الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي رهاب عند مواجهة الآخرين وخوف من المجهول.. فما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم
في البداية أشكر جهودكم المبذولة

أنا شاب بعمر 25سنة، أعاني من ضعف الثقة بنفسي، وأحس أني أدني قيمة من الناس، حتى مع من هم أصغر مني سنا، لا أستطيع التكلم أمام مجموعة من الناس، وخاصة الغرباء، ولا أستطيع الاختلاط بالناس وتكوين علاقات معهم، خوفا من انتقادهم لي.

كما أعاني من القلق والخوف من المجهول كثيرا، وكذلك لدي رهاب من بعض الفواكه، وأخاف من لمس بعض الحيوانات، كالخروف والطيور، مثل البلابل والعصافير والدجاج، وهذه الحالة معي منذ الطفولة، وإلى الآن.

أرجو تشخيص حالتي، مع فائق الشكر والاحترام.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

المخاوف أثناء فترة الطفولة كثيرة جدًّا، وهي حالة طبيعية تختفي تلقائيًا، لكن في بعض الأحيان قد تستمر هذه المخاوف خلال فترة البلوغ، وقد تستمر بعد ذلك أيضًا، ونوعية المخاوف التي تعاني منها هي مخاوف بسيطة، ولديك أيضًا خوف اجتماعي من الدرجة البسيطة.

لكي تواجه هذه المخاوف (أولاً) لا تقبلها، وأقصد بذلك أن تفكَّر، وأن تُحلل الأمور، وأن تسأل نفسك، ما الذي يجعلك تخاف؟ لماذا لا تكون مثل بقية الناس؟

موضوع أنك لا تستطيع أن تلمس بعض الحيوانات كالخراف: هذه الحيوانات الجميلة الوديعة، وكذلك الطيور: أليس هذا أمر غير مقبول وهو أمر سخيف، نعم قطعًا.

الإشكالية أن بعض الناس تقبل الأعراض حتى وإن كانت سلبية، وتتعامل معها على هذا النطاق حتى تصبح هذه المخاوف عادات وتستمر، الشيء المهم هو أن تطرح هذه التساؤلات على نفسك، اطرحها بعمق، وتبدأ في المواجهة، ولا بد أن تحقر فكرة الخوف.

بالنسبة لموضوع تدني قيمتك الذاتية أمام الناس حسب ما تعتقد: هذا أيضًا مفهوم خاطئ جدًّا، ومن أخطر الأشياء هو سوء تقدير الذات، يعني أن الإنسان يقلل من شأن نفسه ويتمسك ببعض الإخفاقات والسلبيات البسيطة الموجودة لديه، وقد تكون موجودة لدى الكثير من الناس، ويبدأ في تضخيمها وتجسيمها، ومن هنا تسيطر فكرة اضمحلال أو سوء تقدير الذات.

هذا أيضًا مفهوم يجب أن تعيد النظر فيه، يجب أن تقيِّم نفسك بصورة صحيحة، أنت شاب، مسلم، قوي - إن شاء الله تعالى – لك آمال مثلك مثل الآخرين، يجب أن تكون لك أهداف، لك برامج في الحياة تسعى لتحقيقها، فليس هنالك شيء يجعلك تقلل من قيمة ذاتك.

الأمر الآخر – وهو ضروري – هو: أن تحسّن مفهومك عن نفسك، وتجمّل صورتك الذهنية حول ذاتك من خلال الأفعال والإنجازات، كل عمل تقوم به هو عمل ذو قيمة، كل مساعدة تقدمها للآخرين هي قيمة عظيمة، كل صلاة تؤديها بخشوع هي قيمة أعظم (وهكذا) فلا تقلل من قيمة ذاتك، ولا تخف من الفشل أبدًا.

الذين يخافون من الفشل دائمًا يقعون في مشكلة عدم تقدير ذواتهم بصورة صحيحة، واعمل بجد في بر والديك، هذا يعطيك مردودًا إيجابيًا نفسيًا كبيرًا جدًّا، ويحسِّن من تقديرك لذاتك.

طوّر نفسك أيضًا في مجالات الحياة كلها، في مجال العمل، في مجال الاطلاعات، التواصل الاجتماعي، احترام الناس وتقديرهم، هذا ينعكس عليك إيجابًا خاصة على تقديرك لذاتك.

ما حدث في أثناء الطفولة من مخاوف: هذا يجب أن تتركه خلف ظهرك تمامًا، الحياة تُقيَّم من خلال ما هو حادث الآن وما سوف يحدث في المستقبل - إن شاء الله تعالى- إذًا عش الحياة بقوة والمستقبل بأمل ورجاء.

الحيوانات لا بد أن تعتني بها وتتأمل فيها كخلق من خلق الله، ولا تبتعد عنها أبدًا، لأن الابتعاد أو الهروب من مصدر الخوف يؤدي إلى المزيد من الرهاب.

النقطة الأخيرة: هي العلاج الدوائي، والأدوية مفيدة جدًّا في حالتك، وأنت تحتاج لدواء واحد مضاد للمخاوف اسمه (زيروكسات Seroxat) هذا اسمه التجاري، ويعرف علميًا باسم (باروكستين Paroxetine) جرعته هي أن تبدأ بعشرة مليجرام – أي بنصف حبة، تتناولها يوميًا لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة – أي عشرين مليجرامًا – تناولها لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة ليلاً لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً