الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبت فجأة بألم وضيق في التنفس وخوف شديد، فما تشخيص ذلك وعلاجه؟

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

منذ أربع سنوات كنت مستلما في إحدى الدوريات في الربع الخالي، وكنت أقوم بتصليح براد شاي على الجمر، وفجأة جاءني ألم وضيق في التنفس، فقمت بالوضوء وأذنت وأقمنا الصلاة، ثم صليت، وفي الركعة الثانية زاد علي الألم، فشعرت بالخوف الشديد، ثم ذهبت إلى إحدى المستشفيات وقاموا بالفحص علي، ولم يكن في شيء من الأمراض فرجعت إلى مقر عملي، وفي اليوم الثاني بنفس الوقت في صلاة المغرب جاءني الألم والضيق والخوف، فجاء في خاطري أنه قد أصابني مس، فذهبت إلى أكثر من شيخ للعلاج، ويقول: لا يوجد فيك شيء أنت سليم.

ومن حينها، وأنا مصاب بالخوف والرعب، أستطيع وصف الحالة التي كانت فيّ في الربع الخالي واستمرت لأيام ولا زالت بالآتي:

تزايد وسرعة شديدة في دقات القلب، وألم في الصدر، ونغزة في القلب، استمرت عدة أيام ثم اختفت.
خوف وهلع شديد، آلام في الظهر، الشعور أحيانا بتنميل في الأطراف اليسرى، شعور بالحزن والاكتئاب، وكره الحياة، وفقد الشهية للطعام، وكلما أتوتر أصاب بالسعال، فآخذ دواء السعال فيهدأ، أحيانا أشعر بالخوف أثناء الصلاة وقراءة القرآن، وأشعر أنني في عالم غريب، أفكاري أصبحت سوداء، أخاف أن أفرح، دائما أتوقع أن يحصل مكروه، وأشعر بالدوار أحيانا لفترة بسيطة، شعرت بالخوف حتى من وقت غروب الشمس لأنه الوقت الذي جاءت لي الحالة فيه، وتجاوزت هذا الشيء، وصرت لا أخاف من هذا الوقت، وأيضا أحيانا أشعر بالخوف حتى من الذهاب للحمام -أعزكم الله-.

كنت طموحا ومرحا محبا للحياة، ولكن الآن صرت أكره كل شيء، ولا أحب التفكير في المستقبل بسبب خوفي، كل هذا حصل لي بسبب ذلك الموقف، ولا أعرف لماذا؟ أريد التخلص من هذه المشاعر المزعجة.

منذ ذلك اليوم وإلى الآن تأتيني هذه الأعراض، وتتضاعف، والقلب تزداد سرعة دقاته، وفي أي مشكله، وأعاني من هبوط في الضغط والسكر، علما بأنني سليم من الضغط والسكر، وأنا أكتب لكم الآن وأشعر بتحسن والحمد لله، ولكن المشكلة أن الأعراض التي ذكرتها في الأعلى تأتي ليومين مثلا ثم تختفي، ثم تعود مرة أخرى، وأنا أخشى أن تعاودني الآن، فماذا أفعل؟

أريد أن أعيش حياتي طبيعية كما في السابق، فكم أشفق على حالي، وأبكي أحيانا، فأنا ما زلت صغيراً، وأحمل هموما كالجبال.

أنا ملتزم بالفرائض والسنن والتلاوة والأذكار، وهذا ما خفف عني كثيرا من حالتي وخوفي، وأنا كثيرا ما أشك أن هذه الحالة التي أصبت بها قد تسبب لي مشاكل في القلب؛ بسبب الألم الذي أشعر به في صدري مصاحبا للسعال والضيقه والغثيان.

ما أريده منكم هو: معرفة ماذا أصابني؟ وكيف يمكن أن أتخلص من هذه الحالة للأبد؟ فأنا أريد أن أعود كما كنت في السابق؛ لأني تعبت كثيرا، ولا أريد لهذه الحالة أن تؤثر على وظيفتي وأسرتي.

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ وديع حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فقد أحسنت وصف حالتك، وهذا لا شك يساعدنا في الوصول إلى التشخيص، وعليه أقول لك: إن الذي حدث لك هو حالة قلقية حادة تسمى بنوبة الهلع أو الهرع، هذه النوبات المزعج فيها أن الإنسان يحس بالخوف وتسارع ضربات القلب، وتعطي الشعور أنه حدثت ذبحة قلبية، كما أن ألم الصدر يعرف أنه مرتبط بأمراض القلب، وهذا يسبب الكثير من الإزعاج للناس.

الحالة ليس لها علاقة أبدًا بمرض القلب، أنا أؤكد لك هذا تمامًا، فكل الذي يحدث هو إفراز لمادة كيميائية في الجسم تسمى بالسيروتونين، وهذا الإفراز يؤدي إلى هذه التغيرات التي حدثت لك، والسبب غير معروف في معظم الحالات، لكن قد تكون هنالك عوامل مثل العوامل الوراثية قد تلعب دورًا، والتعرض للمخاوف في أثناء الطفولة، وبما أنك كنت في الربع الخالي – وهذه منطقة بعيدة من المدينة بعض الشيء – هذا أيضًا قد يكون هيأ لك ظرفاً تحس فيه بعدم الطمأنينة، وهكذا.

الحالة بعد ذلك بدأت تتلاشى لكنها عاودتك مرة أخرى، وهذه هي طبيعة نوبات الهلع، والذي ينتج عنها في نهاية المطاف هو أن يعيش الإنسان في حالة من القلق التوقعي أو المخاوف الوسواسية، فتجده دائمًا يوسوس ويخاف من أشياء ما كان يخاف منها في الماضي ولا يعريها اهتمامًا.

هذا هو الذي أصابك، وأنا أؤكد لك أن الحالة بسيطة، وأنها ليست خطيرة، وأتفق معك تمامًا أنها مزعجة.

أفضل طريقة هي أن تذهب إلى الطبيب النفسي، وسوف يضع لك برنامجاً علاجياً كاملاً، سوف يدربك على تمارين الاسترخاء، وكيفية التحكم في هذه النوبات، وذلك من خلال تحقيرها واستبدالها بأفكار مخالفة، وأن تصرف انتباهك إلى نشاط آخر، وسوف يقوم الطبيب بوصف الدواء اللازم لك، وهنالك عدة أدوية فعالة جدّا وممتازة وسليمة.

إذا لم تستطع الذهاب إلى الطبيب فالدواء الأفضل يعرف تجاريًا باسم (سبرالكس) ويعرف علميًا باسم (إستالوبرام) يمكنك الحصول عليه، وتبدأ في تناوله بجرعة عشرة مليجراما، تناولها يوميًا بعد الأكل لمدة شهر، بعد ذلك ارفعها إلى عشرين مليجرامًا يوميًا لمدة أربعة أشهر، ثم خفضها إلى عشرة مليجراما يوميًا لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها خمسة مليجراما – أي نصف حبة – يوميًا، تناولها لمدة شهر، ثم اجعلها خمسة مليجراما يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

هذا الدواء من الأدوية الفعالة والممتازة، والأدوية السليمة جدًّا، وليس له أي آثار جانبية، بخلاف أنه ربما يؤدي إلى زيادة في الشهية للطعام مما يترتب عنها زيادة في الوزن، وهذا لا يحدث لجميع الناس إنما لحوالي عشرين بالمائة منهم، والأثر الجانبي الثاني هو أنه بالنسبة للمتزوجين عند المعاشرة الزوجية ربما يتأخر القذف المنوي قليلاً، لكنه لا يؤثر على مستوى هرمون الذكورة أو الإنجاب، وحتى هذا الأثر الجانبي – تأخير القذف – هو أثر مؤقت جدًّا.

هذا هو الذي أود أن أنصحك به، وأرجو أن تطمئن، وإن شاء الله تكون في صحة وعافية، والعلة سوف تنتهي ولن تؤثر إن شاء الله لا على وظيفتك ولا على أسرتك أو على حياتك بصفة عامة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكر لك التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية Re.

    السلام عليكم .
    انا اعاني من نفس الذي قاله بالضبط وكانه يحكي عن حالتي .. لدرجة اني انصدمت وانا اقرا كنت اظن لاحد يعاني مثلي ولا حل لمشكلتي , انا الان لي ثلاث سنوات وجربت علاج سبرالكس لكن مع الاسف دون فائده , اريد من هذا الشخص اذا كان يقرا كلامي وقد وجد حلا بان يفيدني , فانا بلغ الياس معي والالم اقصا حدوده .. اريد المساعده جزيتم خيرا .

  • السعودية majed

    أخي العزيز انا اعاني من نفس الحاله وداىم افكر بوسواس الموت والعياذ بالله رحت و سويت تحاليل قالو ان معك جرثومة المعدة او (بكتيريا المعده) وذي اعراضها نفسيه اكثر من انها تكون عضويه سوي التحليل وشوف واسمع للرقيه الشرعيه بعد مريحه

  • ليبيا حمزه

    حدت معي هدا الشئ لاكن الألم متحرك من مكان إلي آخر

  • الجزائر fouad

    انا و الحمد لله لا اعاني من هده الحالة قلق على مستقبلي و لاكن قلق طبيعي و ارجوا من الله عز و جل ان يشفي جميع مرضى المسلمين و اود ان اوجه تحية للاخ صاحب الحالة على وصفه لحالته بطريقة جد دقيقة و اشكر الطبيب على اسلوبه حتى اجابته كانت جزء من الدواء اللهم بارك في اطبائنا و علمائنا

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً