومين أو ثلاثة، والجرعة هي حبة صباحًا وحبة مساءً من فئة عشرة مليجرام، وفي اليوم الذي تكون ذاهبًا فيه للمعاينة تناول عشرين مليجرامًا ساعتين قبل المقابلة.

هنالك تمارين أيضًا نسميها بتمارين الاسترخاء، أرجو أن تتدرب عليها، ويمكنك أن تتحصل على كتيب أو شريط أو تتصفح أحد المواقع على الإنترنت التي توضح كيفية تطبيق هذه التمارين.

ولمزيد من الفائدة يمكنك الاطلاع على الاستشارات حول علاج الخجل سلوكياً 267019 - 1193 - 280445 - 278063 .

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، وكل عام وأنتم بخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً