الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبحت منعزلا، وأنا بحاجة لمن حولي.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أود أن أتقدم بالشكر لمنتداكم الراقي، جزاكم الله ألف ألف خير.

لدي مشكلة كبيرة في تفكيري، ولربما تكون تافهة عند غيري، أنا عبد الله محمد، شاب عمري 26 سنة، مقيم في المملكة العربية السعودية، لن أطيل عليكم حرصا على وقتكم الثمين، مشكلتي هي الدوخة النفسية، نعم (نفسية) لأنني أعييت أطباء كثر بمختلف التخصصات، ولم يعثر على سبب، هذه الدوخة بدأت منذ سن 14، واستمرت قرابة الشهر، وقتها صرت أخاف من الخروج من المنزل والابتعاد عنه، ذهبت هذه الدوخة من غير رجعة، وعشت حياة جميلة، ولكن ها هي تطرق بابي مرة أخرى في سن الـ 18، أي بعد 4 سنين، نفس الإحساس، وأيضا صرت أتخوف من الابتعاد عن المنزل، وبنفس الطريقة، بعد فترة لا تتعدى الـ 40 يوما اختفت.

منذ سنتين من الآن أصبح لدي الكثير من الخلافات مع الأهل، كأي شاب في هذه الفترة، وكنت أسافر مع أصدقائي لعدة أيام دون إعلام الأهل، عندما تكون بيننا مشاكل، إلى يوم أحسست بحزن شديد، وعدت إلى منزلي وعانقت الأهل، ومضت علي أيام عصيبة جدا، أبكي من دون توقف، لا أدري ما السبب، فقط الرغبة في البكاء، وحزن شديد، ظللت على هذه الحال فترة من الزمن، إلى أن خرجت من هذه الحالة، ولكن ليس كما كنت، أصبحت حزينا، لكن بدون بكاء، ولكن في هذا الوقت عادت الدوخة، ولكن بصورة أخف، فقط عندما أمشي في الشارع، أشعر بالدوخة، أما عند ركوب السيارة أشعر بارتياح، عند الدخول لأحد المحلات التجارية أو بيت أصدقائي أو بيتي أشعر براحة، وهكذا أمضيت حياتي في هذه السنتين فقط، لا أريد أن أمشي في الشارع على الأقدام، ولكن الآن أصبحت الدوخة أقوى، وأيضا أصبحت قلقا، وأشعر بالخوف، يدق قلبي كأني أحتضر، فلم مرعب من دون أي سبب، أنا مرتعب لعدة دقائق يدوم هذا الإحساس.

كان مجال عملي يملي علي قيادة السيارة لساعات طويلة، ولكن فجأة أصبحت أخاف من قيادة السيارة، وخصوصا في الزحام، والمصيبة الكبرى هي عندما أقف عند إشارة مرور، تنتابني حالة هلع مخيفة، وشعور بدوخة قوية، وشعور بتململ قاتل، أكره الانتظار، أضيق ذرعا لأتفه الأسباب، عصبي جدا، أخاف من الصلاة جماعة بالمسجد، خصوصا صلاة الجمعة، أخاف من الاستحمام، لا لشيء، بل لأنني أفكر كثيرا، سوف أضع شامبو، ثم وثم وثم، فأضيق ذرعا، أشعر أنني بمنام حياة، ليست واقعية، أصبحت الآن حبيس المنزل، اعتزلت العمل، ولكن المصيبة أنه أصبح لدي خوف جديد، نعم.. أخاف من الوحدة، لا أستطيع البقاء وحيدا، أريد أي أحد من أقاربي أو أصدقائي أن يبقى معي في المنزل، أصبحت حياتي جحيما، حتى الدوخة أصبحت وأنا في المنزل، لم تعد تقتصر على الابتعاد عن المنزل.

أنا مقصر من الناحية الدينية، أصلي يوما وأقطع الصلاة لأيام، قرأت الكثير عن مثل هذه الحالات، وأنهم يريدون الانتحار، أما أنا -والحمد لله- لم ولن أفكر بهذا الشيء، مع العلم أني صرت أستخدم دواء اسمه العلمي البرازولام، ولم أتقيد بموعد لأخذ الدواء، أصبحت آخذ حبة عندما أشعر بحالات دوخة وخوف كبير، مع العلم أيضا أني لا أحبذ تناول الأدوية النفسية، خوفا من الآثار الجانبية، والدخول في دوامة هذه الأدوية، أو الذهاب إلى طبيب نفسي، للأسباب الاجتماعية، فما الحل؟ أرجو منكم إرشادي، جزاكم الله كل خير، وشكرا لصبركم على إطالتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.

لقد سردت حالتك بتفصيل جيد جداً، والذي استنتجته من خلال هذا السرد وكل الأعراض التي ذكرتها، أعتقد أنها تتمركز فيما نسيمه بقلق المخاوف الوسواسي، كل الأعراض التي تنتابك -وحتى الدوخة كما ذكرت وتفضلت- هي ذات منشأ نفسي، ونشاهد هذا النوع من الأعراض مع حالات القلق، ولديك مخاوف واضحة جداً، ولديك توجهات وسواسية واضحة جدا، ولا أريدك أن تنزعج لهذه المسميات، فهي كلها في بوتقة واحدة، بمعنى أن القلق هو الأساس، ثم بعد ذلك أتت الجزئيات والأفرع الأخرى المكونة للحالة.

أخي الكريم: أنصحك بمقابلة الطبيب النفسي، ولا أريدك أن تبني انطباعات سلبية عن الطب النفسي، على العكس تماماً، الطب النفسي الآن يقدم الكثير والكثير مما هو مفيد للناس، هنالك أدوية ممتازة وفعالة غير إدمانية، وهنالك إرشادات وتوجيهات وسلوكيات، وهنالك طرق لتأكيد الذات وبنائها وتنميتها، فيا أخي اطرق هذا الباب، أي بوابة العلاج المهني المحترف والصحيح، هذا يفيدك كثيراً.

عقار البروزلام الذي تتناوله هو دواء جيد، ويؤدي إلى الراحة والتهدئة الآنية، لكن مشاكله المستقبلية كثيرة، حيث أن التعود والإدمان يسهل على هذا الدواء، كما أنه يعالج العرض، ولكنه لا يقتلع المرض، فإذن أخي أنت محتاج أن تقابل الطبيب، وأنا أقدر رأيك تماماً حول الأدوية، لكن أؤكد لك أن الأدوية سليمة، الآن توصف الأدوية حسب الدلائل العلمية الصحيحة والدقيقة، والتي يعتمد عليها، والمعايير التشخيصية أصبحت واضحة، فأنا أقول لك أن العلاج لن ينقصك أبداً في شيء، لكن الحالة النفسية تنقص الإنسان؛ لأنها تعيق الإنسان وجدانيا، وتجعله في حالة عدم الطمأنينة.

هنالك أدوية ممتازة جداً، عقار سبرالكس دواء غير إدماني وغير تعودي، وهو فاعل جداً، لكن أريد حقيقة علاجك أن يكون تحت الإشراف الطبي المباشر، الدوخة أيضا سوف تعالج من خلال السبرالكس، ويضاف إليه دواء آخر يعرف باسم سلبرايد.

أيضا أنت محتاج إلى تمارين استرخاء، وأن تمارس الرياضة، هذا كله أيها الفاضل الكريم يتيح لك -إن شاء الله تعالى- فرصة علاجية ممتاز جداً، اذهب إلى الطبيب، والأسباب الاجتماعية والوصمة الاجتماعية أسقطها من حسبانك تماماً؛ لأنها ليست صحيحة، والطب النفسي طب راق جداً وجميل، وفيه الكثير من الإبداعات وكثير مما هو مفيد وجيد للناس.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك على رسالتك وثقتك في استشارات إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية أ

    فيك نفس رح مطؤع يقرا عليك
    ؤالتزم بالصلاه ترا المساله جديه صلي ؤاقرا سؤره البقره ؤانت ترجع تعيش من جديد

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً