الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كرهت المناسبات واللقاءات بسبب الخوف الاجتماعي.. فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب عمري 17 سنة، أعاني من مشكلة وهي أني لا أستطيع الكلام ولا التحاور مع الناس عند حضور الأقارب والأصدقاء حتى مع إخواني، ولكنها أقلبدأت هذه المشكلة أو تعرفت عليها قبل 6-7 سنوات.

لدي أصدقاء في المدرسة ولكنهم قليلون، وعلاقة مع زملائي في الصف جيدة "حالياً" وأيضا مع المعلمين علاقتي رائعة بهم يحبوني ويقدروني، (لدي أصدقاء بالاسم فقط) لأني أنا المستمع، وهم المتحدثون وكذلك مع أقربائي.

عندما يتحدث أصدقائي لا أقول إلا (نعم 'لا 'لماذا) فقط، وقليل جداً ما أتحدث إليهم بموضوع وأجد صعوبة في طرحه، وأيضا مع أقربائي سواء، كأنه ليس لي لسان أتكلم به والشيء الذي يحزنني أني أرى كل أقاربي يتحدثون إلا أنا أبقى متوتراً أريد التحدث إلى من هو في عمري كي لا أحد يراني على هذه الحال أو لا يكتشفون بأني مريض، ولكن بدون جدوى.

وهذا يجعلني أكره المناسبات والاجتماعات والمدرسة أيضا بسبب هذا المرض، ولكن في الحقيقة أحب المناسبات والاجتماعات مع الأقارب والمدرسة، مع محاولتي بنفسي التخلص من هذا المرض لكن من دون جدوى (في الحقيقة أني أتعب كثيراً أمام زملائي أو أقربائي... عندما أجلس معهم فأحاول أن أشاركهم في الحوار، ولا أستطيع حتى ولو بوقت قليل).

(وأيضا ليس لدي حسن تصرف وأحس أني غبي. مثلاً: أحد إخواني أمرني أن أجلب ورقة من المدرسة مكتوب عليها (...) فأصبحت أفكر إلى من أذهب؟ المدير أم الوكيل أم المرشد الطلابي فأقع في حيرة وورطة، هذا أبسط مثال، هذا مثال فقط، ولكن يحدث مشابه لهذا كثيرا.

أتمنى أن تجدوا حلا لهذه المشكلة التي لا يمر يوم إلا وأنا أفكر فيها وفي حلها التي عقدتني كثيراً، وجعلتني لا أستمتع بحياتي اليومية، (أتمنى أن لا أحتاج إلى طبيب خاص؛ لأني ليس عندي القدرة للذهاب إليه).

علماًً بأني قرأت استشارت لأحدهم في هذا الموقع، وهي مقاربة لحالي ولكن لم أستفد من الجواب كل ما قاله "باختصار" (أن مفتاح التغيير في يدك) أتمنى أن لا يكون هذا ردكم لأن الأمر ليس في يدي وحدي، بل لابد من حلول وطرق وأن يكون هناك من يرشد.

وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ وليد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فقد تفهمتُ رسالتك بصورة جيدة، ولفتَ نظري الجزء الأخير في رسالتك، وهي أنك انزعجت بعض الشيء حين ذكر أحد الأخوة أن مفتاح التغيير بيدك.

الذي قُصد من هذا هو أن الإنسان وهبه الله تعالى طاقات كثيرة، كثيرًا ما تكون هذه الطاقات مختبئة، ومتى ما استدرك الإنسان ذلك يستطيع أن يغير نفسه، وهذا بالطبع أساسه السياق القرآني: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} فالحق عز وجل أعطانا هذه الحرية المطلقة في أن نغير أنفسنا، وهذا هو الذي يميز الإنسان حقيقة، لأن الإنسان إدراك وعقل وأحاسيس ومعرفة، وهذه هي التي تقوده إلى هذا التغير، أي أن التغيير ما دام مسؤوليته على الإنسان فقد أُعطي الإنسان الآليات التي تجعله يتغير، هذا هو الذي قُصد، وهذا حقيقة أمر منطقي جدًّا، وهو من صميم المعرفة السلوكية.

حالتك حقيقة ليست صعبة، أنا أعتقد أنه لديك مشكلة في تقدير الذات، ربما تكون لديك مقدرات أفضل كثيرًا مما تتصور، وهذه الرهبة الاجتماعية البسيطة التي تعاني منها تأتت من عدم تقديرك لذاتك بصورة صحيحة. ولديك أيضًا طابع وسواسي يؤدي إلى التردد – كما ذكرت – في أنك لا تحسن التصرف في بعض المواقف.

هذه كلها مشاعر سلبية انهزامية ناتجة من عدم تقدير الذات بصورة صحيحة، فأنا مهمتي أن أذكرك أن تبحث عن الأمور الإيجابية التي لديك، ولا شك أنها كثيرة وكثيرة جدًّا، أنت مدرك لها وتدري بها أفضل مني، فعليك أن تبني على هذه الإيجابيات، وقلل من السلبيات، هذا مهم جدًّا.

الأمر الثاني وهو: أن تزود نفسك بالمعارف، أن تُكثر من الاطلاعات، هذا يعطيك المجال لأن تكون محاورًا جيدًا، وأن تأخذ مبادرات إيجابية.

ثالثا: كون لك أنشطة زائدة داخل المنزل، وهذا بقصد أن تؤهل نفسك نفسيًا واجتماعيًا، خذ المبادرات الإيجابية، اطرح بعض الأفكار، ساعد في كل ما يخص الأسرة، يمكن من خلال هذا أن تُبرز نفسك بصورة إيجابية جدًّا، وهذا يعطيك الثقة في نفسك، مما يجعلك أيضًا تكون منفتحًا على المجتمع بصورة أفضل.

رابعًا: الأنشطة الجماعية مهمة جدًّا لعلاج مثل حالتك، ومن أهمها ممارسة الرياضة الجماعية، وحضور حلقات التلاوة، هذا نؤكد عليه كعلاج سلوكي، ومن هنا يأتي التغيير أيضًا.

فإن شاء الله تعالى أخذك لهذه الإرشادات سوف تفيدك، وتحس في خلاصة الأمر أن الأمر كله أصبح بيدك، فعليك التطبيق والتنفيذ.

خامسًا: ضرورة أن تكون لك قدوة طيبة وزمالة حسنة ورائعة في الحياة، هذه مهمة جدًّا لأنها تدفعك كشاب نحو التفكير الطيب والجيد وأن ترفع من همتك.

سادسًا: أريدك أن تتصور ما يحدث للشباب الآن، الشباب الآن الحمد لله تعالى أصبح مدركًا لأمور كثيرة، الشباب الآن أصبح على قناعة أن المعرفة هي سبيل كل شيء، والناس الآن تتسابق وتنهم نهمًا للحصول على المعرفة، وأنت - إن شاء الله تعالى – من هؤلاء، وهذا سوف يساعد كثيرًا على تنمية شخصيتك.

سابعًا: يوجد كتاب جيد جدًّا اسمه (التعامل مع الذات) أرجو أن تتحصل عليه، مؤلفه الدكتور صالح بشير الرشيدي، من الكويت، أعتقد أنه كتاب بسيط وجميل وسهل القراءة، أسأل الله تعالى أن ينفعك به.

ثامنًا: نصيحة أخيرة أرجو أن تطبقها: أريدك أن تقوم بنوع من التدريب العملي بقصد العلاج، هذا التدريب والتمرين بسيط جدًّا، وهو أن تتصور نفسك أن تقدم محاضرة أو عرض لمجموعة من الناس، وأغلق عليك الغرفة واجلس وتصور أنك أمام جمع هائل جدًّا من الناس، وبالفعل قم بعرض موضوع معين، بعد أن تكون قد أعددته، وأنا أنصح في بعض الأحيان أن يقوم الإنسان بتصوير هذه الأنشطة، ثم يعيد الاطلاع عليها، وهذا فيه دفع نفسي إيجابي جدًّا، هذا نسميه بـ (السيكو دراما) وهو أن يلعب الإنسان دورا خياليا لكنه يمكن أن ينزل إلى الواقع، وهذا أيضًا فيه نوع من التدريب النفسي الجيد إذا داوم الإنسان عليه، ويمكن أن يكون بصور مختلفة.

وللمزيد من الفائدة يمكنك مطالعة الاستشارات التالية حول علاج عدم القدرة على الحديث والتعبير سلوكيا 267560 - 267075 - 257722

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، ونشكرك كثيرًا على ثقتك في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً