الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أتلعثم إذا تكلمت مع أحد وأخاف من ردات الفعل

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالب في آخر سنة بالجامعة، عمري 23 عاما، أعاني من جبن وخوف وارتباك، وأتلعثم إذا تكلمت مع أحد، وأخاف من ردات الفعل، وليس لي أسلوب بالحديث، وأتلعثم جدا عندما أرى شخصا أعرفه منذ فترة ولم أره، وأشعر بألم في البطن، وانهيار إذا أردت الدخول على أي مسؤول كبير، مثل عميد الكلية، أتردد بالكلام مع أي شخص، وبعض المرات أخرج ولا أكلمه.

أتمنى إيجاد علاج عاجل لأنني مقبل على وظيفة وزواج، وشخصيتي مهزوزة، أتمنى إيجاد علاج حبوب أو أي شيء يغير نفسي، لأن اليأس بدأ يدب في نفسي، أرجوكم ساعدوني، والله تعبت.

علما أني مدخن، وكلما أردت أن أقلع عن التدخين أعود له، وآكل أظافري، وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فلا شك أنك قد تصفحت بعض الاستشارات النفسية التي ترد على إسلام ويب، ومن خلال هذه الاستشارات يمكنك أن تلاحظ أن حالتك هي حالة شائعة جدًّا، وتسمى بالقلق الاجتماعي أو الرهاب الاجتماعي، وتندرج حالتك تحت الحالات البسيطة، حيث إن الرهاب الاجتماعي يمكن أن يكون بسيطًا أو متوسطًا أو شديدًا.

دائمًا الرهاب الاجتماعي يعطي الإنسان مشاعر سلبية حول نفسه، وحول مقدراته، وأنه فاشل اجتماعيًا، وأن أداءه مضمحل أمام الآخرين، وأنه يتلعثم، وربما يصاب بدوخة ويسقط أرضًا، وهكذا.. فهذه المفاهيم كلها مفاهيم خاطئة، وليست صحيحة.

الرهاب الاجتماعي ليس نوعًا من الجبن، أبدًا لا تتهم نفسك بالجبن، هي علة مرضية معروفة، لأن المخاوف في الأصل لها خصوصيتها وهي مكتسبة، والإنسان يمكن أن يكون مروضًا للأسود، لكنه يخاف من القط، هذا شاهدناه، فلا تتهم نفسك بالجبن أبدًا، الأمر ليس هكذا، هو قلق مكتسب، ربما يكون ناتجًا من تجارب وخبرات سابقة، حدثت لك تجربة وقعت فيها في شيء من الخوف والهرع، ومن ثم خزنت هذه التجربة السالبة على مستوى العقل الباطن، وهي الآن تخرج وتؤدي إلى هذا الشيء من الأعراض التي تنتابك.

أرجو أن يكون هذا التفسير واضحًا ومطمئنًا لك، والإنسان حين يفهم طبيعة مشكلته هذا يساعده كثيرًا، وهذا هو الذي نحرص عليه دائمًا في إسلام ويب.

الأمر الآخر: أنا أريدك أن تواجه، والمواجهة هي خير وسيلة، وأفضل أنواع المواجهات هي:

أولاً أن تصلي الصلوات الخمس في المسجد وتكون في الصف الأول، هذه مواجهة عظيمة وذات فائدة كبيرة.

ثانيًا: عليك أن تمارس الرياضة الجماعية مثل كرة القدم مثلاً، هذه أيضًا علاج سلوكي ممتاز.

ثالثًا: عليك دائمًا أن تنظر إلى الناس في وجوههم، وتبدأ أنت بالسلام متى ما كان ذلك واجبًا ومتاحًا، وحين يسلم عليك الآخرون رد عليهم التحية بأفضل وأحسن منها، كما قال الله تعالى في كتابه بقوله: {وإذا حُييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها} ولا ننسى أن ديننا يعلمنا أن تبسمنا في وجه إخواننا صدقة، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وتبسمك في وجه أخيك صدقة) فلا تحرم نفسك من هذا ولك - إن شاء الله - بهذا أجر، وفي نفس الوقت هو علاج اجتماعي وعلاج تواصلي ممتاز جدًّا.

رابعًا: لا بد أن تهتم بتواصلك الاجتماعي وتكثر منه، وبر الوالدين هو تواصل اجتماعي، وزيارة الأرحام والأقرباء والجيران والأصدقاء، والمشاركة في المناسبات الاجتماعية، هذا كله مفيد، فكن حريصًا على ذلك.

خامسًا: هنالك تمارين تسمى بتمارين الاسترخاء، أريدك أيضًا أن تتدرب عليها، ولتتدرب وتعلم هذه التمارين يمكنك أن تتصفح أحد المواقع على الإنترنت التي توضح كيفية إجراء هذه التمارين.

سادسًا: نحن دائمًا نوجه وننصح بإدارة الوقت بصورة جيدة، لأن إدارة الوقت وتقليص أوقات الفراغ يزيل عن الإنسان الخوف والقلق والتوتر والانفعالات السلبية.

الجزء الأخير في هذه الرزمة العلاجية أن تتناول أحد الأدوية السليمة والفاعلة والتي يعرف عنها أنها تزيل الخوف الاجتماعي، والدواء الذي أرشحه يعرف تجاريًا باسم (زيروكسات) ويعرف علميًا باسم (باروكستين) والجرعة المطلوبة في حالتك هي جرعة بسيطة، تناول نصف حبة – أي عشرة مليجرام – تناولها ليلاً بعد الأكل، وبعد عشرة أيام ارفعها إلى حبة كاملة (عشرين مليجرامًا) واستمر عليها لمدة خمسة أشهر، ثم خفضها إلى نصف حبة ليلاً لمدة شهر، ثم اجعلها نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

هذا الدواء -إن شاء الله- يفيد كثيرًا، ولابد أن تطبق التمارين الأخرى، - وإن شاء الله تعالى - سوف تجد أن شخصيتك أصبحت تتمتع بسمات الشجاعة والانفتاح والاستقلالية والإقدام وتكسب مهارات اجتماعية كثيرة، ونصيحتي لك أن تركز على دراستك وأن تطور من مهاراتك الأكاديمية، فهذا أيضًا يفيدك كثيرًا.

ولمزيد من الفائدة يراجع العلاج السلوكي للرهاب: (269653 - 277592 - 259326 - 264538 - 262637).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والتوفيق والسداد، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً