الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عندي هواجس أثناء أداء العبادات تشككني في أمور الدين.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عندما أصلي يأتيني وسواس يقول: أنت تكرهين الصلاة، كيف تصلين وهي غير مقبولة؟ أنا خائفة.

والرياء أيضا عندما أصلي الوتر وأستغفر يقول لي: أنت تريدين أن يمدحك الناس، وأنا على العكس أهم شيء عندي هو الله، وعندما أقرأ القرآن يأتيني ويقول لي: أأنت مؤمنة بأن الله خلقك، وأنه يوجد رسول، وأن هناك نارا وجنة؟

ساعدوني، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ خفوق حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، كما نسأله تبارك وتعالى أن يصرف عنك كيد شياطين الإنس والجن، وأن يرزقك القدرة على التخلص من هذه الوساوس الهدامة التي يقذف بها الشيطان في قلبك حتى يُفسد علاقتك بربك وسيّدك ومولاك.

وبخصوص ما ورد في رسالتك -ابنتي الكريمة الفاضلة-: فإن ما تشعرين به وما تحدثت عنه في رسالتك أمر مزعج للغاية فعلاً؛ لأن المسلم بطبيعته يُحب الله ورسوله، يحب دينه، ويقبل كلام الله تبارك وتعالى وكلام النبي -صلى الله عليه وسلم- على أنها من القضايا المسلمة التي لا تقبل الطعن بحال من الأحوال، والشيطان -لعنه الله- يعرف ذلك؛ ولذلك يحاول قدر الاستطاعة أن يُفسد هذه النظرة لهذا الدين، فيقوم بهذه الشبه التي وردت في رسالتك، فهذه كلها عبارة عن شبه يقذف بها الشيطان في طريقك إلى الله تبارك وتعالى، حتى يحول بينك وبين الاستقامة على شرع الله تبارك وتعالى، وأنت لست وحدك -ابنتي الكريمة- التي تعاني من مثل هذه الوساوس، وإنما هناك أيضًا أعداد من المسلمين والمسلمات يتعرضون لمثل هذه الوساوس، ولكن مع العزيمة والإرادة القوية، ومع صدق النية والتوجه إلى الله تبارك وتعالى بالدعاء، وبعض العلاجات يتم علاج هذه الحالة والشفاء منها تمامًا.

لذلك أنصحك أولاً -بارك الله فيك-: أن تطردي هذه الفكرة ولا تستسلمي لها، بمعني: أول ما تشعرين أن هذه الفكرة ستبدأ بالدخول في ذاكرتك، وأنك ستفكرين بها حاولي أن تطرديها، بمعني: أن تغيري واقعك الذي أنت عليه، فإذا كنت نائمة -على سبيل المثال- فقومي، وإذا كنت جالسة وحدك فاخرجي من الغرفة وتكلمي مع الوالدة أو مع الوالد أو مع إخوانك، أو مع أي أحد، حتى ولو تفتحي مثلاً: جهاز التلفاز، وانظري إلى فيلم وثائقي، أو أشياء مفيدة، وغير ذلك، المهم لا تستسلمي للفكرة يا بُنيتي.

أخطر شيء هو الاستسلام للفكرة، ومعنى الاستسلام: أن الإنسان يسكت ويظل يفكر في هذا الكلام وهو يصلي أو خارج الصلاة، وإنما أول ما تشعرين بأن عقلك بدأ يفكر في هذه الوساوس حاولي قدر الاستطاعة تغيير واقع جسدك، ثم بعد ذلك تستعيذين بالله من الشيطان الرجيم، وتتفلي عن يسارك ثلاث مرات، كأنك توجهين رسالة للشيطان بأنك لم ولن تستسلمي لهذه الشبهات التي يُثيرها في قلبك، ثم بعد ذلك أكثري من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم.

أنصحك بأن تحافظي على الصلوات في أوقاتها، حتى وإن كان الشيطان يقول لك: بأنك تكرهين الصلاة فكيف تحافظين عليها؟ لأن العلاج لا يكون في الترك، وإنما يكون العلاج في الفعل، فالصلاة نحن أُمرنا بإقامتها، فإذا ما تركناها أصبحت هذه معصية؛ ولذلك علينا أن نحافظ عليها في أوقاتها على ترتيب النبي الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم- والذي قال: (صلوا كما رأيتموني أصلي).

فإذًا -بارك الله فيك- لا تتوقفي عن الصلاة، بل حاولي أن تغيظي الشيطان، وأن تكيدي له بأن تحافظي على الصلاة، وأن تقرئي قرآنا أكثر، وأن تزيدي في عدد التسبيحات، وأن تُكثري من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، فهذا كله من باب {ليغيظ بهم الكفار} وبإذن الله تعالى سوف يَمُنُّ الله -تبارك وتعالى- عليك بالشفاء التام -إن شاء الله تعالى-.

إذًا عليك بالمحافظة على الصلاة في أوقاتها، وعليك بالمحافظة على أذكار ما بعد الصلاة خاصة قراءة آية الكرسي، ثم عليك بأذكار الصباح والمساء؛ لأن الإنسان إذا قال هذا الكلام فقد حماه الله تبارك وتعالى وكفاه ووقاه من كيد شياطين الإنس والجن، فعليك بالمحافظة على أذكار الصباح والمساء بانتظام، خاصة: (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) ثلاث مرات صباحًا ومثلها مساء، كذلك: (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) مثل سابقتها، كذلك التهليلات المائة: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) مائة مرة صباحًا ومثلها مساء، كذلك المحافظة على الآيتين الأخيرتين من سورة البقرة؛ لأن من قرأها في ليلة كفتاه.

بذلك تحصنين نفسك من الشيطان؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أخبرنا أن الذكر حصن حصين، وأن من آوى إليه كفاه، فعليك بالمحافظة على هذه الأشياء؛ لأنها ستنفعك نفعًا عظيمًا.

عليك بالدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن الله يعافيك من هذه الأشياء؛ لأن النبي أخبرنا بقوله –عليه الصلاة والسلام-: (لا يرد القضاء إلا الدعاء) وقال: (ليس شيء أكرم على الله من الدعاء) وقال: (إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل)، فعليك بالاجتهاد في الدعاء حتى يرد الله -تبارك وتعالى- عنك هذا البلاء.

كلما جاءك الشيطان بهذه الشبه استعيذي بالله عز وجل، واتفلي عن يسارك ثلاث مرات، سواء كنت في الصلاة أو في خارج الصلاة، لا تحاولي أن تستسلمي لهذه الأفكار، ولا أن تقاوميها مقاومة عنيفة، وإنما فقط الأمر يحتاج لنوع من التهدئة، فعليك بالمحافظة على الأذكار التي أشرت إليك بها، المحافظة على الصلوات، المحافظة على الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم قدر الاستطاعة، المحافظة على قراءة آية الكرسي، المحافظة على أداء الصلاة في وقتها بطريقة أكثر هدوءً وأكثر التزامًا.

لا مانع من عمل رقية شرعية، من الممكن أن تقومي أنت برقية نفسك أو أن يقوم أحد أقاربك وأرحامك بذلك، ولا مانع من الاستعانة ببعض المشايخ أصحاب العقيدة الصحيحة الذين يعرف عنهم سلامة العقيدة وسلامة الطريقة.

وعليك بالدعاء منك لنفسك، وأيضًا من والديك لك؛ لأن دعاء الوالدين لا يُرد كما أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام-.

أسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد، إنه جواد كريم، هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • ليبيا احب الله

    السلام علييكم انا عندي نفس اللمشكله واعاني منها واصعبب شي انها جت في وقت ضغوط نفسيه وامتحانات .بس اناا مش ح استسلم واقوي ايمااني بالله قدر المستطاع . وان
    شاء الله يشفينا ربي برحمته يااااارب

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً