الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا زلت أعاني من الوسواس القهري، فهل أستطيع أن أرجع لدواء البروزاك؟

السؤال

السلام عليكم..

في البداية أنا قدمت استشارة للموقع (2130050)، قلت فيها بأنني مريضة بالوسواس القهري الفكري، وذكرت لكم أعراضا كثيرة أعاني منها:

• كاجترار الكلام.
• والخوف بصورة مفاجئة من لا شيء.
• والإحساس بأشياء تكاد تقودني للجنون، مثل: كيف أنني إنسانة، ولي رب، وأن هذه الحياة الدنيا؟ وكيف أستطيع أن أتحدث الآن؟ وكيف أستطيع أن أقرأ؟ وكيف أنني أنا أنا؟ وكيف أنني أفكر؟
• وأوسوس كثيرا فيما يتعلق بالأمراض، وبأنني مصابة بسرطان الدماغ.
• كما أنني أحيانا أظل أردد أغنية في نفسي لساعات، ولا أستطيع أن أتوقف عن ترديدها، وأحيانا عندما أندمج مع محيطي دون أن أركز فيها تتوقف، ولكن بمجرد تذكري لها ترجع ثانية... إلخ.

نصحتموني في استشارتي السابقة بأخذ علاج البروزاك، حبتين في اليوم لمدة أربعة أشهر، ثم حبة في اليوم لمدة عام، ولكنني لم أكمل علاجي، وحين عادت الوساوس إلي، كتبت استشارة أخرى للموقع، فنصحتموني بتناول الدواء مجددا حبتين في اليوم لمدة شهرين، ثم حبة لمدة 6 أشهر، وأنا الآن أكتب لكم بأنني لم ألتزم بالمدة العلاجية، أخذت الدواء فقط لمدة شهرين، وحين تحسنت حالتي تركته آملة في أن أستطيع أن أقاوم مرضي عبر قوة الإرادة والعزيمة، ولكنني الآن قد انتكست حالتي وبشدة، ورجعت إلي الأفكار والوساوس كما في السابق تماما.

أحس بأنني سأجن، وصرت أعاني من جميع الأعراض التي ذكرتها سابقا.

أرجوكم ساعدوني، ماذا أفعل؟ فلو بقيت أعاني من الوسواس القهري لن أستطيع أن أكمل تعليمي، وأنا الآن في آخر سنة في الثانوية، أي على مشارف الجامعة، وأصبحت أفكر كثيرا ما إذا كنت سأفشل في الجامعة بسبب مرضي؟ فأنا كثيرا ما يتملكني خوف مفاجئ بدون سابق إنذار، وتزداد نبضات قلبي، ويشل تفكيري.

رجاء ساعدوني، أريد أن أرجع لدواء البروزاك إذا أمكن، ولكن لدي عدة أسئلة:

أولا: هل سيفيدني الدواء حقا ويخلصني من مرضي إن أنا داومت عليه هذه المرة؟ لأنني لاحظت أنه في المرتين السابقتين اللتين أخذت فيهما الدواء، وحين تركته انتكست حالتي بعد أقل من 4 أشهر في المرتين كليهما، لذا هل الدواء يفيدني فقط في وقته وحال قطعه تنتكس حالتي؟ أم لأنني تركته ولم أكمل مدة علاجي؟

ثانيا: كيف أبدأ علاج البروزاك مجددا إن أمكن؟ وما هي الجرعات التي ينبغي علي أخذها وفقا لحالتي؟

وأخيرا: إن أنا التزمت هذه المرة بالمدة العلاجية، وانتكست حالتي، ماذا أفعل؟ لأنني لا أريد أن أعيش بقية عمري أتناول الأدوية للشفاء من مرضي.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نوال حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

أرجو ألا تنزعجي، فهذا الذي حدث لك يحدث للكثير من الذين يعانون من الوساوس القهرية.

لا أريد أن أقول لك كلامًا مُحبطًا، لكن الحقيقة التي لا يمكننا أن نتجنبها هي: أن الوسواس القهري كثيرًا ما يكون مرضًا انتكاسيًا، يعني أنه يأتي لصاحبه مرارًا وتكرارًا، خاصة في سِني العمر الأولى، بعد ذلك - إن شاء الله تعالى – يقل هذا المرض تلقائيًا وتدريجيا حتى يختفي تمامًا.

قبل ظهور العلاجات الدوائية، والاعتماد فقط على العلاجات التحليلية والسلوكية، كانت نسبة نجاح العلاج عشرين بالمائة فقط، أما بعد ظهور هذه الأدوية الممتازة والفعالة؛ أصبحت نسبة نجاح العلاج ثمانين بالمائة، وهذه نسبة عالية جدًّا في المفاهيم الطبية.

الذي أقوله لك دون أي تردد: ارجعي إلى تناول البروزاك، فهو علاج سليم، وعلاج فاعل، والذي يظهر لي أنك في حاجة لجرعة وقائية لفترة طويلة.

ابدئي بجرعة كبسولة واحدة في اليوم، استمري عليها لمدة شهر، ثم اجعليها كبسولتين في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعليها كبسولة واحدة في اليوم لمدة عام، ثم كبسولة يومًا بعد يوم لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك يمكن أن تتوقفي عن الدواء، بشرط أن تكون هنالك تدعيمات سلوكية قوية وثابتة وحقيقية، يعني أن يكون تفكيرك إيجابيًا، أن ترفضي الوساوس، أن تشغلي نفسك بما هو مفيد، وأن تكوني متفائلة، ويا حبذا أيضًا لو تابعت طبيبًا نفسيًا من وقت لآخر، فهذا سوف يعطيك دفعات علاجية نفسية مفيدة جدًّا لك.

لا تنزعجي، - وإن شاء الله تعالى - سوف تكملين دراستك، وتعيشين حياة طبيعية جدًّا.

بالنسبة لأسئلتك: لا شك أن الالتزام بالعلاج دائمًا أمر جيد، والآن الحكمة الطبية تحتم - وحسب الأبحاث الجديدة – على شيئين:

الشيء الأول: هو التدخل الطبي المبكر، يعني أن الذين يقدمون أنفسهم لمرافق العلاج، ويتم تشخيصهم مبكرًا، هؤلاء فرصهم في الشفاء أكبر وأوسع.

والشيءالثاني: الالتزام بالعلاج، أو ما يسمى: (الالتصاق بالجرعة)، كأنك ملتصقة بها لا تفارقينها أبدًا، وهذا أيضًا من العوامل المهمة جدًّا لنجاح عملية العلاج.

وإذا استعملت الدواء بصورة جيدة ومنتظمة، لا أعتقد أنه سوف تكون هنالك انتكاسات، حتى ولو كانت هناك انتكاسات فسوف تكون بسيطة وعابرة، ومن خلال ما تعلمته سابقًا في كيفية التعامل مع الوسواس القهري، هذا في حد ذاته سيكون علاجًا كافيًا بالنسبة لك، فأنت لست في حاجة لتناول الدواء طول عمرك - إن شاء الله تعالى -.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً