الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من عدم الثقة الشديدة بالنفس، ما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في الحقيقة لا أعرف من أين أبدأ السؤال؟ بسبب كثرة المشاكل النفسية التي أعاني منها، سأحاول تفصيلها راجياً أن يتسع صدركم لمشاكلي.

1- أعاني من عدم الثقة الشديدة بالنفس، لدي اعتقاد راسخ أني أقل شأناً من الآخرين! بالرغم أن مستواي أعلى منهم، ولست محتاجاً إلى شيء، حيث أني حاصل على شهادة الهندسة، ولدي سيارة حديثة، ومستواي المادي جيد، ولكنني طالما أشعر أني أقل من الآخرين.

هذا أثر حتى في مسألة الزواج، حيث أني لا أحاول التقدم لأي فتاة! لأني أعتقد أني لست كفؤاً لها، وأنها سترفضني، مع الملاحظة أني ناجح جداً في عملي كمهندس، والكل يحبني ويحترمني، حتى زميلاتي في العمل، علاقتي بهن جيدة جداً ومرحة.

2- بدأت أعاني من حالة اكتئاب، وأصبحت أهمل في مظهري، ونظافة جسمي وأتجنب الخروج، والذهاب إلى حفلات الأعراس أو المأتم إلا مع أصدقاء، والغريب أني عندما أكون مع أصدقائي أكون أنا متصدراً الجلسة، والمشارك في الحديث، وكأني أستمد شخصيتي من الآخرين، وبوجودي معهم.

3- أعاني من الخوف من الأشياء، والقلق المستمر، حاولت كثيراً وما زلت أعمل الأشياء التي أخاف منها، كنوع من الإصرار، ولكني أواجه بجدار! حيث أني أنجح في هذا الشيء، ولكن الخوف والقلق لا يذهب أبداً .

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

شكرا لك أخي أحمد على السؤال، أو الأسئلة الثلاثة، وهي في واقع الأمر مرتبطة ببعضها.

ليس غريباً أن يكون الإنسان ناجحاً في الكثير من جوانب حياته، والناس ينظرون إليه وإلى نجاحاته في غاية الإعجاب، إلا أنه في الداخل يشعر بشعور مختلف عما يراه الناس، فقد يشعر مثلاً وكما هو الحال معك بضعف الثقة بالنفس، أو ربما ببعض المخاوف والتي لا تنسجم مع ما يرى الناس من أنهم أمام شخص واثق من نفسه، ولا يهاب شيئاً.

لهذا أسباب متعددة، ولاشك أن منها طريقة التربية والتنشئة في الطفولة الأولى، ومن ثم طبيعة المرحلة المدرسية، وطبيعة التعامل في هذه المدارس، ومن بعدها نوعيّة تجارب الحياة التي مرّ بها الإنسان، والتي يمكن أن تؤكد عنده ما تربى عليه في البيت والمدرسة، أو تساعده على الخروج من هذا الشيء أفضل.


دعني أقول إنك وبالرغم من شعورك بضعف الثقة بالنفس، ومع ذلك فقد حققت ما أنت عليه الآن، وبما ورد في سؤال، وأنا أسأل نفسي الآن، كيف استطاع أحمد تجاوز كل هذه الصعوبات، وكيف استطاع أن يحقق ما حققه بالرغم من ضعف الثقة بالنفس؟ ولاشك أن هذا يشير إلى الكثير من الصفات الشخصية والمواصفات النفسية الأخرى التي مكنتك من تجاوز ضعف الثقة بالنفس هذه، وتحقيق ما تريد في الحياة، ولاشك أن هذا يشير إلى رصيد غير قليل من قوة الشخصية والتصميم والإرادة.


الواقع من حولك وما حققته في حياتك يشير لشيء، بينما مشاعرك عن نفسك تجعلك تشعر بغير هذا!
فأيهما نعتمد، وأيهما صح وأيهما غير دقيق؟

هناك قول يقول إن "الفعل أبلغ من القول" فالفعل والواقع والأشياء الواقعية في حياتك تشهد بأنك قادر، وكما ذكرت في بداية سؤالك من أنك في الحقيقة متقدم على أقرانك، وأنك أعلى منهم مقدرة، فكيف ننسى كل هذا ونجعل مجرد فكرة أو "شعور" بضعف الثقة يلغي كل هذا الواقع وكل هذا الإنجاز؟!


الاكتئاب الذي ذكرته في سؤالك الثاني، لا أراه إلا "اكتئاب ثانوي" أي أنه نتيجة للأمر الذي ذكرته في السؤال الأول من موضوع ضعف الثقة بالنفس، وتأثير ذلك على مجريات حياتك، ومنها تأخر الزواج حتى الآن، فأي إنسان آخر في مكانك يمكن أن يصاب بمثل هذا الاكتئاب، بسبب الآثار النفسية والأسرية والاجتماعية لفكرة ضعف الثقة بالنفس.

فما العمل الآن؟
أشجعك على متابعة القيام بما ورد في سؤالك، من أنك تحاول الإقدام على ما تخاف وما تتجنب، فهذا هو الطريق الأمثل لنقض مشاعر ضعف الثقة بالنفس، ولتدع الواقع والإنجاز الذي يمكن أن تحققه، لتدع هذا يُضعف فكرة ضعف الثقة بالنفس.

إن أي طريقة للعلاج النفسي التي يمكن أن أنصحك بها ستقوم في حقيقتها على فعل نفس الشيء، وهو محاولة اتخاذ الخطوات العملية لتحقيق ما تريد تحقيقه في حياتك، كالزواج وغيره من المشاريع، واترك للواقع والتجربة والممارسة تثبت في النهاية فيما إذا كنت تعاني من ضعف الثقة بالنفس أم لا.


إنك عندما تثبت لنفسك، وليس لأحد آخر، أنك مقتدر وقادر على النجاح، فإن هذا سيذهب بضعف الثقة بالنفس، وكذلك يذهب بالمخاوف وحتى الاكتئاب، وستشعر حينها أنك حررت نفسك من السجن الذي كنت فيه، ومفتاح السجن في يديك طوال الوقت، وكثيراً ما يحصل معنا جميعاً مثل هذا، حيث نأسر أنفسنا في قفص من بعض الأفكار والمشاعر، وإذا بمفتاح هذا الأسر بيدنا، ولكننا لم نفكر أو نحاول استعمال هذا المفتاح، وفتح هذا القفص!

وفقك الله، وإن شاء الله نسمع أخبارك الطيبة، وأخبار نجاحاتك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً