الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أصل إلى تحقيق الأهداف ولدي الرهاب الاجتماعي؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في البداية أحب أن أهنئكم بحلول شهر رمضان المبارك أعاده الله عليكم وعلي الأمة الإسلامية بخير، وأحب أن أشكركم على مجهوداتكم الرائعة، جعلها الله في ميزان حسناتكم.

أنا شاب أبلغ من العمر 20 عاماً، أدرس في كلية ذات مكانة جيدة ولله الحمد، ولكن لي مشكلة تؤرقني وتحز في نفسي أوقاتاً، وتشعرني بالإحباط كثيراً من الوقت، حتى صرت أفكر أن اليأس هو أحد الحلول لراحة البال، وأن أتقبل الأمور كما هي، ولكني أرجع وأرفض هذا المنطق، خاصة أن لي أهدافا وأحلاما وطموحات كبيرة، لا أعرف هل قدراتي تؤهلني لمثلها أم لا؟

رغم الأوقات التي أحس فيها بالأمل، وأسعى لتحقيق أهدافي، يقيدني شيء في نفسي، وهو بعضا من الرهاب الاجتماعي، وبعضا من القلق والخجل، أو عدم الثقة في النفس، والانطباع عن السيء عن نفسي! لا أدري ما هو فعلاً؟!

لا أستطيع مواجهة الناس إلا بصعوبة بالغة، وفي المجتمعات أشعر بالخجل الشديد، وأنتقص من نفسي، وإن كلامي القليل لا يعبر عن شخصيتي الحقيقية التي أريد أن أبرزها، وأريد أن أعيش عليها.

تهرب الكلمات مني، أتلعثم من الخجل، لا أستطيع أن أواجه نظرات الناس أبداً، سطحي للغاية، ولا تخرج شخصيتي التي أنا عليها فعلاً إلا في الكتابة عبر المواقع حين أكتب مقالاً أو أدونه أو أي شيء، أو حتى حين أتحدث إلي شخص عبر الدردشة على الإنترنت، لكن فعلا لا أستطيع أن أواجهه في الحقيقة، حتى إن من تخطيطاتي أن آخذ (كورس كذا وكذا) ولا أقدر أن أذهب، أشعر بالقلق والخوف والخجل، أهرع إلى الأصدقاء لأقنع أحدهم أن يأتي معي، وهذا يعتبر قيداً عظيماً في حياتي، يمنعني من أن أفعل أي شيء سوى الجلوس في البيت، والتحسر على حالي.

حين يكون عندي فكرة أو مشروع معين أو أي شيء لا أستطيع أن أطرحه على الناس، أخشى كل شيء، حاولت كثيراً أن أكسر هذا الحاجز، لكنني فشلت فشلاً كبيراً حتى أصبت بالإحباط، وجاءتني أفكار في نفسي تقول لي إن مثلي شخص معاق، لا يقدر إلا أن يحدث نفسه، ودائرة المعيشة ضئيلة جداً، وإنني لا أصلح أن أعيش تلك الحياة أو أن أحقق هدفاً من أحلامي.

أرجو أن تدلوني، ماذا أفعل؟ أنا حقا سئمت نفسي هكذا، أنا لست كذلك، ولكنني حاولت ولم أنجح، أريد أن أتغير فعلاً، أريد أن أحقق حتى ولو شيئا يسيراً من أحلامي.

شكراً جزيلاً لكم على الاستماع.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يتقبل طاعاتكم .

أنت تعاني من قلق الرهاب الاجتماعي من درجة بسيطة إلى متوسطة، وكل الأعراض التي تعاني من شعور بالإحباط وتجنب كامل للمواجهات، العزلة، هذه كلها إفرازات طبيعية لحالة الرهاب التي تعيشها.

أيها الفاضل الكريم، الرهاب الاجتماعي يمكن أن يعالج ويعالج بصورة فعالة جداً، هنالك علاجات دوائية، وكذلك علاجات سلوكية، إن استطعت أن تذهب وتقابل طبيباً نفسياً هذا جيد، وجيد جداً، لأن المتابعة في مثل هذه الحالات تدعم العمليات العلاجية وعمليات التعافي، وأما إن كان هذا بالنسبة لك صعب، أي الذهاب إلى الطبيب فأنا أقول لك أعتمد على مبدأ التجاهل وتحقير فكرة الخوف، وصحح مفاهيمك.

أنا أثق تماماً أنه لديك مقدرات، وهي واضحة جداً، لكن هذه المقدرات انطفأت من خلال سيطرت المخاوف عليك، والمخاوف تعطيك الشعور بالهزيمة أمام الآخرين، وأنك يمكن أن تكون مصدراً للاستخفاف والسخرية منهم، وهذا ليس بصحيح.

الخوف والرهاب الاجتماعي هو تجربة داخلية ذاتية لا يشعر بها إلا صاحبها، والتغيرات الفسيولوجية من تسارع في ضربات القلب ورجفة وتلعثم وخلافه هي مشاعر مبالغ فيها، وهي خاصة بالشخص وليس مكشوفاً للآخرين، فأرجو أن تصحح مفاهيمك على ضوء ما ذكرته لك، وهذا سوف يساعدك كثيراً.

الأمر الآخر والمهم جداً أنت تلجأ للبدائل، مثلاً الميل الكثير للكتابة والدردشة عبر الإنترنت، هذه بدائل وأنا حقيقة لا أشجعك عليها، يجب أن تقلل منها تماماً، وذلك بهدف العلاج، هذه السبل والوسائل البديلة للتواصل الاجتماعي سوف تحرمك كثيراً من تطوير مهاراتك من خلال التواصل الاجتماعي المباشر، فيجب أن تقلل منها وتوقفها حقيقة، وذلك بهدف العلاج.

ثالثاً: هنالك نوع التواصل الاجتماعي ذا الطابع الجماعي والجيد، والذي فوائده كثيرة جداً، مثلاً الحرص على الصلاة في الصف الأول مع الجماعة، هذا تواصل اجتماعي عظيم، حضور حلقات التلاوة، ممارسة الرياضة الجماعية، الانخراط في الأعمال التطوعية، والأعمال الكشفية والأنشطة الثقافية، هذه كلها طرق ووسائل ممتازة جداً للانصهار الاجتماعي، والاستفادة من الطاقات الداخلية، وفي نفس الوقت تكون قد اكتسبت مهارات حياتية، وقضيت على خوفك ورهابك الاجتماعي، إذن العلاج ينحصر في هذه الأسس التي ذكرتها لك، لابد أن تكون لك صحبة، الصحبة الطيبة دائماً يطمئن الإنسان في وجودها، وهذا يساعدك بالطبع على بناء وتوسعة شبكتك الاجتماعية، ومن ثم تغير الحياة، بر الوالدين له مردود إيجابي جداً على النفس وعلى التطوير الاجتماعي، كن حريصاً على ذلك .

أما بالنسبة للعلاج الدوائي فهو مهم وضروري ومفيد، وتوجد بفضل الله تعالى أدوية غير إدمانية، فمن الأدوية التي سوف تناسبك جدًا عقار متوفر في مصر يعرف باسم مودبكس، وله مسميات تجارية أخرى، منها لسترال وزولفت، ويسمى علمياً باسم سيرتللين، الدواء مطلوب في حالتك بجرعة صغيرة، وهي أن تبدأ بنصف حبة أي (25) مليجرام يتم تناولها ليلاً بعد الأكل، استمر عليها لمدة أسبوعين، وبعد ذلك اجعلها حبة كاملة استمر عليها لمدة ستة أشهر بمعدل حبة يومياً، وبالتزام صارم بعد انقضاء الستة أشهر تناول نصف حبة يومياً لمدة شهر ثم نصف حبة يوماً بعد يوم لمدة شهر آخر ثم توقف عن تناول الدواء.

إذن هنالك إرشادات سلوكية، وهنالك إرشاد دوائي والإرشاد الثالث هو أن تدير وقتك بصورة جيدة وممتازة، وأن لا تدع مجالاً للفراغ ليقوقعك في شراك الخوف والرهبة الاجتماعية، عليك أيضا تطبيق تمارين الاسترخاء، إسلام ويب لديها استشارة تحت الرقم (2136015) توضح المعامل والخطوط الرئيسية لكيفية تطبيق تمارين الاسترخاء من يسترشد بها ويطبقها بصورة فاعلة، وأتمنى أن تكون منهم سوف تكون الفائدة كبيرة جداً إن شاء الله تعالى.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً