إذا فاجأني شخص بقول ما أو فعل، فلا أعرف ماذا أقول أو أتصرف، فعقلي يختفي تماماً، وهذا شيء يتعبني كثيرا؛ لأننا كثيرا ما نقابل أشخاصا فجأة، وكثيرا ما يقال لنا أشياء غير متوقعة، فأنا ليس لدي سرعة بديهة أو حسن تصرف في هذه الأشياء, وكثيرا ما يتم اتهامي بشيء ما، وأتفاجأ بهذا الاتهام فلا أعرف أن أرد عليه، فأكون مدانة أمام هذا الشخص، وأحيانا أمام نفسي، (فأنا أصدق أحيانا أني فعلا مخطئة)، ولكن بعد قليل من التفكير أكتشف أن لديّ الدليل على براءتي من هذا الاتهام، وأني قد نسيته بعد أن تم إغلاق الموضوع وذهب هذا الشخص وأنا مدانةّ!

فهذه المشكلة تحدث لي كثيرا، وهذا يزعجني جدا، فأنا كثيرة النسيان ولست سريعة البديهة، وقليلة التركيز جدا، فما الحل؟

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بسمه حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فما وصفته بكثرة النسيان وعدم سرعة البديهة وقلة التركيز، أعتقد أن هذا كله ناتج من حالة من حالات القلق البسيط الذي ينتابك، وما وصفته بعدم سرعة البديهة هذا لفت نظري كثيرًا، وأعتقد أنك قد قللت من قيمة نفسك هنا، وأعتقد أن هذا حكمًا خاطأً ومجحفًا، وأرجو أن تصححي مفاهيمك، فربما تكوني متريثة تريدين أن تكون إجاباتك جيدة ومقنعة ودقيقة، وهذه الدرجة من الوساوس في التدقق هي التي جلبت مثل هذه المشاعر، وأعتقد أن هذا هو الذي جعلك أيضًا تحسين بشيء من الفزع وعدم الارتياح في المواقف التي يكون فيها شيء من المفاجأة وعدم التوقع.

حقيقة أرى أنه ليس لديك أي مرض، وليس لديك أي مشكلة، كل الذي يتواجد هو قلق بسيط، يظهر أنك شخص كما ذكرت لك متدقق، وتحاولين أن ترفعي من سقف الإجادة في الإنجاز، وهذا أمر مطلوب لكن ليس من خلال رقابة الذات والتدقق الشديد، لأن الإنسان إذا دقق على تصرفاته وعلى أفعاله يؤدي به إلى انفعالات سلبية، فترتفع درجة القلق لديه، وحين يرتفع القلق يقل التركيز ويضعف، ويحس الإنسان أنه ينسى كثيرًا، وذلك لأن المعلومات في الأصل لا يتم تسجيلها وتخزينها وتشفيرها بصورة صحيحة في مراكز الذاكرة.

أرجو أن تثقي في مقدراتك، أرجو أن تتجاهلي تمامًا هذه المحاسبات الشديدة على نفسك، وعليك بأن تنظري إلى الجوانب الإيجابية في مقدراتك، أكثري من التفاعل الاجتماعي، ويا حبذا لو كان هناك إمكانية لتحضري المحاضرات والدروس المفيدة والذهاب إلى مراكز تحفيظ القرآن، الانخراط في أي أعمال تطوعية، هذا كله يوسع من آفاقك ويعطيك درجة أكبر للتفاعل الاجتماعي الإيجابي الجيد والذي يطور من مهاراتك.

أنصحك أيضًا بأن تطبقي تمارين الاسترخاء، خاصة تمارين قبض العضلات وشدها وإرخائها، وهذه بسيطة جدًّا: اضطجعي على السرير، وبعد ذلك قومي بالقبض على راحة يديك بقوة وشدة حتى تحسين بألم بسيط، بعد ذلك أطلقي اليدين وقولي مع نفسك أنك الحمد لله الآن في استرخاء وتشعرين به. ونفس التمرين هذا يطبق على عضلات البطن، قومي بقبضها وشدها ثم بإطلاقها، وكذلك عضلات الكتفين والرجلين والقدمين وهكذا.

وهنالك أيضًا تمارين التنفس التدريجي: خذي نفسًا عميقًا وبطيئًا عن طريق الأنف، بعد ذلك أمسكي الهواء قليلاً في صدرك، ثم أخرجيه عن طريق الفم.. كرري هذا التمرين أربع إلى خمس مرات بمعدل مرة في الصباح ومرة في المساء لمدة أسبوعين أو ثلاثة، وسوف تجدي إن شاء الله فيه فائدة كبيرة جدًّا.

للتمرن على هذه التمارين يمكن أن تتصفحي أحد المواقع على الإنترنت التي توضح كيفية تطبيق هذه التمارين.

أنصحك مرة أخرى بتجاهل هذه الدوافع القلقية التي جعلتك تركزين كثيرًا على أمور بسيطة مما قلل من درجة الأداء لديك.

القلق أحيانًا يعالج أيضًا عن طريق الأدوية، وفي بلدك توجد أدوية كثيرة جدًّا وفاعلة وبسيطة، منها عقار يعرف تجاريًا باسم (فلوناكسول) ويسمى علميًا باسم (فلوبنتكسول) سيكون من الجميل أن تتناوليه بجرعة حبة واحدة، وقوة الحبة هي نصف مليجرام، تناوليها ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك توقفي عن تناوله.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.